بقلم: نبيل المقدس
قبل ما أدردش معكم في الموضوع أحب أن قدم لكم من هو " خنت دَجَرْ " الذي إخترته خصيصا لزوم السجع الموجود في عنوان المقال .. قال يعني أنا حريف شعر ...!!! هو ملك غير مشهور من الأسرة المصرية الأولي .. سنة 3050 ق. م .. حكم مصر لمدة حوالي 57 سنة .. ويُعتقد طبقا للنقوش التي تواجدت في قبره أنه قام بحملات في بلاد النوبة وليبيا .. وقد تم إكتشاف مقبرته بجانب مقبرة زوجته " مرنيث " التي تولت العرش من بعده لكون ابنه كان قاصرا . أي أن " خنت دجر " كان فرعونا مثله مثل كل الفراعنه .. ولم يكن إلها يُعبدونه .
شــر البلية ما يضحك .. شاهدت حلقة من برنامج " العاشرة مساء " لمقدمه الإعلامي اللامع وائل الإبراشي مستضيفا احد شيوخ الفتاوي .. "إللي بيقعدوا علي القهاوي" .. وكان الحوار في منتهي الكوميديا لأن هذا الفتوجي و بعد جهد من الدراسات الدينية والفقهية والتشريعية والمنطقية والعقلية والقلبية والنرجسية والإرهابية , مع تجاهل الدراسات العلمية والتاريخية والجغرافية وقصص الأطفال وحلقات بابا شارو وماما سميحة وأبله فضيلة ولا أعرف ما هو سِر هذا التجاهل إلاّ انه اكيد مُصاب بالجهل وبالأمية , ومن أكل الفول والطعمية .. والجلوس مع معشر الأغبياء و التردد كثيرا إلي سرايا العباسية وسرايا الصفرا بالخانكة .. فقد صرح هذا الفتوجي في حلقة الإبراشي بأنه سوف يسعي جاهــــدا في هــــــدم تمثال ابو الهول والأهرامات وكل ما هو حجـــــر من تماثيل فرعونية ومسلات , والتي يسيل إليها لعاب شعوب العالم أجمع في الحصول حتي ولو للحظة في مشاهدة آثار مصر القديمة والتصوير بجانبها كنوع من الذكري العظيمة والفخر بأنهم تمتعوا بمشاهدة هذه المعجزات الفنية , والتي تحكي تاريخ مصـــر القديم ..
ففد تعلمنا من الأهرامات اسرارا كثيرة عن تاريخنا القديم .. ومن حجر رشيد تعرفنا علي لغتنا القديمة .. وهناك معابد منقوش عليها تاريخ عصورنا .. وكيف عاش أسلافنا .. ولا ننسي أن من هذه التماثيل أدركنا أن أسلافنا هم رواد العلوم الفلكية والهندسية والطبية قبل حضارات بلاد مابين النهرين وبلاد البدو والعرب .. واحب أن اعلن لهذا الفتوجي أن طب الأعشاب تم إكتشافه قبل طب العرب بآلاف السنين .. بالإضافة أن كثيرا من الجراحات وبتر الأعضاء قد تمت في عصور مصر القديمة .. وانها تم استخدامها للعلاج وإزالة الآلام أي تم إكتشافها واستخدامها رحمة ورأفة للموجوعين .. ولم تُستخدم في الإنتقام او لتطبيق شريعة وسنن .. كما أن التاريخ المنقوش والمحفور علي جدران المعابد تحكي أول عملية قيصرية تمت علي ارض مصر , مع تصميم أول كرسي ولادة للمرأة رأفة بها وإهتماما بالمولود .. بعكس الحضارات الأخري التي كانت تتفنن في تعذيب المرأة وفي كيفية إقصائها وممارسة إذلالها حتي في وقتنا هذا.
أسلافنا المصريون الحقيقيون يا أيها السلفي الزائف لم يعبدوا هذه التماثيل .. بل كانت التماثيل تعبيرا عن مدي قوة ومقدار ثقافتهم وفكرهم المنير بالإضافة إلي وسيلة لتسجيل تاريخهم وثقافتهم التي فاقت كل ثقافات العالم .. اما قولك أنك تخشي بأن يتوجه بعض المصريين إلي عبادتهم , فهذا أمر مضحك جدا .. تعالي معي أيها الشيخ المزيف في رحلة إلي أعماق كتب التاريخ .. لكي نتعرف علي ما هي الأشياء الحقيقية والتي تستحق أن تهدمها سيادتك :
يقول المؤرخ العلامة "جــــواد عــلى" في كتابه المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام .. دار العلم للملايين ، ببيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثانى 1980 ص 681 تحت عنوان "العرب وعبادة الثالوث الوثني " . يقول عنها أنها عبادة لثلاثة أجرام سماوية .. هي الأجرام البارزة الظاهرة التي بهرت نظر الإنسان "العربي" ، مثل الشمس .. والقمر.. والزهرة، وإن كانت " الزهرة " غير بارزة بروز الشمس والقمر، غير أنها ظاهرة واضحة مؤثرة بالقياس إلى بقية الأجرام ذات مظهر جذاب، ولون باهر خلاب، وقد يكون هذا المظهر الجميل الأخاذ هو الذي جعلها "إبناً " للشمس والقمر في عبادة "العرب" ومعتبرين أن القمر "أباً" في هذا إلثالوث، وصار هو الإلهَ للعرب، وكبير الألهة. وصارهذا الإله له منزلة خاصة لدي العرب وخصوصا في الجنوب .
وهذا ما حدا ببعض المستشرقين إلى إطلاق ديانة القمر على ديانة العرب الجنوبيين على سبيل التغليب، وعلى الذهاب إلى أن هذا المركز الذي يحتله القمر في ديانة العربية الجنوبية لا نجدهُ في ألديانة لأهل العرب الشماليين، مما يصح أن تجعله من الفروق المهمة التي تميزالعرب الجنوبيين عن العرب الشماليين الذين إتخذوا من الشمس إلها لهم ويرجع أولئك المستشرقون هذا التباين الظاهر بين عبادة العرب الجنوبيين وعبادة العرب الشماليين وتقدم القمر على الشمس عند العرب الجنوبيين إلى الاختلاف في طبيعة الأقاليم الجوية والى التبآين في الثقافة، ففي العربية الجنويية يكون القمر هادياً للناس ومهدئاً للاعصاب، وسميراً لرجال القوافل من التجار وأصحاب الأعمال في الليالي اللطيفة المقمرة، بعد حرّ شديد تبعثه أشعة الشمس المحرقة، فتشل الحركة في النهار، وتجعال من الصعب على الناس الاشتغال فيه، وتميت من يتعرض لأشعتها الوهاجة في عز الصيف القايظ .. لذلك إتخذ عرب الجنوب القمر " الذكر " إلها لهم .
أما عرب " شمال جزيرة العرب " فقد قدموا عبادة الشمس " الأنثي " عن عبادة القمر .. لأنهم إكتشفوا أن الشمس هو مصدر لنمو النباتات نموا سريعا . وفي نفس المقال يقول العالم " جواد علي " أن بعض من السياح قد لاحظو ان آثار عبادة الشمس والقمر لاتزال كامنة في نفوس بعض الناس والقبائل،حيث تتجلى في تقدير هذين الكوكبين وفي تأنيب من يتطاول عليهما بالشتم أو بكلام مُسيء وفي تعظيمهما من بين سائر الكواكب تعظيماً يشيرإلى انه من بقايا الوثنية القديمة على الرغم من إسلام أولئك المعظمين .. من الدول العربية وأيضا من بعض ارياف مصــــــر في الجنوب .
وصل بنا الحال وخصوصا بعد قيام ما يُقال عليها ثورة يناير , وسرقة زمام امور الدولة من الشعب المصري الأصيل مسيحييها ومسلميها من قبل بعض من المتأسلمين والذين إتخذوا من دياناتهم مصدرا للفزاعة وللإسترزاق علي حساب هذا الشعب الطيب .. لكي تخرج علينا مجموعات وفرق لا نعرف مصادرها او اي جهة تقوم بتمويلها لكي تُلقي قنابل وصواريخ ارض ارض من الفتاوي الفتاكة من أجل هدم مصـــر لحساب دول أخري تريد أن تتقدم وتصبح هي الرائده بين الدول العربية ... لكن احب أن اقول وبكل تأكيد أن الشعب المصري هو الوحيد الذي يستطيع أن يحمي آثار وامجاد اجداده ... كما هو الوحيد الذي صان وحفظ الأديان الثلاثة وما يزال يعمل علي إرتقائهم إلي المستوي المناسب لكل عصــــــــــر ..... !
إلي كل من يريد هدم الأهرامات وابي الهول وابي سنبل وإلقاء توت عنخ امون ومراكب الشمس وتماثيل ملوك وملكات مصر القديمة وغيرهـــا في عرض البحـــار بالإضافة إلي ردم النيل العظيم .. عليهم أولا إن إستطاعوا أن يسقطوا ما خلقه الله تعالي من كواكب ونجوم من أعالي السماوت لأنها هي الأكثر عُرضـــة في جذب كل من هو أهبل وجاهل إلي عبادتها مرة أخري , تيمناً لأسلافهم ذوي الجذور غير المصرية وأصحاب "ديانة التثليث الوثني" .. لأنني متيقن تماما أنه لا يُوجد مصــري واحــد مهما بلغ من تطرفه الديني أن يتجرأ و يغتصب مقتنيات مصـــــــــــر القديمـــــــــة .... !
فعلا .. بدأت أخشي أن يأتي اليوم وأردد وأقول " أنا لا أستحق أن أتمتع بترابك وبنيلك وبحضارتك وبديانتك يا مصـــر !!