الأقباط متحدون - اتضعا فأرتفعا
أخر تحديث ٠١:١٢ | الخميس ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢ | ١٣ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٥٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

اتضعا فأرتفعا


بقلم: د. رأفت فهيم جندى  
شمعة منيرة وسط ظلام حالك، لا يستطيع الظلام امامها إلا ان  ينقشع ويتوارى خجلا، هكذا كان اداء الكنيسة القبطية فى أنتخابات وتجليس البابا تواضروس الثانى وسط الظلام السياسى الدستورى المصرى، ولقد كان اداء المايسترو نيافة الانبا باخوميوس منذ نياحة ابينا الطوباى قداسة البابا شنودة حتى اسلم عصا الرعاية للبابا تواضروس رائعا.
 
كم أثرفي جميعنا تواضعه وانكاره لذاته، فلم يجلس على كرسى البابا طوال فترة رئاسته الإنتقالية رغم انه يحق له هذا، ولكنه آثر أن يجلس على كرسى بجواركرسى البطريرك، وقبًل بتواضع جم يد تلميذه البابا تواضروس وقال له انه سيصير له ابنا وخادما تحت قدميه وهو فى الحقيقة والواقع استاذه.
وبسبب تواضعه قاد نيافة الأنبا باخوميوس مرحله بالغة الأهمية والصعوبة بمهارة شديدة وانهاها على احسن ما يكون، وبسبب تواضعه ايضا نقول له نحن، عظمة... على عظمة... على عظمة... يا أنبا باخوميوس.
 
ولقد رأينا نفس تواضع الأنبا باخوميوس فى تلميذه البابا تواضروس الثانى, فانسكبت من البابا دموع غزيرة طوال طقوس تنصيبه بطريركا وتجليسه على كرسى القديس مارمرقس الرسول.  
 
أنتخابات الأب البطريرك جذبت اهتمام العالم لأن الكنيسة القبطية اقدم كنيسة تقليدية اسسها مارمرقس الرسول حوالى عام 61 واستشهد فى الإسكندرية عام 68م، وكانت رائدة وقائدة للعالم المسيحى كله لمدة اربعة قرون متوالية، وعلًمت العالم الرهبنة، فدُرست قوانين رهبنتها (باخوميوس كانونيا) فى المسكونة، ووقت ظهور الهرطقات حمت الكنيسة القبطية الإيمان المسيحى المستقيم على يد البابا اثناسيوس الرسولى والقديس كيرلس عمود الدين والبابا تيمثاوس والبابا ديسقورس والبابا ثيودوسيوس وحضنت ابنائها الأوفياء وسط الازمات، فلم يهلك منهم إلا ابن الهلاك. 
 
بالتأكيد كانت هناك اخطاء للبعض، وعدم حكمة فى بعض الأقوال او بعض التصرفات للبعض الآخر طوال ه ذه القرون الطويلة، ولكن لأن البنية الأساسية سليمة معافية تسير على خطي رسل السيد المسيح كان دائما من السهل جدا ترميم كل اعوجاج بسيط لأن المجتمع الكنسى تتمثل فيه كل الشخصيات وليس مجتمع المدينة المثالية "يوتيبيا" الذى بلا اى عيوب والذى لا يوجد فقط إلا فى السماء، ولهذا نرى فى قياداته الدينية الكثير من الآباء الذين يزكون ويفضلون الآخرين عن انفسهم, ونرى ايضا احيانا نمط الذى يستهويه المنصب ويذهب قلبه وتصرفاته وراءه، ورأينا الراعى الحكيم الذى يدير السفينة بكل نضوج الحكمة، ونرى الأب البطريرك الذى يبكى لتسلمه عصا الرعاية بأحساس المسؤلية وعدم الأستحقاق ايضا. 
 
وعندما تولى الرئيس الحالى لمصر خص فى خطابه اهله وعشيرته بالرغم من انه من المفروض أنه رئيس لكل المصريين! ولكن البابا تواضروس بالرغم من كونه بطريركا للأقباط قال عند وقوع اختياره بالقرعة الهيكلية انه سيكون آبا لكل المصريين المسيحيين منهم والمسلمين، ولم ينسى فى كلمة تنصيبه تقديم التعازى لأسرمصابى تصادم قطار اسيوط باتوبيس اطفال، واقتصرت مناصب تجليسه على الطقوس الكنسية مراعاة لمشاعر أهالى الضحايا.
 حقا لقد اتضع كل من الأنبا باخوميوس والبابا تواضروس فارتفعا، وكما قال السيد المسيح "فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ."

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter