الاربعاء ٥ ديسمبر ٢٠١٢ -
٢٣:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم: د. صفوت روبيل بسطا
حالة من اليأس والأحباط والغضب تنتاب كل المصريين سواء داخل مصر أو خارجها في هذه الأيام الحالكة السواد علي بلدنا الغالي -مصر- ومستقبلها ومستقبل أبنائها ، وحالة من الغليان والأنقسامات والأنشقاقات في الشارع المصري ما بين مؤيد ومُعارض ، ومظاهرات وإحتجاجات هنا وهناك ، من ميدان التحرير إلي ميدان النهضة إلي قصر الأتحادية ، ومن الأسكندرية إلي أسيوط ، وفي كل محافظات مصر ، والحكماء يقولون ...أصعب شيئ لأي دولة هي الصراعات الداخلية التي تؤدي إلي إنهيارها ، وكتابنا المقدس يقول ... كل مملكة منقسمة علي ذاتها تخرب... وهذا الذي لا نتمناه أبداً لبلدنا الحبيبة مصر
الجميع يتذكر هذه الأيام الغالية والذكريات الجميلة إبان قيام ثورة " 25 يناير" والتي أذهلت العالم وأثلجت صدورنا ، والتي كانت طوق النجاة لكل الشعب المصري للتخلص من عصر الفساد الذي جثا علي صدورنا لأكثر من ثلاثة عقود ، هذا بالطبع قبل أن تُسرق من خفافيش الظلام ومن ساكني الجحور وأرباب السجون،،، ولكن ومع مرور الأيام والشهور بدأ القلق علي ثورة الشباب ومن "المجهول" يتسرب رويداً رويداً إلي أنفسنا خاصة بعد ما شاهدناه ولمسناه جميعاً من نوايا وتوجهات المجلس الأعلي للقوات المسلحة ، وإلي أي مجهول سوف يقودنا ، بالرغم من كل التطمينات والمسكنات التي كانوا يخدروننا بها ، حتي ما ظهرت نتيجة الأنتخابات الرئاسية التي أتت بالسيد الدكتور مرسي محمد العياط رئيساً للجمهورية ، وبالرغم من عدم قناعة وعدم فرحة ما يقارب من نصف الشعب المصري سواء بالنتيجة أو بالرئيس الجديد.
ولكن الشعب كله سلم أمره لله أولاً ، وسلم -مؤقتاً- بالأمر الواقع ، وبدأ كل واحد ينسي أو يتناسي قلقه ومخاوفه من هذا المجهول ، ، وبدأ يتابع ويترقب رئيسها الجديد والجميع يحدوه الأمل أن تتحقق الأمال والأهداف التي قامت من أجلها الثورة من حرية وعيش وعدالة إجتماعية ، ولأن الشعب الغلبان والذي يريد الأستقرار والأمان بدأ ينسي مخاوفه وقلقه خاصة مع توالي الوعود والتطمينات من رئيسها الجديد.
ولكن ومع توالي القرارات المفاجئة والصادمة للشعب ، بدأ الخوف والقلق الحقيقي علي مستقبل البلاد خاصة بعد الأعلان الدستوري الأخير والأصرار عليه ، وتكتمل الحلقة بطبخة "الدستور" السحرية التي إستغرقت 17 ساعة متتالية والتي أذهلت وصدمت الجميع ليس فقط في موادها وبهاراتها ، ولكن في طريقة وسرعة إستوائها حتي الفجر !!!، وها نحن الأن مطلوب مننا و "مجبرين " !! -علي أساس أن الشعب كله موافق والدنيا وردي - علي التصويت والأستفتاء علي هذه " الطبخة " السحرية ،
وبإنقسام الشعب الأن ما بين مؤيد ومُعارض علي أيدي الرئيس مرسي ، هكذا رجعنا للخلف ألاف السنين من توحيدك يا مصر علي أيدي الملك " مينا " مُجمع الشعبين و موحد القطرين ،، وأصيب الشعب بالحسرة والألم علي ثورته ، وأصيب بالغضب والحزن علي حريته ، وضاعت حقوقه وعدالته ، وخاف علي عيشه وكرامته ، وإسودت الدنيا أمام عينيه علي مستقبله ، وهكذا إسودت مصر كلها .... بمواقعها الألكترونية ، بقنواتها الفضائية ، بصحافتها اليومية
ولكن وبالرغم من كل ذلك فشعب مصر الأبي والذي إنتفض وإستطاع أن يزيح هذا الكابوس الذي دام لأكثر من ثلاثين سنة ، هذا الشعب الذي عرف طريق الحرية وطريق التحرير ، لابد أن تُحترم إرادته ويستجيب الرئيس -وكل رئيس- للأرادة الشعبية الحرة ، وهاهو التحرير يزأر ، وها الشعب أمام الأتحادية يثور ويطالب بحقوقه وإحترام رغبته في الحياة الكريمة.
وكما أنشد الشاعر العظيم " أبو القاسم الشابي " حين قال..... إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر، ولا بد لليل أن ينجلي ، ولابد للقيد أن ينكسر.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع