تسود حالة من الارتباك داخل الكنيسة المرقسية بالإسكندرية عقب صدور الإعلان الدستورى المكمل الذى تسببت تداعياته فى إلغاء الزيارة الأولى للبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة
المرقسية عقب جلوسه على الكرسى البابوى، على الرغم من وصوله بالفعل إلى الإسكندرية وبالتحديد فى مقر استراحته بكينج مريوط.. الدكتور كميل صديق سكرتير المجلس الملى كان ضممن الوفد الكنسى الذى توجه للقاء البابا باستراحته لشرح حقيقة الوضع الأمنى والتخوف على حياته وحياة المواطنين لو تمت الزيارة، خاصة أن المرقسية تقع بوسط الإسكندرية بالقرب من ميدان القائد إبراهيم مقر الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية.
وما بين إلغاء زيارة البابا قبل إجرائها بساعات قليلة وموقف الأقباط من الإعلان الدستورى المكمل وحكم الإخوان والجمعية التأسيسية للدستور وسيطرة فصيل واحد عليها مقابل تحصين رئيس الجمهورية لقراراته السيادية.. أجرت «الوفد» حوارها مع سكرتير المجلس الملى بالإسكندرية للإجابة عن العديد من التساؤلات حول الشأن القبطى فى مصر، لا سيما اللقاء السرى الذى عقدته السفيرة الأمريكية مؤخراً مع بعض قيادات الملى فى منزلها بالفندق الكبير بعيداً عن أروقة القنصلية، والذى تسبب فى إثارة كثير من علامات الاستفهام.
< هل الإعلان الدستورى كان سبباً فى إلغاء زيارة البابا للإسكندرية على الرغم من وصوله بالفعل لمقر استراحته بكينج مريوط؟
- تداعيات وردود أفعال الشارع تجاه الإعلان الدستورى المكمل تسببت فى خروج المظاهرات وهو ما كان يضع الكنيسة فى مأزق أمنى والقرار اتخذته الكنيسة بالإجماع برئاسة البابا تواضروس الثانى من منطلق حرصه على حياة المواطنين .
< ما تعليقك علي المليونيات التى دعت إليها القوى السياسية للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل؟
- نحن نؤيد حرية الرأى والتعبير بلا تخريب، ولكن الإعلان المكمل يعد «تكبيلاً» للحريات من أجل صناعة «إله» حاكم يخدم فصيلاً واحداً وليس كل المصريين وعلى القوى المدنية أن تحافظ على مدنية الدولة، خاصة أنه يحصن قرارات الجمعية التأسيسية للدستور .
< معنى ذلك أنك تتخوف من الدستور الذى تخرجه الجمعية التأسيسية الحالية؟
- بالتأكيد، والتخوف ليس عندنا كأقباط فقط ولكن المسلمين أيضاً فنحن جميعاً مصريون ولكن تيارات الإسلام السياسى هى التى تحاول السيطرة على مستقبل مصر لصناعة دولة لا نعرفها على غرار دولة «قندهار» بدليل إنسحابات القوى المدنية وغيرها.
< ولكن بيان رئيس الجمهورية أكد أن تحصين قرارات رئيس الجمهورية قاصر على القرارات السيادية فقط؟
- يضحك ويقول: لا توجد ديكتاتورية مؤقتة وما يحدث انتهاك للقانون والدستور ويأخذ مصر إلى نفق مظلم ويضعنا على مقربة من حرب أهلية بدليل الانقسام بين الشعب من ناحية وجماعته من ناحية أخرى، وهذا يقلقنا جميعاً كمصريين سواء كنا مسلمين أو أقباطاً.
< بالنسبة للكنيسة.. كانت هناك مجموعة من الأصوات فى بالإسكندرية تدعو إلى عدم خوض الأساقفة الانتخابات البابوية ولكن بعد جلوس الأنبا تواضروس على الكرسى البابوى.. ألا تعتقد أنه من الممكن أن نرى تصفية حسابات فى الفترة القادمة مع هؤلاء؟
- لا أعتقد أن هناك احتمالية لحدوث تصفية حسابات مع من تبنوا مبدأ عدم خوض الأساقفة انتخابات البابا، على الرغم من تنظيم وقفة احتجاجية داخل الكنيسة المرقسية وعقد مؤتمر بكنيسة اخرى حملت نفس اللافتات التى تتبنى نفس النهج، لأن البابا تواضروس الثانى لن يضيع وقته فى مثل هذه الصغائر، وأنه سيعتبر هؤلاء من أبنائه الذين عبروا عن وجهة نظرهم وما يؤمنون به، خاصة أننا شاهدنا مواقف محترمة للمرشحين 17 عقب قيام اللجنة المنوط بها بحث الاعتراضات على بعض المرشحين، الأمر الذى انتهى بها لاستبعاد «12» مرشحاً والاكتفاء بـ«5» فقط، ووقتها لم نسمع صوتاً واحداً من المستبعدين يعقب بالاعتراض على استبعاده من الترشيح وهذا موقف يحسب لهم جميعاً.
< ولكن بلا شك سنجد أنصار المرشحين من الرهبان والأساقفة فى مواجهة، خاصة بعد الفترة المشحونة السابقة للانتخابات والقرعة الهيكلية؟
- طبعاً، كان يجب أن نلتزم بلائحة «57» لأن الوقت لم يكن يسعفنا على الإطلاق لتعديل تلك اللائحة خاصة أنه من المعروف أن تعديلها يستلزم بالضرورة موافقة مجلس الشعب عليها، وهذا كان سيترك كرسى البابا شاغراً لمدة لا يعلم مداها إلا الله.. وبالتالى أجمعت الأصوات على إعطاء الأسقفين المرشحين أعلى الأصوات عن قناعة وفى النهاية كان اختيار السماء فى القرعة الهيكلية باختيار الأنبا تواضروس ليكون البابا 118، على الرغم من وجود راهب بالقرعة ذاتها، وأعتقد أن المواجهة المتوقعة ليس لها أى قيمة، لأن الذين كانوا يتبنون الدعوة لعدم خوض الأساقفة الانتخابات هم عدد لا يعبر عن جموع الشعب القبطى بالاسكندرية.
< ما رأيكم فى إشكالية تدخل الكنيسة فى السياسة من عدمها؟
- من المعروف أنه كانت توجه للبابا شنودة ملاحظة تدخل الكنيسة فى السياسة فى عهده مقارنة بسالفه البابا كيرلس السادس ولكى نكون امناء يجب ألا ننعزل إطلاقاً عن الملابسات التى أحاطت بكل عصر، لأنه من المعروف خلال بابوية البابا كيرلس كان هناك زعيم اسمه جمال عبد الناصر كان له كاريزما خاصة، وبالتالى لم يكن هناك أى احتقان طائفى، ولكن عندما بدأت بابوية البابا شنودة الثالث تغير هذا الزعيم، وجاء إلينا الرئيس أنور السادات الذى كان للأسف لا يتمتع بشعبية عبدالناصر وبالتالى اعتمد على مغازلة التيار الدينى لكى يخلق لنفسه شعبية مما أثار كثيراً من القلق الطائفى ولجأ الأقباط إلى الكنيسة فى نهاية المطاف لكى تتدخل وتضع حداً للتمييز السلبى تجاههم.
< هناك تخوف من تدخل الأنبا باخوميوس القائمقام السابق فى إدارة شئون الكنيسة خاصة أن الأنبا تواضروس الثانى من تلاميذه المقربين.. ما تعليقكم؟
- لا أظن أن الأنبا باخوميوس سيحاول ذلك إطلاقاً.. فلقد رأينا جميعاً كيف كان السلوك المتناهى فى التحضر الذى نهجه القائمقام خلال إدارته لشئون الكنيسة بالفترة الانتقالية وقد أعلن نيافته فى إحدي الفضائيات قائلاً «إننى بعد اختيار البابا القادم سأكون تحت قدميه» على حد تعبيره وهذا القول يكفى شر التكهنات.
< البابا شنودة تميز بالعظات النصف شهرية التى كان يلقيها وسط أبنائه بالإسكندرية، فهل تعتقد أن البابا تواضروس الثانى سيحافظ على إلقائها بشكل منتظم؟
- .. بصراحة سياسة قداسة البابا تواضروس لم تتحدد، بعد وكل ما يدور عما سيفعل مجرد اجتهادات ونأمل ان يسير على نهج البابا شنودة، إلا أن لكل بابا سياسته الخاصة، ومما لا شك فيه أن قداسته فى النهاية أسقف الإسكندرية واعتقد أن سيكون لها مكانة مميزة فى قلبه.
< بعض أصوات أقباط المهجر تطالب بالحماية الدولية على كنائس مصر، فكيف سيتعامل البابا مع مثل هذه الأمور من وجهة نظركم؟
- هذا الأمر مرفوض ولا يقبل النقاش، والبابا شنودة كان يرفض مناقشة أى مشكلة خاصة بالأقباط فى مصر على أى مائدة غير مصرية ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون لما حاولت تقابل الأقباط وحدهم تعرضت لموقف مخزٍ باعتذار الكثيرين عن مقابلتها وأنا كنت واحداً منهم لأننا مصريون ولسنا تيار أو فصيلاً وهذا الموقف ليس موقفاً شخصياً ننتظر أن يتبع البابا تواضروس ولكنه نهج خاص بالكنيسة بأكملها، الآن علينا أن نحترس من المثلث الإسرائيلى الأمريكى القطرى.
< وماذا عن اللقاء الذى عقدته السفيرة الأمريكية مع عدد من أعضاء المجلس الملى بشقتها فى الإسكندرية والذى أثار الكثير من علامات الاستفهام؟
- أحب أن أتحدث عن نفسى فقط فى هذا الموضوع.. فلقد وجهت لى دعوة بصفتى سكرتيراً للمجلس الملى ورفضت مقابلتها بهذه الطريقة كما رفضت من قبل مقابلة وزيرة الخارجية الأمريكية لأن لدى قناعة بأن أمريكا لا تضمر أى خير لمصر، وتحاول دوماً التدخل فى الشأن الداخلى لبلادنا، وبالنسبة لأمور الأقباط يجب ان تطرح على الحكومة المصرية وليست الأمريكية.
< وبالنسبة لقضية القديسين؟
- فى الحقيقة قضية القديسين تمثل مأساة فى جبين الضمير المصرى فحتى الآن لم يقدم متهم واحد للعدالة، وبالمناسبة الرئيس مرسى عندما كان يصلى الجمعة فى الإسكندرية قال إن المسئول عن حادث القديسين النظام السابق، وأعتقد أن الحديث عندما يخرج من فمه يكون حديث مسئول لأنه رئيس الجمهورية ولذلك نريد الكشف عن المتورطين فى الحادث والتعتيم الرهيب وغير المبرر على المجرمين.
< بصراحة .. كيف أثرت ثورة 25 يناير فى حياة الأقباط فى مصر؟
- بكل صراحة ما حدث فى 25 يناير أتى بأسوأ الأسوأ فيما يخص الشأن الطائفى القبطى فى مصر.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.