الأحد ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم : مينا ملاك عازر
كان يحدثني في موضوع شخصي يخصه، فكذب عليَّ، فقلت له أنت كذاب فلم يبالي واستمر يكذب، فقلت له إنت كده إخواني فهاج وماج وقال لي لا تقل لي
هكذا، أنا لست إخواني فابتسمت في هدوء محاولاً أن أهدئ من ثورته، ومالك زعلان أوي كده، ده هما إللي بيحكموا البلد شتومة كلمة إخواني دي! فقال لي لا، ما تقليش إني إخواني فأنا لست كاذب ولا منافق ولا بأرجع في كلمتي، إحنا رجالة أوي، وعمرنا ما كنا عيال،ثم استرد متسائلاً عمري أنا وعدتك وعد ورجعت فيه فقلت له لا، فقال يبقى إزاي بتقول إني إخواني؟! أنا عمري لما جئت تواجهني بكلمة قلتها عنك أو عن غيرك أو أي موضوع أخذت ألف وأدور عليك، فقلت لا، فابتسم وقال وهو يفرج عن أساريره، يبقى إزاي تقول لي إني إخواني، إحنا مش عيال إحنا كلمتنا واحدة، فهدأت من روعه وأنهيت معه الحوار سريعاً وأنا لا أعرف إن كنت أعتذر له عما سببت له من ضيق أم أعتذر له لأني شتمته كما طالبني حينما قلت له إنت إخواني، لكن كان كل ما يدور بخلدي لماذا وصل بنا الحال إلى أن صار وصف أحد بكونه إخواني وصمة عار وشتومة؟!
هل لأن وعداً رئاسياً واحداً لم يتحقق؟ للقرارات الكثيرة التي اتُخِذت وعادوا فيها لخطأها واكتشافهم عدم دراستها، هل وصلت سمعتهم لهذا السوء حتى يتبرء الناس من أن يوصموا بهذه الوصمة وينكرون أنهم إخوانيو الطبع ولا ينكرون فقط انتماءهم للتوجه السياسي، كان زمان كل ما تيجي تناقش حد في السياسة وتختلف معه ويدافع عن الدكتور مرسي أو خطوات الجماعة ومواقفها، فيعاجلك بقوله أنا مش إخواني ليثبت لك أنه على الحياد، لكن أن ينفي أحدهم كونه إخواني لا لشيء إلا لأنه يعتبرها شتيمة وسمة سيئة له، وتلحق به الكثير من الصفات الكريهة والأخلاق المقيتة فهذه مفارقة حقاً، لم تدم حيرتي طويلاً حول لماذا تحولت كلمة إخواني لشتومة؟ إذ قرأت عن خبر عدول النائب العام عن استقالته حينها قالها أحد الجالسين بجواري إخواني، فقلت له من تقصد؟ فقال النائب العام كده يبقى إخواني صرف، وأخذ ختم الجودة، الضحك على الناس ومخادعتهم وملاوعتهم، والعودة في الكلام، وعدم الثبات على موقف والمراوغة، أكيد ده إخواني مش بس موالي لهم، وتابع الجالس بجواري قائلاً أنا كده فهمت هما ليه اختاروه هو بالذات ليكون في هذا المنصب؟ لإنه شارب منهم إخواني إخواني إخواني.
هل رأيتم أحبائي القراء، كيف تحول افعال الناس انتماءاتهم الي وصمة عار يوصم بها الناس؟ هل رأيتم كيف يجعل التحول عن المبادئ والمراوغة أمور في حياتنا لأمور مقيتة، ولتعرف الفارق انظر لما فعلته الأحزاب المدنية حين قُبِض على عضو بحركة حازمون بشكل لم يعجبهم اذ اتسم بالعنف، كيف انبروا يدافعون عنه مع أنني كلي ثقة من أن الموقف نفسه لو تكرر مع أحد المدنيين لا قدر الله، لن يتخذ حزب الحرية والعدالة ولا حازمون ولا النور موقف مماثل لمواقف الأحزاب المدنية العقلانية، ولو سألتني من أين لي بهذه الثقة؟ سأحيلك لخطاب الدكتور مرسي الذي اتهم فيه مصابي الاتحادية والمعذبين على أيدي مليشيات الإخوان بحيازتهم للسلاح، وكيف لم يقبل تبرئة المحامي العام ورئيس نيابة شرق القاهرة لهم؟ وكيف ضغط عليه من خلال نائبه العام الإخواني لحبس ولو جزء منهم، مع أنهم أبرياء، هل رأيتم أحبائي القراء، كيف أن الموقفين يظهران اختلال القيم عند البعض، وثباتها أياً كان الموقف في عين البعض الآخر، اختار عزيزي القارئ بين الموقفين، وقل لي أيهما تفضل.
ملحوظة لو كانت حجة النائب العام في عودته عن استقالته أنها تمت تحت ضغط إذن فليعد مبارك لأنه أيضاً رحل تحت ضغط.
المختصر المفيد المبادئ والمواقف لا تتجزء، والرجولة لا تشترى.