الاثنين ١٩ نوفمبر ٢٠١٢ -
٥٨:
٠٥ م +02:00 EET
بقلم: يحيى الوكيل
بداية أنا لا أدافع عن شيخ الأزهر أحمد الطيب فلى عليه مآخذ كثيرة، فقد كان من كبار السائرين فى دروب الحزب الوطنى وسياساته و نفاقه و تطبيله التى و لا شك ساهمت فى الأداء السيئ لحسنى مبارك؛ و لا أدافع عن مؤسسة الأزهر فلى عليها مآخذ أكثر، فهو المفرخة الحقيقية للسلفية و للإخوان بما تحمله مناهجه من تخاريف قدمت لها فى العديد من مقالاتى السابقة، و فى كتبه التى تدرس لطلاب مدارسه و معاهده و كلياته أصول كل المشاكل و العنف و نبذ الحريات و احتقار الآخر التى نعانى منها اليوم، ناهيك عن المستوى العلمى المتدنى بشدة لخريجيه حتى يكاد يكون من غير الضرورى تصور أنهم قد تخرجوا من جامعة غير الجامعة السلفية بإسلام أباد.
أنا إذن لا أدافع عن شخص، أو منصب، أو مؤسسة.. هذا المقال منصب على فضح منحى جديد من مناحى إنتهازية الإخوان و فقط.
الإخوان يملؤون الدنيا طنطنة عن استقالة وزير النقل الإخوانى لمسئوليته السياسية عن الحادث، و لو أنصفوا فالمسئولية السياسية لا يتحملها الوزير فقط بل تمتد لتشمل رئيس الوزراء و تشمل أيضا رئيس السلطة التنفيذية للدولة الذى أتى بوزير لا كفاءة له إلا أنه عضو فى الجماعة – و هو ما لا ينطبق فقط على وزير النقل بل يشمل كل الوزارة التى اختارها مكتب الإرشاد و قام بإملائها و فرضها السيد الرئيس المفروض على مصر تحت تهديد حرق البلد.
الإعلام الإخوانى يتكلم أيضا و يبرز بشكل لا تخطؤه العين أو الأذن عن تعبئة الأتوبيس المنكوب بما يزيد على الستين طفلا بينما الرخصة لا تسمح بغير حمل تسعة و عشرين طفلا فقط؛ و الغرض هنا إبراز مسئولية المعهد الأزهرى عن تحميل عدد أكثر من الطلاب عن المسموح به قانونا مما يجعل هناك وجها للمساءلة لإدارة المعهد و المسؤول عنها بالتبعية شيخ الأزهر التابع لمؤسسته هذا المعهد و إدارته.
الرسالة الإعلامية واضحة، و هى إحراج شيخ الأزهر لمسئوليته "السياسية" عن الحادث و دفعه لتقديم استقالته و التخلص منه بيده حيث أنهم لا يملكون عزله عن هذا المنصب الذى يحلمون بزرع واحد من جماعة الإخوان فيه؛ و هى انتهازية مقيتة أن يستغلوا مصرع أكثر من خمسين من زهور مصر ليحققوا مكاسب سياسية، لكن هكذا دائما هم الإخوان. ألم يستغلوا استشهاد كل من قضى فى الثورة ليركبوا عليها و يصلوا للحكم، للغلبة؟ أيعز عليهم مصرع خمسين آخرين – و لو كانوا أطفالا، و لو كانوا أزهريين من الذين وقف أمامهم محمد مرسى يقرظهم و يصفهم بالقادة و بأن قيامهم بالدعوة هو أجل الأعمال؟ لم يكن كلامه كما هو الحال معه دائما إلا محاولة لاستمالتهم لصفه فى صدامه القائم مع شيخ الأزهر و المؤجل لحين تحين فرصة – و قد وجد الإخوان الفرصة فى دم الأطفال المهرق على شريط سكة حديد فى صعيد مصر، و للسخرية فى أكثر محافظة "أعلن" أنها رجحت كفة مرسى فى انتخابات الرئاسة.
الإخوان يطبقون المبدأ القائل: تقدموا فوق جثث من سقطوا.
أتساءل عن رد فعل الأزهر، و ماذا سيفعل شيخ الأزهر فى هذا الأمر؟ فمسئولية إدارة المعهد الأزهرى فى مخالفة القانون و تحميل الأتوبيس بحمولة تزيد عن المصرح له به واضحة و لا لبس فيها و قد تؤدى إلى المساءلة الجنائية لو قام النائب العام بما يجب عليه القيام به. و دور مؤسسة الأزهر فى مساءلة و حساب إدارات المعاهد التابعة لها أيضا واضحة و ضرورية و لا لبس فيها.
فهل سيخضع شيخ الأزهر لابتزاز الإخوان و إحراجهم له و يستقيل تخوفا من أن يستغل مرسى مسئوليته و يوجد له مستشاروه أرضية لعزل شيخ الأزهر – و هم خليقون ان يفعلوا و هم الذين أفتوه قبلا بتجاهل أحكام المحكمة الدستورية العليا؟ أم سيضحى بإدارة المعهد الأزهرى و يقوم بسلسلة من الإجراءات التى قد تطمئن أهالى طلبة معاهده و جامعاته و تضمن له وقوفهم فى صفه إن احتاج لرفض قرار عزله كما رفض قبله النائب العام؟
سيكون من المثير ترقب خطوات كلا من الطرفين فى الأيام القادمة، و من المحزن أن نعرف أن هذه المباراة تدور على أشلاء أطفال أبرياء.