الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٢ -
٤٧:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم: ابرام مقار
فى مارس ١٩٣٣ أقر «ادولف هتلر» وبرلمانه نصا دستوريا يُدعى «قانون التمكين»، وقال البرلمان الألماني وقتها إن النص الدستورى يهدف إلى إنهاء معاناة الشعب. وصدر النص الدستورى بعد فترة من الاضطرابات الداخلية وشمل النص الدستوري أربع مواد تضمن للرئيس سلطات مطلقة على الأراضى الألمانية، وتمنع عن السلطات الأخرى فى البلاد حق معارضته بما فيها البرلمان نفسه.
وفى يوم اتخاذ القرار تجمعت ميليشيات النازية «الغير المانية المولد»الموالية ل «هتلر» أمام مبنى الأوبرا الألمانية تدافع عن القرار بل وتم حرق البرلمان على يد النازيين أنفسهم، ورددوا هتافات من بينها «السلطة كاملة وإلا». وهددوا بالقتل كل من يعارض قرارات هتلر أو يصوت ضد النص الدستورى، وتعهد هتلر فى خطابه أمام البرلمان قبل بدء التصويت بعدم استخدام هذه السلطات المطلقة التى يمنحها إياه النص إلا فى الحدود التى تخدم الشعب والوطن، مؤكدًا أن الحالة التى عليها البلاد تستدعى تمتعه بتلك السلطات، وإن كانت القرارات المطلوبة والتى سيتخذها وفقاً للقانون ستظل محدودة جداً ولن تمس الديمقراطية الألمانية علي الاطلاق. لم يصوت ضد القرار سوى ٩٦ عضوا من أصل ٥٢٥ عضوا بالبرلمان الألماني أعدمهم هتلر بعد ذلك استناداً لهذا القانون الاستثنائي. وعقب إقرار هذا النص تم القضاء علي الديمقراطية فى المانيا تماماً حيث قام أدولف هتلر بحل البرلمان وتمت مصادرة الكثير من الحقوق والحريات المدنية والسياسية، وأنفرد هتلر وحده بالقرار باعتباره رئيسا للحكومة الاتحادية، وتناقصت مرات انعقاد مجلس الوزراء بل وتحول مبني برلمان الشعب إلى منصة يلقي منها هتلر خطاباته.
كما قام النازيون بتغيير قانون الانتخاب ليمنح غير الألمانيين من المؤمنين بمبادئ النازية حق الترشح للبرلمان، ليأتى برلمان يدين بالولاء لهتلر ويجدد سريان النص مرتين وكانت بداية الدمار هو قانون استثنائي. وما اشبه الليلة بالبارحة وما اشبه ما حدث في المانيا بما يحدث في مصر الان. هتلر تعهد انه لن يستحدم هذا القانون الاستثنائي الا في اضيق الحدود، كذلك الرئيس مرسي كتب علي صفحته قبل انتخابه ما نصه «لن يستخدم سلطة التشريع الا في اضيق نطاق وذلك في الامور العاجلة مثل مشروع التأمين الصحي وحق الاختيار في الثانوية العامة»، وتغير المشهد من امام الاوبر الي دار القضاء العالي. وممن سمعتهم من مؤيدي مرسي لم يقدموا اسباب مقنعه لتأييد هذا الاعلان "الفرعوني" اللهم الا نكاية في جماعات او افراد او قضاة علي الجانب الاخر تعارضه. وهم يعلمون جيداً ان تحصين الدستورية وتحصين مجلس الشوري لا علاقة له بدماء الشهداء او القصاص لدمائهم. ولا داعي لحديث النوايا فليس هكذا تدار الأمم، ولا توجد ديكتاتورية مؤقتة ولم نري ديكتاتور واحد في التاريخ تحول الي الديمقراطية بل والعكس صحيح رأينا مئات الروساء من بدأوا حكمهم ديمقراطياً وتغولوا واصبح كل منهم ديكتاتور.
ولا يوجد ديكتاتورية تدحض الفساد كما يدعي مؤيدوا هذا الأعلان الدستوري بل جمع السلطات في يد شخص هو حضانة الفساد. وحتي ان اختلفنا مع شخص النائب العام او بعض القضاة، فنحن لا ندافع عن شخص النائب العام لكن ندافع عن منصبه، نحن لا ندافع عن رجال القضاء لكن ندافع عن المؤسسة القضائية والتي ان ابتلعتها السلطة التنفيذية فستتحول الدولة المصرية الي غابة، سندفع ثمنها جميعاً ليس فقط المعارضين بل حتي المؤيدين لتلك السلطة التنفيذية والتاريخ شاهد علي هذا
الشعب المصري بدأ طريق الحرية ومن عرف هذا الطريق وسار فيه لا يمكن ان يرجع الي الوراء، وحتي وان جمع حاكم كل السلطات واراد العبث بدستور الوطن او بمجالسه النيابية لصالح شخصه او جماعته او حزبه فسينتصر الاحرار في نهاية المطاف، وها بعد سنوات قليلة ذهب الطاغية هتلر ومنافقوه بينما قتلاه خلدت ألمانيا ذكراهم بنصب تذكارى فخم وحفرت عليه أسمائهم، وكما انتصر الالمان وصارت المانيا نموذج للحرية والديمقراطية والتقدم في العالم فنحن سنكون ايضاً لا محالة