بقلم: محمد حسين يونس
أرسل لي الصديق "نواف الشمري" الرسالة التالية :
بجد أنا سعيد أنكم ستصبحون مثلنا - وعقبال الشريعة الإسلامية وهيئة المنكر يارب - لأنكم يا أستاذ ما أنفككتم يومًا عن معايرتنا بتخلفنا ونظامنا الديني البدائي الهمجي والكبت وقلة الترفيه وانعدام الفنون والشماغ والنقاب وهيئة المطاوعة التي تجلدنا للصلاة وتغلق كل شيء حتى تنتهي - كنتم دائمًا تسخرون منا وتتندرون علينا بمقالاتكم وأفلامكم - الآن أتمنى لكم كل هذا بإذن واحدٍ أحد - أريدكم أن تصبحوا مثلنا؛ لأنه مفيش حد أحسن من حد - وإن كنا سنظل أفضل منكم، على الأقل لدينا المال الذي يجعلنا نتحمل حياة الكبت والتزمت، ونسافر بين فينة وأخرى للترويح ونسيان - الوضع الذي نعيشه - لكن أنتم يا حسرة لن يكون لديكم المال - لا مال ولا حرية - ذوقوا قليلاً مما ذقناه طوال قرون - أهنيكم على الانضمام لنادينا ومبروك مقدما.
ثم أنني رددت عليه بالرسالة التالية:-
أشكر مرورك وتمنياتك المؤذية.. بصراحة لم أكن أتصور أن بالسعودية مواطنًا خفيف الظل، يطلق النكات على أهله و على الآخرين.. نعم يا سيدي لك حق، لقد صدرتم لنا عفن الوهابية، ونجوتم أنتم منها لاعتيادكم على سخافاتها.. عمومًا نحن سنتفوق عليكم حتى في التخلف، سنكون الأكثر تخلفا من السعودية وغزة والسودان والصومال ولكن عندما يقرصنا الجوع ونخرج نقتل بعضنا بعضًا سعيًا وراء حفنة قمح، سندفن مندوبيكم وسنزرع مكانهم ورود ورياحين، تحياتي..
ولكنه عاد وكتب لي :-
مشكلتك يا أستاذ أنك تعتقد أن الوهابية شيء والإسلام شيء آخر - يا عزيزي الوهابية هي الإسلام - الإسلام الحقيقي الخالي من رتوش التصوف وتأثيرات الثقافات والحضارات المختلفة - الإسلام الحقيقي كالوهابية بالضبط ضد الفنون من رسم ونحت وموسيقى ورقص والحريات الاجتماعية المختلفة، سفور وحب وخلوة - ضد الفكر الحر والمدنية - إقرأ تاريخ الإسلام قبل أن يخرج من الجزيرة، ستدرك أنه لا يختلف عن الوهابية - مرة أخرى نعم أتمنى تصبحون مثلنا - قسمًا بالله يا أستاذ حين أرى حريتكم أغار، وأكره حياتي، وأقول ليش يارب خلقتنا غير عن العالم، وأتمنى كل العالم يصبح مثلنا بالضبط - تخيل أننا محرومون من أتفه الحريات، حرية أن أحب وأختلط مع الجنس الآخر، حرية أن أسمع موسيقى حية في مطعم، أو أشاهد فيلمًا بدار سينما، أو أقرأ كتابًا فكريًّا حرًّا، ناهيك عن شرب الخمور ورؤية الحسان بالمايوه، أو أقله أشاهد أنثى بدون العباءة السوداء الحقيرة- تخيل أني حين تزوجت لم أرَ وجه زوجتي بالخطوبة بل صورة لها- نعم أتمنى كل العالم يصبح مثلنا؛ حتى يذوق العذاب اللي عايشينه.
فرددت متصورًا أن الموضوع قد انتهى :-
أشكر سموك في نقد نفسك ومجتمعك وجلد ذاتك لإخراج الحقيقة المرة، نعم يا سيدي أنتم تعيشون فيما يُسمى محمية تاريخية محاطة بأسوار من الذهب الأسود، ونعم شيوخكم ورجال الدين والسياسة يعتبرون (حفرية)، على العلماء فحصها جيدًا لمعرفة كيف كان حال البشر منذ بداية الخروج من حالة "الأركتوس"، ولكن ضرر هذا النظام في أنه يريد عمل استنساخ لنفسه في الدول التي تحيطه، وربما العالم بأكمله بواسطة دولاراته الفانية التي ستنتهي آجلا أو عاجلاً، عمومًا لقد قابلت سيداتٍ رائعات، ورجالاً متفتحين واندهشتُ أنهم من بلاد الجاز، معنى هذا أن لعنة ابن عبد الوهاب يمكن التخلص منها، وهو ما سيحدث في مصر التي ستكون مقبرة أفكارهم المريضة بعد زمن قد يقصر أو يطول حسب قدرة مثقفيها على الكشف وتقديم البديل.. تحياتي مع تقديري لسيادتك..
ولكن الأستاذ "علي سالم" تداخل في الحديث فكتب :-
طالما تناقشنا طويلاً حول مفهوم الإسلام, كنت تصر أنه يوجد إسلام حلو وجميل وليس هذه الوهابية القبيحة السعودية، أنا الآن أحيلك إلى تعليق الأستاذ السعودي "نواف الشمري"، وهو يؤكد لك أن الإسلام الحقيقي هو الوهابية البشعة، لقد شهِدَ شاهدٌ من أهلها، ولاداعي أبدًا لعمليات التجميل في القرآن، أستاذ حسين حينما تقيِّم شيئًا يجب أن تقيِّمه كله، وليس جزءًا منه، نعم أعرف أنه يوجد آيات تسامح في العهد المكي عندما كان الحبيب المصطفى مستضعفا وليس له أتباع، لكن في العهد المدني تغير كل شيء إلى الذبح والقتل والسرقة والغزو واغتصاب النساء إلى الهمجية والبربرية، بالطبع أنت تعلم الناسخ والمنسوخ، الآيات المدنية نسخت تمامًا الآيات المكية، أو بمعنى آخر أن الإسلام في العهد المدني هو الإسلام الحقيقى بدون تزييف أو رياء، ربما كان الانسلاخ الكلي من الموروث الدينى العنيف الدموي ليس بالسهل لبعض الأشخاص، لكن الأستاذ "نواف الشمري" قال الحقيقة الخالصة!
ورددت عليه برسالة ثالثة :-
أنت تعرف جيدًا أننا لسنا على جانبين متعارضين في مسألة أن الغزوات والحروب والاحتلالات الإسلامية منذ موقعة "بدر" حتى حروب سليمان القانوني أو نستطيع أن نقول الهجوم على شباب الاتحادية والإسكندرية كلها حروب، أى تستدعي القتل والحرق والضرب والاغتصاب والتدمير، هذا هو معني الحرب الهمجية والبربرية، أما الإنسانية فهي سلام ومحبة، وأن المسلمين لم يشذوا عن هذا، ولكنني أتكلم عن لغة عصرية يعتنقها المسلم تجعل تفوقه ينبع من الفلسفة والعلوم والأبحاث والإنتاج المفيد للبشرية.. هذا حدث مع البوذية والهندوسية والمسيحية واليهودية، فلماذا لا يحدث مع الإسلام، لقد كاد أن يحدث لولا لعنة البترول وشيوخه منحطي الفكر والتقدير!
فتدخل الأستاذ "حكيم فارس" :-
اتفق تماما مع كل ما ذكرته.. فعلاً الإسلام الحقيقي هو الإسلام الوهابي، أما الإسلام الآخر فهو إسلام بعد التعديل والتجميل والتخفيف، وهذا له سبب، فلو طبقوا الإسلام بالطريقة الوهابية، فإن الشعوب ستثور عليهم وعلى الإسلام، ومما يخفف الهموم عن السعوديين هو المال الذي يمكنهم من السفر والحصول على بعض الراحة التي حرموا منها.
وحتى مع ذلك، نرى أن الأمور بدأت تتغير، وما تقليص صلاحيات هيئة العمل بالمعروف والنهي عن المنكر إلا مؤشرٌ مهم على ذلك، رغم أنه خلال عمل هذه الهيئة لم نسمع أنها قامت أو قدمت معروفًا يومًا، وكل عملها نهي عما يسمونه منكرًا وإجبار على تقديم طقوس.. مودتي لك، وكان الله في عونكم، وأزاح الله عنكم الوهابية وشرورها.. وهنا قررت أن أشرككم معي في الحديث .