قالت مجلة " تايم" الأمريكية إن الرئيس المصرى "محمد مرسى" يواجه أصعب اختبار منذ انتخابه رئيسا لمصر قبل 5 أشهر تقريبا.
وأشارت المجلة إلى أنه بينما يناضل "مرسى" من أجل مواجهة الأزمة المستمرة والمتصاعدة فى قطاع غزة، واجهت مصر صباح أمس "السبت" تحديا جديدا، حيث توفى 51 شخصا تقريبا منهم 49 طفلا فى كارثة مأساوية، عندما اصطدمت حافلتهم المدرسية بقطار في محافظة أسيوط، واعتبرت المجلة أن الحادثين ضربتان موجعتان لـ"مرسى".
ورغم ان الحادث المأساوى غطى، على الأقل مؤقتا، على قضية غزة، حيث تصدر الجزء العلوى من الصفحات الأولى للصحف وصدارة نشرات الأخبار، إلا أن كلا المأزقين ضاعف محنة الرئيس "مرسى"، فحادث القطار يعتبر أول أزمة محلية بحتة بهذا الحجم، تواجه الرئيس منذ توليه المهمة في أواخر يونيو.
ورغم أن "مرسى" أرسل على الفور رئيس وزرائه "هشام قنديل" (الذي كان قد زار غزة في اليوم السابق) إلى مركز منفلوط المنكوب في محافظة أسيوط، إلا أنه تم منع "قنديل" والوفد المرافق له من الاقتراب من مكان الحادث من قبل حشود من القرويين الغاضبين وعائلات الاطفال القتلى، وهو ما يعتبر تحديا للرئيس الذى يراهن دائما على الشارع فى مواجهاته مع التيارات السياسية المختلفة.
ضغط الشارع
ويبدو أن الإجراءات التى اتخذها "مرسى" بإحالة المسئولين عن حادث القطار الى التحقيق وقبول استقالة وزير النقل ورئيس هيئة السكة الحديد، لم تكن كافية لإرضاء الجماهير الغاضبة.
وفى ظل المناخ السياسى الملتهب فى مصر والانقسام المتزايد المرير، ضاعفت الجماعات والحركات السياسية من ضغطها على الرئيس "مرسى" وإدارته، حتى أن حركة " 6 إبريل" التى أيدته فى جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية ضد المرشح "أحمد شفيق"، أصدرت بيانا تنتقد فيه بشدة الرئيس، لفشله فى تنظيف الهيئات الحكومية من المسؤولين الفاسدين وغير الأكفاء الباقين من عهد "مبارك".
وأشارت المجلة إلى محنة القطار جاءت بينما يعانى "مرسى" بشدة فى ظل الوضع المتفجر بين حركة حماس واسرائيل فى قطاع غزة، فهو مطالب أمام العديد من المصريين، وكذلك حركة "حماس" أن يغير النهج الذى سلكه سلفه "مبارك" طيلة 29 عاما فى التعامل مع حركة حماس والعلاقة الوطيدة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وقد أدت سياسة "مبارك" إلى مزيد من الحصار لقطاع غزة ، حرصا على إرضاء أمريكا وإسرائيل، وإذا كان "مرسى" حريصا على التعاطف مع "حماس" ، فإنه فى نفس الوقت لا يمكن أن يغامر بعلاقاته مع الولايات المتحدة وبالتالى إسرائيل.
وقالت المجلة إن حوادث القطارات تأتى ضمن مجموعة كبيرة من القضايا المحلية الأخرى التى تعانى منها مصر، ويعانى قطاع النقل من مشاكل مزمنة، حيث إن الطرق العامة والسريعة تعاني من قلة النظام الإهمال والصيانة الرديئة وعدم تطبيق معايير السلامة المناسبة، وتعتبر مصر من أكثر بلدان العالم تسجيلا للقتلى فى حوادث الطرق السريعة، فلا يكاد يمر شهر، إلا وتقع كارثة فى السكك الحديدية، حيث تقع حوادث القطارات بانتظام تقريبا.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قتل ما لا يقل عن اربعة اشخاص وإصابة أكثر من 30 في حادث قطار في الفيوم ، وفي يوليو، أصيب 15 شخصا في محافظة الجيزة، عندما خرج قطارعن القضبان، وفي أغسطس 2006 ، اصطدم قطاران وجها لوجه، شمال القاهرة مما أدى الى مقتل 58 وجرح 140 .
وكانت أسوأ كارثة قطار في مصر ، والتى اعتبرت علامة سوداء على عصر مبارك وقعت في عام 2002 ، عندما اندلع حريق في سبع عربات من قطار ركاب مكتظ فى الصعيد، مما أسفر عن مقتل 373 شخصا، وأنحي باللائمة وقتها على أنظمة السلامة المتراخية التي سمحت للمسافرين الريفيين باستخدام مواقد الغاز المحمولة فى عربات القطار الخشبية.
ووقع حادث تصادم قطار آخر فى عام 2002 فى الجيزة ولقى 18 شخصا مصرعهم ، ووقتها كان هناك سياسى ناشئ يدعى "محمد مرسى"( الرئيس الحالى) عضو فى جماعة الاخوان المسلمين ونائب فى البرلمان، ووجه نقدا لاذعا للحكومة ، وقال إن الحادث، يعكس الإهمال الواسع النطاق من جانب كبار المسؤولين، بمن فيهم رئيس هيئة السكك الحديدية ، ووزير النقل ورئيس مجلس الوزراء، والآن يجلس نفس الشخص على مقعد الرئاسة ويملك القرار !.