الأقباط متحدون - الأُمي وحقوق الممارسة الوطنية
أخر تحديث ٠٤:١٩ | الأحد ١٦ ديسمبر ٢٠١٢ | ٧كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٧٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الأُمي وحقوق الممارسة الوطنية

بقلم: مدحت بشاي

 
خبر : صوت أهالي قرية منفلوط لصالح نعم للدستور ، وهي القرية التي قدمت اكثر من 50 طفل ضحية في كارثة القطار والمزلقان الأخيرة ، والأغرب بنسبة 88% .. الخبر مؤثر ومبكي ، ابحثوا عن الأمية يا سادة ... 
 
لقد عايشت تجربة معمر القذافي البائسة في فترة تجلياتها العجيبة ، وتطبيقاً لافتكاسات كتابه الأخضر ، تم تشكيل ما سماه المؤتمرات الشعبية ، بديلاً للنظم البرلمانية المتعارف عليها تحت شعار " التمثيل تدجيل " ووفق الشعار الإعلاني المنتش " ليه يكون لك ممثل لما تقدر تكون ممثل بنفسك "،  وكان يتم بث معظم أعمال تلك المؤتمرات في كل بقاع ليبيا على الهواء تليفزيونياً ، وكانت بحق ملهاة كوميدية ، لأنه وفضلاً عن مسئوليتها الممنوحة لها وفق ذلك النظام في اختيار أمناء اللجان العامة ( الوزراء ) ومحاسبتهم ، فإنهم يناقشون ويقررون ويختارون ويمنعون في مؤتمراتهم في القرى والنجوع والاتفاقيات الدولية  والتشريع وهم لا يفقهون من أمرما يقررون شيئاً أو حتى يمتلكون أبجديات خبرات العمل النيابي والسياسي ، فكان المشهد مُسلياً معوضاً المشاهد المسكين عن شاشة فقيرة إعلامياً وترفيهياً .. الحضور في تلك المؤتمرات معظمهم من الأميين ، ولا مجال لاكتساب ثقافة سمعية أو مرئية سوى خطابات الأخ القائد ، وعليه كان من الأمور العادية وجود وزراء وقيادات في مواقع مهمة وتتولى مسئوليات حساسة ( مش مكملين تعليمهم ) ، وحدث ولا حرج عند متابعة مشاهد محاسبتهم والسائل والمسئول ليس لديهم سوى ترديد شعارات على الجميع في الجماهيرية حفظها مثل " من تحزب خان " و " البيت لساكنه " و " الأم تربي طفلها " و" شركاء لا أجراء " و " الجماهير التي نراها في مدرجات الملاعب الرياضية هي جماهير مغفلة تكتفي بمشاهدة 22 لاعب بينما كان ينبغي جميعها أن تغادر المدرجات إلى الملاعب " ..
 
وأظن أن الأخ القائد كان في قمة السعادة لأن افتكاسته تلك وتطبيقها على هذا النحو كانت تشغل الجماهير، وتحول بينهم وبين متابعة مايحدث في كل الدنيا من ممارسات حقيقية للديمقراطية وإنجازات لدول استطاعت تحقيق التقدم في مجال دعم حقوق الإنسان ، بينما تقوم ميلشياته التي كان يطلق عليها مثابات ثورية بالبطش بكل أصحاب الرأي المخالف ، بل وكل من لا يستجيب لدعوات مديح النظام والتسبيح بإنجازاته الوهمية !!
 
أعتذر للإطالة في عرض التجربة الليبية التي عايشتها كشاهد عيان ، ولكنني رأيت الإشارة إلى مدى خطورة ممارسة أي شكل من أشكال ديمقراطية من جانب المواطن الأمي وتبعات وخطورة تلك الممارسة ..
 
وعليه ، تابعت باهتمام الكاتب علاء عريبي وهو أحد أهم كُتاب العمود الصحفي من أصحاب القلم المغموس في قلب معاناة المواطن المصري بعيداً عن الحنجورية في القول ،فقد تبنى ومنذ قيام ثورة 25 يناير فكرة استبعاد الأميين من المشاركة السياسية ، وبموضوعية شديدة كتب مقاله " 16مليون أمي يختارون الدستور" ومن بين ما كتب "..وقد استشهد بقوانين التوظيف واستخراج رخصة القيادة، حيث إن الدولة تشترط الحصول على شهادة محو الأمية للتعيين بوظيفة العامل بالمؤسسات، كما انها ترفض التصريح للأمى بالحصول على رخصة قيادة، لأن القيادة أصبحت تتطلب الاعتماد على العلامات الإرشادية واللافتات الخاصة بالطرق، وقارنت في إحدى المقالات بين المخاطر التى تقع من وللأمي القائد للسيارة والأمي الذي يشارك فى الحياة السياسية بالتصويت، قائد السيارة أضراره تقع على شخصه وبعض من يصطدم بهم، فى المشاركة السياسية الأضرار تقع على البلاد والمواطنين جميعا، وقد أشرت إلى أن أغلب الأميين من الشعب يقعون فى شريحة الطبقة الفقيرة والأكثر فقرا، وبعضهم يتم شراء أصواتهم بالمال أو بكرتونة زيت وسكر وصابون ومكرونة، وأوضحت أن نسبة الأميين فى مصر ليست بقليلة، وأن أغلب هذه النسبة من النساء، وكما نعلم جميعا المنتخبون يقومون باستغلال هذه النسبة فى عملية الاقتراع، إما ان يحصلوا على أصواتهم باسم الدين وشرع الله او بمقابل مادى، وتاريخنا الانتخابي خلال الخمسين سنة الماضية تعد شاهدا على استغلال هذه النسبة فى العملية التصويتيه.وغير خفى عن أحد ان الحكومات السابقة هى أول من فكر فى استغلال أمية المواطنين تحت عنوان المساواة والديمقراطية، حيث ابتكرت حيلة ماكرة لكى تقنن أصواتهم، هذه الحيلة كانت فى ابتكار الرموز الانتخابية التى تدل على الأشخاص، السلم، والجردل، والحمار، والكنكة، والحبل، والهلال، حيث يدخل الناخب إلى اللجنة يبحث عن صورة لكى يؤشر عليها بدلا من البحث عن أسماء، لأنه لايجيد القراءة والكتابة"..
 
أما وإننا نعيش ظروف خاصة جداً ، لم نشهد لها سوابق تاريخية على أرض المحروسة من عوامل مؤثرة وضاغطة على كل الأطراف بداية من رئيس الجمهورية ونظامه وإعلامه وجماعته و شيوخه على جانب ، وعلى جانب أخر رموز المعارضة ورجال فكر ودين وقانون وإعلام وأساتذة جامعات ، فإننا بصدد كارثة يتم فيها اللعب بكل الحلقات الأضعف في المجتمع المصري ، ولعل قضية استخدام حالة الأمية التي عليها نسبة كبيرة من أهالينا على أرض المحروسة لضمها وحشدها في خدمة اتجاه ما لصالح فكرة ما عقائدية أو مذهبية أو سياسية ..
 
حول الأمية والدستور للحديث بقية ولي أمل المشاركة بالرأي على موقعنا الرائع لتطوير الحوار حول تلك القضية ، والرد على سؤال : هل نسمح للمواطن الأمي في المشاركة السياسية ؟!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter