( 1788- 1868 )
Henry Tattam
مؤلف كتاب "الشامل في قواعد اللغة القبطية " الذي صدرت طبعته الأولي بالانجليزية عام 1830
إعداد/ ماجد كامل'> ماجد كامل
من بين أشهر علماء اللغة القبطية الذين أهتموا بوضع كتاب قواعد للغة القبطية ؛يأتي أسم العالم الإنجليزي هنري تاتام ( 1788- 1868 ) في المقدمة ؛ فهو العالم الذي وضع كتاب Compendious Grammar of the Egyptian Language ؛ والذي صدرت له ترجمة عربية بعنوان "الشامل في قواعد اللغة القبطية " والذي صدرت طبعته الاولي باللغة الانجليزية عام 1862 ؛أما الترجمة العربية له فلقد صدرت عام 2010 كما سوف نري .أما عن هنري تاتام نفسه ؛فلقد ولد في 28 ديسمبر 1788 في أحدي المدن الانجليزية علي نهر ستانفورد ؛ ولقد تدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي رئيس جامعة Rector في أحدي الجامعات الانجليزية .خلال الفترة من ( 1822- 1849 ) ومن الناحية الكنيسة اصبح رئيس شمامسة Archdeacon في أحدي الكنائس الانجليزية خلال الفترة من ( 1845- 1866 ). ثم صار قسيسا Chaplain خاصا لملكة انجلترا Queen إبتداءا من عام 1853 . ولقد انتخب في الجمعية الملكية Royal Society خلال عام 1853 ؛كما قام بزيارة مصر والاراضي المقدسة Egypt and Holy land خلال عامي (1838 – 1839 ) . تقابل خلالها مع البطريرك ( لم تذكر لنا المراجع من كان البطريرك الذي قابله ؛ ولكن بحساب الفترة التي قام بها بالزيارة ( 1838- 1839) ؛ تبين لنا أنه كان البابا بطرس السابع الشهير ببطرس الجاولي البطريرك رقم 109 ( 1809- 1852 ) . وحصل علي مجموعة من البرديات القبطية والسريانية Coptic and Syriac manuscripts قام بوضع جزء في مكتبة المتحف البريطاني British Library ؛ وجزء آخر في مكتبة جون ريلاندز John Rylands Library بمنشستر بإنجلترا . ولقد نال من الدرجات الشرفية من اكاديمية ترينتي بدوبلين Trinity College Dublin ؛ ايضا من جامعتي جونتجين وليدن University of Gottingen and Leiden .
ولقد أستمر في العمل العلمي والكنسي حتي توفي في 8 يناير 1868 عن عمر يناهز ثمانين عاما تقريبا .
أما عن زيارته لمصر خلال عامي (1839- 1839 ) ؛ تذكر لنا المؤرخة الكبيرة إيريس حبيب المصري ( 1918- 1994 ) في موسوعتها الخالدة " قصة الكنيسة القبطية – الجزء الثامن " أن تاتام قد قام بتسجيل بعض ذكرياته عن هذه هذه الزيارة في كتاب بعنوان " جريدة لرحلة إلي مصر" قال فيه " إن الوصول الي القاهرة عن طريق بولاق هو دخولها طريق يبلغ طوله الميلين – وهو طريق واسع جميل وكان أول احتفال شرقي شهدناه في الشوارع المظلمة هو موكب عرس ........ ثم يحكي عن زبيارته لملوي ومشاهداته هناك في أحد الكنائس الصغيرة أيقونة للسيدة العذراء تحمل أبنها الإلهي علي ذراعها الأيسر ؛ وأخري لمارجرجس وهو يطعن التنين ؛ وقد تغطت أرضية الكنيسة بالحصير ليجلس عليها المصلون عليها ........ الخ . ومن أجمل الشهادات التي ذكرها تاتام عن مصر وكنيسة مصر قوله " ومما لا شك فيه أن تاريخ مصر حافل ..... وكل جزيرة مهجورة يمكنها أن تحدثنا عن دير . وكل صخرة مقفرة لا بد فيها صومعة يلجأ إليها متوحد من أتباع الفادي المتألم . وكل قرية علي شاطيء نهرها قد أنبتت خادما من خدام الصليب إلتف حوله المئات ممن اعتنقوا دين السيد المسيح ........ وأن المرء - في الأقصر- ليشعر بسرور مزدوج ؛فالعين تبتهج بجمال الوادي وما فيه من تدرج بالألوان عللي الجبال المشمسة حوله ؛وتبتهج بالآثار المقيمة حتي علي أطلالها ........ وعرجنا علي الكنيسة الصغيرة في اسنا ؛ ووجدنا عددا قليلا من الكتب المتضمنة للقداس الإلهي ...... ثم قدم المؤلف وصفا دقيقا لحالة الأقباط في قوص ؛ جرجا ؛ابيدوس ( البلينا ) ؛ الدير الأبيض (سوهاج) ؛ أسيوط ؛منفلوط ؛ صنبو ؛ المنيا ؛جبل الطير (سمالوط) ؛ بني سويف ( لمن يريد الإطلاع علي النص الكامل للترجمة التي قامت بها المؤرخة الكبيرة :- راجع الكتاب السابق ذكره ؛ الصفحات 123- 129 ).
كما قال الدكتور القس باسيليوس صبحي عن هذه الزيارة " كانت زيارة Archdeacon Henry Tattam إلي مصر للحصول علي بعض المخطوطات القبطية والسريانية من الأديرة القبطية ؛ والذي قدم مذكرتين مهمتين لرئيس أساقفة إنجلترا الأسقف هاولي بتاريخي 13 و17 فبراير 1840 مبينا فيها حال الكنيسة القبطية وذيل تلك المذكرة بالإلحاح بحرارة علي كنيسة إنجلترا طالبا منها مساعدة تلك الكنيسة البائسة علي حد تعبيره " ( القس باسيليوس صبحي :- الكلية الإكلريكية في 125 عاما ؛ الكلية الإكليركية للأقباط الارثوذكس ؛ صفحتي 99 و100 ) .
وفي مقال بالغ الأهمية للمؤرخ الكبير توفيق بك إسكاروس ( 1871- 1942 ) ( راجع مقالي عنه علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ 25 نوفمبر 2021 ) منشور في مجلة " البقظة " عدد شهر نوفمبر 1838 ؛حيث يذكر عن هنري تاتام أنه نشاطه عظيم وقد اتخذ سياسة الود والمجاملة التي سارت عليها الإرسالية الأنجليزية منذ وطئت أقدامها أرض مصر ؛ ثم يذكر عن رغبة هنري تاتام للحصول علي أهم المخطوطات القبطية بنصوصها القبطية والعربية ثم ظهرت الرغبة الملحة للحصول علي أهم المخطوطات القبطية والسريانية والعربية ؛ ومن أهمها مخطوطات دير السريان حيث تم إرسال هذه المخطوطات علي مرتين خلال الفترة من ( 1841- 1843 ) للمتحف البريطاني واستقرت هناك في قسميها ( مجلة البقظة :- عدد شهر نوفمبر 1938 ؛ صفحة 137 ) .
ثم يلخص اسكاروس ما قام به تاتام من جهود في النقاط التالية :-
1-أرسل تتم إلي رئيس أساقفة كنتربري بتاريخ 28 مايو 1836 من مدينة بدفورد Bedford مستفهما عما إذا كانت في مكتبة لامبث Lameth مخطوطات باللهجة الصعيدية كما أبلغه البعض ؛ ومنها كتاب الأنبياء الأثني عشر ؛ ومخطوطات من سفر النشيد وحزقيال ودانيال .
2-خطاب إلي رئيس الأساقفة بتاريخ 4 يونيو 1836 يخبره فيه بحصوله علي بعض مخطوطات قبطية باللهجة الصعيدية معدة للطبع من إيطاليا ؛ وأنه مسافر إلي باريس لنسخ بعض منها .
3-خطاب آخر إلي رئيس الأساقفة بتاريخ 13 يونيو 1836شاكرا له إرسال الرد وانه معتزم السفر إلي باريس إذ وصله خطاب مسيو دو داردن Dugarden حافظ المخطوطات بمكتبتها الأهلية بتاريخ 11 مارس 1836 .
4-خطاب إلي رئيس الأساقفة بتاريخ 22 يونيو 1836 يخبره ان الدكتور بيرون Peyron حافظ المخطوطات بميلانو سيحضر إلي باريس ليبحث الموضوع بشأن تبادل المخطوطات .
5-خطاب إلي رئيس الأساقفة بتاريخ 6 أكتوبر 1836 بضروة مقابلة مستر جريمشو Griimshawe بخصوص الترجمات القبطية الصعيدية ومؤشر علي هذا الخطاب أنه سيبحث في موضوعه مع أسقف لندن .
6-وصله خطاب من بطرييرك الأقباط بتاريخ 22 اغسطس 1837 بوصول كتاب الأنبياء الصغار ؛ وعرف أنه كان في ملك الكاردينال بورجيا Borgia صاحب المتحف الذي علي أسمه بمدينة فلتريVelti قرب روما ؛مخطوطات مهمة بالهجة الصعيدية .
7-قدم مذكرة لرئيس الأساقفة أنه طلب 300 مخطوطة ؛ ويقترح شرائها بمبلغ 750 جنيه يضاف إلي مصاريف تمنحها الحكومة لذلك .
وهنا سرعان ما فتحت قوائم الاكتتاب لسفر مستر تتم المتعمق في آداب اللغة القبطية وشئون القبط إلي مصر لدراسة تاريخ مصر الكنسي وتنظيم شئون الكنيسة الشرقية .
8 خطاب من رئيس الأساقفة إلي تتم بتاريخ 17 أبريل 1838 .
9-خطاب من تتم إلي رئيس الأساقفة بتاريخ 27 سبتمبر سنة 1838 بتقرير عن حالة الكنيسة القبطية وشئون الأقباط وأنها في حالة لا تسر المسيحية .
( يمكنك مراجعة القائمة الكاملة للخطابات في :- توفيق إسكاروس :- مجلة اليقظة ؛ عدد شهر نوفمبر 1838 ؛ الصفحات من 136- 141 ) .
ولقد كان تاتام مؤلفا للعيد من الكتب اللاهوتية واللغوية الهامة Theological and Philological Works ؛ نذكر منها الموسوعة القوانين او الدساتير الرسولية أو قوانين الرسل THE Apostolicall Constitutions or Canon of the Apostles ؛ والتي شملت قوانين أو مراسيم الآباء الرسل Apostolic Church –Ordinance ؛ وأوامر أو قوانين الكنيسة المصرية THE Egyptian Church Order ؛ والطبعة الخاصة بالثمانية الكتب الخاصة بالدساتير الرسولية Apostolic Constitutions . كما كتب أيضا كتابا بعنوان " المساعدة علي العبادة Helps to Devotion ولقد صدر عام 1825 م . كما كتب كتابا في الدفاع عن الكنيسة ضد هجوم الكنيسة الكاثوليكية A Defense of the Church of England Against the Attacks of Roman Priest؛ ولقد صدر خلال عام 1843 .كما قام بعمل طبعة خاصة للاناجيل بالقبطية والعربية Gospels in Coptic and Arabic 1829 .وقام بعمل طبعة خاصة لسفر أيوب THE Ancient Coptic Version of Job the Just . وكان ذلك خلال عام 1846 .
أما الكتاب العمدة لهنري تاتام ؛ والذي خلد أسمه في تاريخ الدراسات القبطية ؛ فهو كتاب " A Compendious Grammar of THE Egyptian Language ,with the Appendix Consisting of the Rudiments of A Dictionary of the Ancient Egyptian Language وترجمته باللغة العربية كما ترجمها مينا سعد ابراهيم " الشامل في قواعد اللغة المصرية " ولقد صدرت طبعته الاولي عام 1830 كما جاء في الموسوعة القبطية Coptic Encyclopedia لعزيز سوريال عطية ؛ كما جاءت أيضا في الويكبيديا Wikipedia . ولكن الطبعة المتداولة في المكتبات مكتوب عليها 1862 ؛ وربما تكون هذه هي الطبعة الثانية للكتاب بعد نفاذ الطبعة الأولي عام 1830 " .
أما الترجمة العربية فلقد قام بها أحد الشباب الأقباط الموهوبين في الترجمة ويدعي أسمه " مينا سعد إبراهيم " ؛ ولقد صدرت الترجمة العربية عن مطرانية المنيا في نوفمبر 2013 ؛ وقام بالتقديم لهذه الترجمة نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا . وهو كتاب يتناول بالشرح والتحليل قواعد اللغة القبطية في لهجاتها الثلاثة ؛ ويذكر المترجم في المقدمة أن المؤلف هنري تاتام لم يترك جانبا من قواعد اللغة القبطية لم يشرحه ويعط عليه أمثلة فتناول الأسماء ؛الصفات ؛ الأفعال في جميع الأزمنة ونفيها ؛حروف الجر ؛ تكوين الكلمات ؛ الاعداد ؛ أسماء الفاعل والمفعول ؛ الأسماء الموصولة ؛ الملاحق الضميرية ....... ألخ .وذلك في اللهجات البحيرية والصعيدية والبشمورية .
وعن أهمية اللغة القبطية ؛يذكر العالم الكبير هنري تاتام في مقدمة كتابه فيقول " وتظهر أهمية اللغة المصرية القديمة لدارسي الآثار عندما نعلم أن الإلمام بهذه اللغة هو المدخل لفهم النقوش الموجودة علي الآثار المصرية ولفك طلاسم المخطوطات الديموطيقية والهيروغليفية . ولها ذات الأهمية عند دراسي الكتاب المقدس ؛ فإن الترجمات المصرية للاسفار المقدسة والتي يفترض أنها تمت حوالي القرن الثاني – من أوائل الترجمات الشرقية ؛إن لم تكن أولها علي الإطلاق ؛ ولا تقل مرجعية الترجمة المصرية للعهد الجديد عن ترجمات أخري قديمة بل ربما تزيد . ...... ولهذه الترجمات المصرية عظيم الفائدة في الحكم علي قراءة العديد من نصوص الترجمة السبعيينية في تحديد معاني الكثير من التعبيرات ..... ويحتوي العهد الجديد باللهجة الصعيدية العديد من القراءات مما يجعاه محط اهتام ودراسة العلماء واللاهوتيين ( مقاطع مختارة من مقدمة الكتاب طبقا للترجمة العربية التي قام بها المترجم "مينا سعد إبراهيم ) .
والجدير بالذكر ان الطبعة الأصلية الإنجليزية للكتاب كذلك أيضا الترجمة العربية موجودة بمكتبة جمعية الآثار القبطية بالقاهرة .
ويبقي في النهاية حلمان وأملان ؛ الحلم والأمل الأول هو التوسع في القيام بحركة ترجمة واسعة لمثل هذه النوعية من الكتاب القيمة . أما الحلم والامل الثاني فهو الاستمرار في تعريف الشباب المصري بمثل هؤلاء العلماء العظام .
بعض مراجع وأسانيد المقالة :-
1- Aziz S . Atyia :- Tattam , Henry ( 1768-1868) - Coptic Encyclopedia Colleges Digital Library
2- إيريس حبيب المصري: - قصة الكنيسة القبطية ؛ الجزء الثامن ؛ موقع منشور علي شبكة الأنترنت.
3-الراهب أثناسيوس المقاري :- اللغة القبطية ومخطوطاتها وفهارسها ولهجاتها ؛ موقع منشور علي شبكة الأنترنت . الصفحات من (34 – 36 ) .
4-مدام بوتشر :- تاريخ الأمة القبطية وكنيستها ؛المجلد الرابع ؛ طبع بمطبة مصر بالفجالة ؛ الصفحات من ( 375- 379 ).
5-القس باسيلوس صبحي :- الكلية الإكليركية في 125 عاما ؛ الكلية الإكليركية اللاهوتية للأقباط الآرثوذكس ؛ الطبعة الأولي يوليو 2020 ؛ صفحة 99 و100 .
6-توفيق إسكاروس :- المسيحية في مصر ؛ مجلة اليقظة ؛ عدد شهر نوفمبر 1938 ؛ الصفحات من 136 – 141 .
5-شكر خاص للأخ الحبيب الأستاذ نبيل فاروق فايز أمين مكتبة جمعية الآثار القبطية لتفضله بالسماح لي بالإطلاع علي النسخة الإنجليزية والترجمة العربية لكتاب هنري تاتام عن قواعد اللغة القبطية .
6-بعض المواقع المتفرقة علي شبكة الأنترنت .