الأقباط متحدون - في ختام 2012، مصـر محتـلة فعـلاً
أخر تحديث ١٣:٥٥ | الأحد ٣٠ ديسمبر ٢٠١٢ | ٢١ كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

في ختام 2012، مصـر محتـلة فعـلاً


بقلم: مهندس عزمي إبراهيم
إذ نستقبل عام 2013 بآمال الخير والاستقرار لمصر ولأبنائها، نذكر لعام 2012 تقدير العالم أجمع لبابا العرب، مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث عندما عبر الوجود إلى دار الخلود، كما نذكر له أيضاً عبور السفينة المقدسة، كنيسة الأقباط الأرثوذكس، بهدوء وسلام وحكمة وشفافية تحت قيادة الملاح الحكيم نيافة الأنبا باخوميوس قائمقام البطريرك رغم ما كانت تمر به الساحة المصرية من أعاصير سياسية وفوضوية، حتى تم اختيار الرب لصاحب القداسة البابا تاوضروس الثاني ليجلس على كرسي مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية.
 
يحضرني اليوم مقال نشرته في 25 أغسطس 2012، بعنوان "مصـر محتـلة". فغداً أو بعد غد يودعنا عام 2012، تاركاً بصماته السوداء على صدر مصر الفتاة، مؤكداً أن "مصـر محتـلة" فعـلا. يعيش فيها "المصري مسلماً ومسيحياً" مقهوراً في خوف ورعب وفقر وجوع وبطالة، بينما يمرح ويرتع فيها وفي حناياها المحتل وهو جماعة الأخوان المسلمين ومعهم أخواتها الاسلاميون الوهابيون والجهاديون والقاعدة وحماس ومأجورو إيران وقطر والسعودية.. وغيرهم. 
 
أسرد هنا معظم فقرات مقالي المذكور:
ما كنت أود أن يأتي يوم في حياتي لأكتب مثل هذا المقال.. وما كنت أود أن ياتي يوم في حياتي واشعر بما أشعر به اليوم من خزي وكآبة وإحباط وعار. كل الأمور والأدلة والمعالم من حولنا تشير إلى أن وطنـّا، مصر الحبيبة "محتــلة". ولا يمكن لعاقل مصري مسلم أو مسيحي أن يشك في ذلك أو ينكره.
 
وتعريف الاحتلال في العرف الدولي وفي القواميس العالمية هو "عملية استيلاء دولة أو قوة أجنبية على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى". وبموجب القانون الدولي "يكون هناك احتلال حين تمارس دولة أو قوة ما سيطرة فعلية غير مقبول بها على أراضٍ لا تملك حق السيادة عليها" الاخوان المسلمون ليست دولة غازية ولكنها "قوة أجنبية" غازية تمارس سيطرة فعلية غير مقبول بها على أرضٍ مصرية لا تملك حق السيادة عليها.
 
معظم العامة يفكرون في نوع واحد من الاستعمار وهو الاحتلال العسكري لأنه الأقدم تاريخياً والأكثر وضوحاً كالاستعمار البريطاني والفرنسي والتركي مثلاً في العصور القريبة. وهو استعمار بغيض، ولكنه ليس أخطر أنواع الاستعمار.  فالاستعمار الايديولوجي أشد خطورة وتأثيراً وسلبية على الدول المستعمَرة، وتزداد خطورته عندما يجمع الصفتين: الايديولوجية والعسكرية معاً، كما هو في الاستعمار العربي الاسلامي عندما غزا واحتل دول الجوار الأربعة:مصر وفارس والشام والعراق وما تبعهم من دول أخرى شرقاً وغرباً. فقد كان استعماراً عسكرياً وايديولوجياً.
 
قامت عبر التاريخ حروب وغزوات كثيرة. ومصر بحكم امتداد تاريخ وجودها في أعماق الزمن ولأهمية ثرواتها الانتاجية وموقعها الاستراتيجي تعرضت لعديد من الاستعمارات العسكرية التي مهما تراوحت فترات بقائها بمصر ورغم وضوح آثارها وتأثيرها على المجتمع المصري لم تَمحُ هوية الوطن وأبنائه، ولا لغته ولا ثقافته ولا تقاليده ولا كرامة مواطنيه.
 
أما الاستعمار العربي لمصر (ولغيرها) فكان استعماراً إلى جانب طابعه العسكري البربري له طابعه الايديولوجي أو ما يسمى الغزو الديني أو العقائدي أو المذهبي. هذا اللون من الاستعمار أو بالأصح "الاستيطان" هو أقسى أنواع الاستعمار قاطبة. فالمستعمر العربي استعمر الدول بحد السيف وفرض الدين على مواطنيها لا بالتبشير والتوعية والدعوة، بل عنوة وقسراً يشهد بذلك الأختيار الثلاثي الشهير: الإسلام أو الجزية أو القتال أي القتل وتبع ذلك بطرق أخرى كالضغط والظلم والتمييز والتهجير والكبت والقمع والإذلال والارهاب والتعصب والاغتصاب والاستبداد والاستعباد والجزية والسبي والتكفير، والتصفية الجسدية الفردية والجماعية، والاستنزاف المعنوي والاقتصادي، هذا علاوة على تقييد بل تحريم وتجريم ممارسة الأديان الأخرى.
 
نتج عن ذلك أن صار أبناء مصر وشقيقاتها الشام والعراق وفارس وغيرها، حتى من أسلم منهم، مُذَوَّبين على المشاع فيما يسمى "الدولة الدينية الكبرى" أو "الحكم الديني الإقليمي" ضائعين عرقاً وهوية، منسيين تاريخاً، فاقدين لغة، مندثرين تقاليداً، مُداسين حضارة، محتَقرين عقائداً وأدياناً، ومواطنين من الدرجة الثالثة عشر في عقر أوطانهم. فتلك الدول محتلة بكامل معنى الاحتلال. ولا يختلف في ذلك عاقل. وعلى العموم فهذا فصلٌ من التاريخ ومُقـَدَّرٌ واقع ولن يفيد البكاء على اللبن المسكوب، أذكره بقصد الانتبـاه إليه فالأخوان على وشك أن يدفعوا مصر إلى ذاك المستنقع من جديد بعد أن أفاقت من وحله في عصر نهضة القرن العشرين العظيمة.
 
كما أدرجت في مقدمة المقال أن تعريف الاستعمار هو "استيلاء دولة أو قـوة أجنبية على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى". مخطيء من يظن أن جماعة الأخوان المسلمين ليست "قـوة أجنبيـة". فأعضاؤها وقادتها ومرشدوها ليسوا مصريين، أو تابعين لمصر أو حتى تابعين لأي دولة عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة. فهم جماعة على "المشاع" في كل أنحاء العالم حتى في الدول الغير مسلمة. الاخوان أعضاء جمعية عالمية أقسَم أعضاؤها يمين الولاء "للجماعة" لا "لوطن معين".. ولاؤهم وانتمائهم ليس لمصر، ولا لأي وطن معين!!
 
هذه هي الحقيقة!! وأدرج هنا قسَم الولاء الاخواني حرفياً ولن يجد به القاريء أي ذكر لولاء لمصر أو ذكر أي وطن:
(("بسم الله الرحمن الرحيم. أُبَايِعُكَ بِعَهْدِ اللهِ ومِيثَاقِهِ عَلَىْ أَنْ أَكُونَ جُندياً مُخلِصًا، عَامِلاً في جَماعَةِ الاخوان المُسْلِمِينَ، وعَلَىْ أَنْ أَسْمَعَ وأُطِيعَ في العُسْرِ واليِسرِ والَمنْشَطِ والمَكْرَهِ إلاَّ في مَعْصِيةِ اللهِ، وعَلَىْ أَثَرَةٍ عَلَىّ، وعَلَىْ ألاَّ أُنَازِعَ الأمرَ أَهْلَهُ، وعَلَىْ أنْ أَبْذُلَ جُهْدِي وَمَاليِ ودَمِي في سَبيلِ اللهِ ما استطعتُ إِلى ذَلِكَ سَبِيلاً واللهُ عَلَىْ مَا أَقُولُ وَكِيلٌ" "فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا "))
 
مخطيء من يظن أن عضو جماعة الاخوان المسلمين له ولاء لمصر. نعم، منهم ملايين ولدوا بمصر من أباء وجدود مصريين وعاشوا ويعيشون بها ويحملون جنسيتها. ولكنهم أعضاء تابعين لجماعة "الاخوان المسلمين" وهي جماعة بلا وطن معين. شأنها شأن الجماعات الإرهابية العالمية كـ"القاعدة" منظمة أسامة بن لادن الإرهابية.التي تتبرأ منها ومن أعضائها كل الدول حتى التي ولدوا بها والتي يقيمون فييها 
 
وتاريخ الاخوان بمصر معروف. هم موجودون في مصر منذ عام 1928، ولم تقم لهم قائمة إلا اليوم. لقد طفوا على السطح فترات، وطوردوا واختفوا تحت االسطح وفي المنفى وفي بطون السجون والمعتقلات فترات أطول. وذلك بسبب مطامحهم السلطوية التوسعية الشمولية واستعدادهم الدموي تحت شعار "السيفين" و"أعـِـدُّوا" لتحقيقها بأي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة، التصفيات والاغتيالات المعنوية والجسدية أنواعٌ منها.
 
ولكن لم تصل الاخوان إلى مأمولها السلطوي حتى قامت "زوبعة 25 يناير 2011"، بمجموعة من الشباب المصري الحر المنتفض والمتشوق إلى الحرية والديموقراطية وإصلاح الوضع الاجتماعي والاقتصادي بمصر. وكان ينقص هؤلاء الشباب القيادة والتخطيط والخبرة السياسية. فاندسَّت الاخوان بين صفوفهم بمكر ودهاء وتضامنت مع الجماعات الاسلامية الأخرى واقتنصوا منصات ميدان التحرير وميكرفوناتها اقتناصاً. سرقوا ثورة الشباب وأعلنوا ملكيتها رغم رفضهم المشاركة فيها في أيامها الأولى. ثم بالتضامن مع الاسلاميين وبتخاذل أو تضامن القيادة العسكرية الحاكمة أشاعوا في مصر جواً لم تره مصر في أي عصر من تاريخها الطويل. غمروا مدنها وقراها، وشوارعها وحواريها، وميادينها ونواصيها بالفوضى والارهاب والقتل والحرق والنهب والخطف والسحل والاغتصاب وقطع الطرق ودهس الأبرياء وهتك العرض وتعرية العذارى.. حتى كتابة هذا المقال.
 
وكما سرقوا ثورة الشباب أو ثورة التحرير، سرقوا عمليات الانتخاب الثلاثة بمساعدة المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير ممحمد طنطاوي والفريق سامي عنان (شاء المجلس أم لم يشاء) (بل في الحقيقة شاء وباع لهم مصر بخسة). اشتروا مصر أو سرقوها بخبث الثعالب باصرارهم أن تتم الانتخابات قبل وضع الدستور. بِدءاً بالالعوبة الفاجرة بالتصويت بـ "لا" تؤدي لجهنم و"نعم" تؤدي للجنة، تلاها مهزلة انتخابات البرلمان المفبركة، ثم انتهت بانتخابات رئاسة الجمهورية التي قيل فيها ما قيل. تمت تلك الثلاث مراحل الانتخابية التي يدَّعي الاخوان أنها ديموقراطية وشفافية بطرق أقل ما يقال عنها أنها غير ديموقراطية وغير نزيهة، بل محشوة بالتزوير والتزييف والارهاب والتلفيق والرشاوي والتهديد. لخصها الدكتور خالد منتصر بمهارة وصدق فى مقال له بعنوان (("ديمقراطية الزيت والسكر والمسطرة". وأستسمحه بنقل فقرة منه حرفياً "تزييف وتزوير الوعى بدأ من منابر المساجد التى احتلها الاخوان والسلفيون الذين لا يحتاجون إلى مقار أو لافتات، فكل مسجد أو زاوية فى مصر صارت مقراً انتخابياً ولافتة دعائية، وبعدها نقول ديمقراطية! تبدأ الخطبة بذكر أفضال وعظمة وجمال وتقوى وورع حزب الله الاخوانجى، وتنتهى بالدعاء على الفسقة الفجرة أعداء الله من الليبراليين والعلمانيين من حزب الشيطان، ومن أفلت من مفرمة تزييف الوعى المنبرية ، دخل فى مغسلة الفضائيات الدينية التى تمارس نفس الدور بشكل أكثر مهارة وبفلوس ورواتب أكثر وفرة!! ومن أفلت من هذا وذاك اشتراه الاخوان بكيس رز وزيت ولحمة، واشترى أولاده بقلم ومسطرة مكتوب عليها اسم الحزب!!
وبعدها نقول ديمقراطية."))
بكل ذلك.. وبالضغوط من دول مغرضة شرقية وغربية، وبالتهديدات والتحالفات الغير سوية تسرب الاخوان إلى نواصي السلطة بالشارع المصري. وبالصفقات المريبة السرية والعلنية التي أدت لركوب الدكتور محمد مرسي عضو جماعة الاخوان وأحد قياداتها على صهوة مصر. وبتبعية الرئيس للأخوان مقسَماً بالولاء لمرشدها وأهدافها التوسعية التي "على المشاع"، أي لا ولاء لوطن بعينه، فيمكن الجزم بعدم ولاء مرسي حاكم مصر لمصر. ولا إخلاصه لها لأن تكون دولة حرة مستقلة!!
 
لأن ولاءه للجماعة التي جوهر أهدافها أن تكون مصر ولاية أو دويلة شأنها شأن الصومال وأفغانستان ونيجيريا في خلافة وهمية خرافية جوفاء لا قوائم لها ولا فائدة منها إلا أغراض شخصية سلطوية بحتة لمن ينادون بها. خلافة بعيدة عنا جغرافياً وفلسفياً وفكرياً وقلبياً ومعنوياَ واقتصادياً.. خلافة لا تنتج ولا تعمل ولا تزرع ولا تصنع ولا تبدع ولا ترعى ولا تراعي. خلافة تحكمنا بالريموت كنترول وتسحب أموال الوطن (الخراج السنوي) ليثرى الخليفة وحاشيته وذبانيته وحريمهم وجواريهم وما ملكت أيمانهم.. ويجوع الغلابة المستعبَدين أبناء الوطن "دويلـة مصـر" وأخواتها!!.
 
هل في هذا المنطق تجَنـّي على السيد الرئيس محمد مرسي؟ طبعاً لا. فكل الدلائل تؤيد اعتقادي. قراراته ليست مصرية الهدف. خُطبُه يلقيها من منابر المساجد، تحياته في افتتاح خطبه موجهة إلى "أهلي وعشيرتي" لا إلى "أبنـاء وطني"، تعاطفه مع التيارات والجماعات المسلحة والمتطرفة دينياً والمتأسلمين حماس وقادة غزة والقاعدة والسلفيين والوهابيين وغيرهم خريجي السجون، والترحيب بحاملي سلاح الجهاد الإرهابي الدولي، وعفوه عن الارهاببين المعتقلين لجرائم أمنية وطنية، وفكرة بيع قناة السويس لامبراطورية قطر، وزيارات أمير قطر المشبوهة السرية لمصر ولغزة، ومحاولة تقسيم مصر واهداء أجزاء غالية من أرضها المقدسة لغيرها. وفتح حدود الوطن لمن يشاء من الارهابيين والمهرىبين والمغرضين يدخل ويخرج كرواد البارات وبيوت العاهرات. كل هذا وغيره صارفاً النظر عما تعانيه مصر من مشاكل في جميع حناياها الحيوية الداخلية وعجز في ضرورات واحتياجات الشعب الحياتية اليومية من مياه وخبز وغاز وكهرباء، إلى بطالة وبلطجة وفوضي أمنية وفساد اجتماعي وانحلال أخلاقي وركود اقتصادي.
 
هذا علاوة على المناورات الشائنة التي أدت إلى تفصيل دستور اخواني على مقاسه ومقاس الجماعة، والضغط على المعتدلين مسلمين ومسيحيين حتى اضطرارهم للانسحاب من لجانه وقراراته. واصدار المشايخ الاخوانيين والاسلاميين لفتاوي عديدة تعسفية مغرضة بتكفير واهدار دم المواطنين الأبرياء مسلمين و مسيحيين المختلفين معهم في الرأي دون رادع من قانون. واستبدال رؤساء التحرير ورجال الصحافة والأعلام المعارضين والمعتدلين بآخرين اخوانيين. واغلاق الفضائيات المعارضة في الرأي رغم اطلاق العنان للفضائيات الدينية المتطرفة التي تبث البذاءة والحقد والتلفيق والتحريض على سفك دماء المواطنين. هذه عينات فقط من تمكين الرئيس مرسي الأخوانجي للأخوان للسيطرة على مقاليد الدولة ومفاصل اجهزة ومؤسسات ووزارات وسلطات تشريعية وتنفيذية والسعى الى الاستحواذ على السلطة القضائية.. الأمر الذي لا يترك مجالاً للشك على أن مصر (محتلة باحتلال بحكم عسكري ديني أخواني قمعي سلطوي) يطرد فكرة المدنية الحرة والديموقراطية الحقة من مصر ويغلق الباب خلفها لأمـد طويـل (لا قـدَّر اللـه).
 
الاستعمار العسكري يمكن التخلص منه بثورات شعبية أو نضال قومي خلال سنوات معدودة، وهناك استعمارت عسكرية لم يدم حكمها إلا بضعة شهور. أما الاستعمار الايديولوجي الديني وهو عسكري في نفس الوقت فيشهد التاريخ أنه لا يمكن التخلص من براثنه وأنيابه في قرون. حيث يتسلح المستعمر الديني بسلاحين: فكل أعضائه وتابعيه مجاهدون مجندون مسلحون مدرجون في مليشيات منظمة عسكرية وإعلامية مدربة لقمع وتحطيم وتخوين وتهشيم وتهميش أي معارضة، كما أنه يلعب بمشاعر العامة البسطاء والأميين وهم غالبية الشعوب في دول الشرق، ويقنعهم أن المعارضة للحاكم أو لنظام الحكم هي نضال ضد "اللــه"، وكأن المستعمر هو "اللــه" أو موكلٌ منه، ويتهم معارضيه بالكفر والزندقة ويحلل قتلهم باسم "الديـن" وباسم "اللـــه".
 
لقد بدت هذه الأيام بشائر ومعالم، بل براثن وأنياب هذا التيار الاستعماري فارتفعت أصوات اخوانية متطرفة تتشدق بالتكفير والتمييز وفرض الجزية. لا يفرض الجزية على أبناء الوطن إلا مستعمِر. مقالي هذا ليس ضد الإسلام بل ضد "الإسلام السياسي" و"الاستعمار الاخواني". فقد حكم مصر في أزهي عصورها الحديثة عصر "الزمن الجميل" مصريون مسلمون مؤمنون لم يرتفع في عصرهم صوت متطرف بمثل هذه الترهات. لأنهم كانوا مصريين مسلمين مؤمنين حقيقيين أوفياء لمصر. ولم يكونوا مستعمِرين.
 
الرئيس الحاكم لمصر اليوم اخواني، أي أنه عضو في جماعة الاخوان بل ومن قياداتها، ولم يكن يصل إلى كرسي الرئاسة لولا اجتهادات الاخوان التى يعلم الشعب المصري والعالم كله أنها اعتمدت في منهجها لذلك على التزوير والتلفيق والخداع والتخوين والتخويف والتهديد والارهاب والصفقات المشوبة سرية وعلنية بداخل مصر وبخارجها خاصة مع حماس وقطر والسعودية وإيران وأمريكا واسرائيل.
 
وأعجب كل العجب من د. محمد مرسي رئيس جمهورية مصر. الرجل الذي عاش وعمل ورَبّى أولاده وذاق طعـم الحياة الكريمة الحرة هو وأسرته في أمريكا منبع الحرية وحصن الديموقراطية والإنسانية ومعقل احترام القانون، والإيمان بأن رعاية الفرد من رعاية الوطن، كيف يرضى للمصريين أبناء وطنه بأقل من تلك المحاسن!!
 
ولكني أعرف السبب، ومتى عُرف السبب بطل العجب. السبب سببان أولهما أنه اخوانجي والاخوان جماعة قمعية سلطوية ضد الحريات بصفة مطلقة. والسبب الثاني أنه أقسم للولاء للأخوان، والخنث بقسَم الاخوان ثمنه الاغتيال الصريح.
 
نودِّع عام 2012، إلى غير رجعة تاركاً مصر بين يدينا محتلة بالفاشية الدينية المتأسلمة. ولن ينكر ذلك إلا إخواني أو جاهل أو مخدوع. ولكن إلى أجل ليس ببعيد حين يستيقظ رمسيس مصر الجديد. إبن مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وغيرهم من الأبطال الأوفياء لمصر. أو ينهض لمصر البكباشى البطل جمال عبد الناصر، مصري حر من جيشها الباسل ليتحد مع أبناء مصر الأحرار في الساحة السياسية لإيقاف "أخوَنة الوطن". فيساندهم ويوحدهم ويحتضن أتباعهم ويؤلف شمل أحرار وشباب وكل شعب مصر من فلاح وعامل ومدرس ومهندس وطبيب ورجل وامرأة ومسلم وقبطي صفاً واحداً، ويقودهم في 2013 نحو الحرية البيضاء أو الحمراء ويرفع عن مصر هذا الردى المشرئب، الاحتلال البغيض والكابوس الثقيل الكئيب.. فتعود مصر حـرة أبيَّـة ديموقراطيَّـة تكفل لمواطنيها نقاء وكرامة الحياة وحرية الإبداع والتعبير وحرية الأديان لجميع مواطنيها.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter