حمدي رزق
وسم مسموم، على منصة إكس «تويتر سابقًا»، يدعو إلى مقاطعة محلات السوريين فى مصر مصحوبًا بـ«مش هشترى_غير_من_المصرى».
وسم مفخخ يستهدف إخوتنا بين ظهرانينا، لا نعرف مصدر هذه الوسوم المفخخة، وتجاهلها شعبيًا فرض عين على كل وطنى.
اشترِ ما شئت وشاء لك الهوى من المحلات المصرية، ولكن لا تحجر على حق غيرك فى الشراء من المحلات السورية، ولا تتبجح بالمقاطعة ظلمًا وعنوانًا للمحبين.
المقاطعة تصح تجاه من يحمل العداوة لوطنك وأهلك وناسك، من يقبر الخُّدَّج العزل فى غزة، ويقتل بدم بارد الشباب فى الضفة، ومن يدعم الكيان الصهيونى، ولكن تقاطع إخوتك السوريين دون ذنب جنوه، إنها لكبيرة من الكبائر الوطنية.
مصر بحر الكرم، والمصرى الكريم يبتدع أسبابًا للعطاء، والكرم المصرى من صنف فاخر، الكرم الحقيقى هو أن تعطى أكثر من استطاعتك، وأن تعطى ما أنت بحاجة إليه فعلًا..
مصر التى تعانى لا تبخل باللقمة مغموسة فى عرق العافية، تطلع اللقمة من فم الفقير تطعم بها من ضاقت بهم سبل العيش الكريم فى بلادهم فقصدوا مصر، شطار، نافعين، ليسوا متعطلين وليسوا عالة على أحد.
صحيح مصر ليست غنية بالمقاييس الاقتصادية، ولكنها كريمة بالمواصفات الأخلاقية، مصر كبيرة قوى، وحضنها حنين قوى، وشعبها كريم قوى، لم يصدر منها (رسميًا أو شعبيًا) حرف فى قرار يخص أحبتنا فى ديارنا، ورغم ضيقة المعايش لم تتبرم من المقيمين فيها، السورى له مثل المصرى، يأكل من نفس الطبق، له ما لنا وعليه ما علينا، وشعارنا فى ديارنا «إن ما شالتكم الأرض تشيلكم العيون».
مصر الكبيرة لا تتبرم بمن لجأ إليها، وتكرم وفادته، ولا تفرق بينهم وبين المصريين فى أبواب الرزق المفتوحة، وصاروا كما يقولون كلنا فى العيش مصريون، فى قلوبنا مسكن، وفى عيشنا مأكل، هذه طبائع المصريين، ويصدق فيهم القول العميق «الكريم لا يُضام»..
فيضان النيل علَّم المصريين العطاء من فيض الكريم، عطاء بلا حساب، وأجود من الريح المرسلة، لم يشعر غير المصرى قط بأنه غريب بل حبيب، «صاحب بيت»، وصاحب مشروع يستثمر فيه ويرتزق منه حلالًا.
ذوبان السوريين فى موج المصريين، كالسكر مذاب فى ماء النيل، كرم المصريين يسبغ حياة السوريين بالأمن والأمان والاستقرار، لا يريدون المغادرة، استراحوا على شاطئ النيل بعد شتات، مصر ترحب بالسوريين، وادخلوها بسلام آمنين.
مصر ليس فيها «مخيمات لاجئين» كالتى يقترحها بعض من فى قلوبهم مرض، حذارِ من مخططات إخوان الشيطان، مصر تفتح البيوت للمحبين، سوريين وفلسطينيين وسودانيين، ليس بيننا لاجئون، نبغض هذا الوصف على إخوتنا، ولا نتاجر بهم، ولا نقاطعهم، حد يقاطع إخوته، من ذا الذى يدعو إلى المقاطعة، إنه لشيطان رجيم يفتن الشارع المصرى، ويشحنه بالبغضاء تجاه أحبته.
محبتك خالصة دون مَنًّ وَلَا أَذًى، والأذى كل الأذى فى المقاطعة المفخخة، والرسالة بعلم الوصول لكل المغرضين، مصر كبيرة قوى، مصر «قد الدنيا»، مصر أخلاقية، وهواها عربى، وشعبها كريم أصيل، شعب شريف فى زمن عزَّ فيه الشرف، لا يتعاطى مثل هذه الدعوات العقورة.. يقينًا ستذهب جفاء.
نقلا عن المصرى اليوم