بقلم شريف منصور
هل هي مصادفة أم هي اختيار و اختبار لذكاء الشعب المصري وتلاعب بعواطفه نحو قدسية قرارات محمد مرسي.
قرارات إقالة المجلس العسكري كانت ليلة القدر و قرار إقالة النائب العام وذبح القضاء كانت ليلة عاشوراء. هل هذه مصادفة أم أنها مقصودة. بالطبع لأي شخص عادي هذه القرارات العشوائية سينظر إليها علي أنها تزامنت مع حضور و سفر هيلاري كلينتون. وكأن هيلاري كلينتون هي التي تصدق علي قرارات محمد مرسي العجيبة الغير دستورية. فهل هذا يقصد منه توريط الولايات المتحدة في قرارات ضد الديموقراطية و أمريكا تقول أنها أم الديموقراطية ؟
ام في الحقيقة أن القرارات المصيرية لحكم الديكتاتور المتأسلم محمد مرسي تصادفت عن عمد مع مناسبتين من أهم المناسبات الدينية الإسلامية ؟
حقيقة وليست خيال ان هذين القرارين الغير دستوريين أصدرهم محمد مرسي في عشية سفر هيلاري كلينتون من مصر مرتين وفي عشية ليلة القدر و في عشية عاشوراء.
فهل يتخذ مرسي من ليلة القدر ساترا حتى يأتي بما يأتي من قرارات و كأنها ستكون مقبولة مهما بلغت من سوء لأنه أتخذها في ليلية القدر. ومع أن ليلة القدر لا يعرفها احد و حتى شواهدها لا تنطبق اليوم علي ما جاء في الأحاديث الا في بلدان الصحراء فهي حجة وذريعة كان من الأفضل ان لا يلصق بها المتأسملون قرارات فاشلة مثل قرارات مرسي الأولي . فليلة القدر اقدس و اهم من أن يحاول محمد مرسي استغلالها للعب بعواطف المصريين علي أنها قرارات مباركة لأنه اتخذها في ليلة القدر. أنني لا اتهم محمد مرسي ولا اتهم هيلاري بأرتكاب أي خطأ غير انها قرارات خاطئه تصادفت مرتين في حضور هيلاري كلينتون و في مناسبتين دينيتين !!!
و بالتأكيد انها قرارات ليست مباركة و بالتأكيد علي هذا قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم في حديث صحيح قال " عن عبد الله بن أنيس أنه قال: «يا رسول الله، أخبرني في أي ليلة تبتغى فيها ليلة القدر. فقال: "لولا أن يترك الناس الصلاة إلا تلك الليلة لأخبرتك"».
اما موقعة بيانات محمد مرسي الأخيرة في ليلة عاشوراء فهي أسوء من سابقتها و فيها تضاد بين أهل السنة و أهل الشيعة ، ويا لها من صدفه فهي ليلة يحتفل بها اليهود أيضا علي حد حديث شريف أيضا عن النبي صلي الله عليه وسلم ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ( قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى ، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) [ رواه البخاري 1865 ].
وصيام عاشوراء كان معروفا حتى على أيّام الجاهلية قبل البعثة النبويّة فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت " إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه " .. قال القرطبي : لعل قريشا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السّلام . وقد ثبت أيضا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يحتفلون به فسألهم عن السبب فأجابوه كما تقدّم في الحديث وأمر بمخالفتهم في اتّخاذه عيدا كما جاء في حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا [ وفي رواية مسلم " كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود تتخذه عيدا " ، وفي رواية له أيضا : " كان أهل خيبر ( اليهود) .. يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم " ] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَصُومُوهُ أَنْتُمْ) [ رواه البخاري] .و هكذا يعتبرونها ليلة مقدسة أيضا فهل الهدنة بين إسرائيل وحماس لها اي علاقة . كان اليهود يصوموا في هذا اليوم و حتى أهل قريش و أهل المدينة قبل الإسلام وهذه القرارات الديكتاتورية تعيد الي الأذهان الإحداث الأليمة لذكري عاشوراء في الإسلام.
يوم عاشوراء هو عاشر المحرم، وهو اسم إسلامي، وجاء عشوراء بالمد مع حذف الألف التي بعد العين كلمة عاشوراء تعني العاشر في اللغة العربية، ومن هنا من تأتي التسمية، واذا ما تم ترجمة الكلمة ترجمة حرفية فهي تعني "في اليوم العاشر". أي اليوم الواقع في العاشر من هذا الشهر "محرم"، وعلى الرغم من أن بعض علماء المسلمين لديهم عرض مختلف لسبب تسمية هذا اليوم بعاشوراء إلا انهم يتفقون في أهمية هذا اليوم.
وتحدث بعض المؤرخون، وبالأخص العلماء السنة عن العديد من الأحداث التي حصلت في العاشر من محرم مثل أن الكعبة كانت تُكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء ثم صارت تُكسى في يوم النحر. وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا وأنزله من السفينة، وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من نمرود، وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب، وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده ونجى موسى وبني إسرائيل، وفيه غفر الله لنبيه داود، وفيه وهب سليمان ملكه، وفيه أخرج نبي الله يونس من بطن الحوت، وفيه رفع الله عن أيوب البلاء، و للتدقيق حيث ان هذه الأحداث كلها أنكزها بعض علماء أهل السنة الا أن الصحيح منها هو يوم نجاة موسي النبي بغرق فرعون و الدليل علي هذا من الناحية الإسلامية . ومع هذا تنقل بعض كتب أهل السنة والجماعة ان النبي محمد صامه عندما علم أن يهود المدينة يصومونه وهذا ايضا موضوع خلاف بين علماء أهل السنة . ولكن القصد من السابق هو فتح الباب للاجتهاد في المعرفة لا أكثر ولا اقل حتي نعرف لماذا أختار محمد مرسي هاتين المناسبتين لكي يصدر فيهما قرارات تقسم شعب مصر أكثر مما هو منقسم.
الخلاصة العلم لم يعد مقتصرا علي احد بفضل الانترنيت وليس بفضل احد و اصبح عدم المعرفة و التدقيق مسئولية كل إنسان . فلم يعد يستطيع أي انسان ان يتعلل بعدم المعرفة عندما يرتكب خطأ .
فهل محمد مرسي وكل من يحيط به من مستشارين إلي هذا الحد من عدم المعرفة بعواقب القرارات الأخيرة ؟ هل كان محمد مرسي يتخيل بقراراته هذه أنه سيثبت أنه الرجل القوي ام الرجل عديم المعرفة ؟ عدم المعرفة ليست حجة بل هي ضده أكثر مما هي له . الرجل القوي قوي بالحق وليس بالتعدي علي الحقوق.
المجتمع المصري وصل الي حد من المعرفة و من التقدم أكثر بكثير من أيام المسلمين الأوائل بدليل أن الله عز وجل قال "علم الإنسان ما لم يعلم" ، فهل نعود بمصر إلي الوراء وننكر تعليم الله لأبناء مصر من المعرفة التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه قبل انهيار الدولة المصرية الحديثة علي يد الأخوان المسلمين ؟
مصر منقسمة انقسام واضح وظاهر للعيان و محمد مرسي قائد أعمي بسبب عنصريته يري نفسه رئيسا للإسلاميين فقط و يتعدي علي غالبية الشعب مستعينا بعصابة إرهابية لا شغله لها ولا مشغلة غير المظاهرات. و بقية شعب مصر الذي لم ينتخبه يحاول جاهدا أن يعود بمصر للاستقرار وفي كل مرة يعود الديكتاتور الإسلامي محمد مرسي لتعكير السلام الاجتماعي بتعديه علي الدولة المدنية. هل حان ألان نناقش تقسيم مصر رسميا وعلنا ؟ وبهذا يكون المخطط الأمريكي الاخواني الصهيوني نجح في انهيار مصر كدولة موحده ؟
وهل ألان أصبحت الحقيقة واضحة أمام العالم أن الشرق الأوسط أصبح في طريقة للتقسيم و التشتت و التشرذم و إنني لست صاحب السبق فيما أتوقعه. ولكن القول يقول من حفر حفرة لاخيه وقع فيها . فلتنتظر السعودية وقطر و أيران الوقوع في نفس الحفرة التي حفروها لليبيا وسوريا ومصر و العراق و تونس و الكويت ولبنان و اليمن .... و الأيام بيننا يا اغبي أمة أخرجت للناس.