الأحد ٣٠ ديسمبر ٢٠١٢ -
٥٣:
١١ ص +02:00 EET
بقلم: مدحت بشاي
من تأملات قداسة البابا شنودة الثالث وتجليات الميلاد المجيد والتي ألقيت في القاعة المرقسية بدير الأنبا رويس بالقاهرة عام 1966"عجيب هو الرب في إتضاعه ، عندما أخلي ذاته في ميلاده ..نزل إلى العالم هادئا بدون ضجة ، ودخله في خفاء لم يشعر به أحد ... لم يحدد من قبل موعد مجيئه . .ولد في يوم مجهول ، لم تستعد له الأرض ولا السماء ، ولم يستقلبه فيه أحد . يوم ميلاده كان نكره بالنسبة إلى العالم ، مع أنه من أعظم الأيام إذ بدأ فيه عمل الخلاص الذي تم على الصليب ، ولو نزل الرب إلى العالم في صفوف ملائكته ، على سحابة عظيمة ، أو في مركبة نورانية يحيط به الشاروبيم والسارافيم ... وقد إرتجت له السموات وكل قوي الطبيعة ... أو لو أن السماء إحتفلت بميلاده ، وليس بنجم بسيط يظهر للمجوس ، بل إهتزت له كل نجوم السماء وكواكبها ... لو حدث ذلك ، لقلنا إنه أمر يليق بالرب ومجده ...
لعل من أبرز أحداث عام 2012 رحيل قداسة البابا شنودة الثالث ، ففد مثل رحيله التحدي الأبرز للقائمين على الكنيسة المصرية في زمن تصاعد بل وحكم تيارات الإسلام السياسي ، وكان أخر تعامل البابا شنودة مع رموزهم هو لقاءات بينه وبين المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين قبل وفاته بنحو عشرة أيام، و حضور بعض ممثلى الجماعة لتهنئته بعيد الميلاد.وكان البابا شنودة يحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع كافة القنوات الرسمية وغيرالرسمية، بعيدا عن سياسة المواجهة أو التصعيد، وقد طرح مشهد جنازة البابا مخاوف كل من الأقباط والكنيسة المصرية من تبعات ومخاطرالمرحلة الانتقالية لمؤسسة الكنيسة في زمن تعيش فيه البلاد والعباد مرحلة انتقالية على أرض المحروسة من زمن مبارك إلى زمن العسكر وبعده زمن الإخوان ، وصاحب تلك المرحلة تصاعد بعض الأحداث الطائفية والتصريحات المتفلتة التي تدفع إلى حالة من القلق والتوتر وصولاً لنزال طائفي ..
وكان الحديث عن الجزية و ظهور من يتحدثون باسم جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعودة مسمى أهل الذمة. وأيضا تصعيد الكلام حول شعار "الإسلام هو الحل"، كما تطرحه جماعة الإخوان المسلمين..
ولا يقتصر قلق الشارع المصري من صعود حركة الإخوان المسلمين بقدر تخوفاته من صعود التيار السلفى وتصريحاته المتضاربة بشأن حقوق المواطنة والعلاقة مع الآخر، وممارسة العنف اللفظي تجاه الكنيسة ، وهل ينسى الأقباط رفضهم الوقوف دقيقة حداد على روح قداسة البابا الراحل بدعوى أن هذا الأمر غير وارد فى الشريعة الإسلامية.
ثم كان التحدي الأخر للكنيسة المصرية ، هل تقبل دخول الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بتشكيلها المرفوض قانونيا وشعبيا ، وضد مبدأ متعارف عليه في كل الدنيا مفاده أن الدساتير يتم وضعها بالتوافق لا بحكم الأغلبية ، وقبلت الكنيسة التحدي ، وحاول ممثليها العمل بجد واجتهاد ليس لصالح الكنيسة والأقباط فقط بل لصالح كل المصريين ، ولكن باءت كل المحاولات بالفشل مع إصرار تلك التيارات على تجاوز كل معايير وأعراف ونظم التوافق على وضع الدستور ، وعليه كان انسحاب الكنيسة المصرية كموقف وطني يُحسب لرموزها ..
ثم كان الدعوة لاجتماع حوار رفضته الكنيسة مع كل قوى العمل السياسي المصري لأنه بلا جدول عمل واضح وأنه بات واضحا أنها محاولة يائسة لتوقيع المعارضة على دستور مرفوض ..لقد نجحت الكنيسة المصرية في عهدها الجديد في كل ما ذهبت إليه من قرارات ، لكنني فقط كنت أتمنى أن ترفض الكنيسة مبدأ تمثيل الأقباط سياسيا ولا ترشح أعضاء لمجلس الشورى ، وأن تعلن رسميا أسماء من رشحتهم حتى لا يتم الزج باسمها من قبل اسماء قد يرفضها المواطن المسيحي، وإذا كانت لم ترشح أحد فلتعلن الأمر بشفافية حتى لا يتحدث من قبلوا باسمها .. أيضاً أتمنى أن يتم قصر تهنئة المسئولين على الحضور في قاعات الاستقبال البطريركية ، وألا نستبدل جمال مبارك بالبلتاجي والعريان وأن يلتزم الحضور بتعليمات قداسة البابا تواضروس الثاني بعدم التصفيق وإطلاق الزغاريد .. أرجوكم إنسوا !!!
تحية للأنبا باخوميوس والبطريرك تواضروس الثاني لقد كان لوطنيتهم ومحبتهم لكنيستهم عبر احتضان الكل تحت مظلتها الدور الهام في منح قبلة التجدد والانطلاق الروحي لكنيستنا العتيدة .. وأترك قارئ الأقباط متحدون مع نص الخبر التالي تحت عنوان " مفاجأة تواضروس فى عيد الميلاد: البابا يعد «أقباط 38» بالوصول إلى حل توافقى يسمح لهم بالزواج الثانى "..وجاء في متن الخبر بجريدة الصباح : فى تطور غير مسبوق فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التقى البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أعضاء رابطة «أقباط 38»، التى تطالب بالزواج الثانى للأقباط، الحاصلين على طلاق أو بطلان كنسى، وهو ما رفضته الكنيسة طوال تاريخها، لمخالفتهم لائحة الكنيسة وتعديلاتها المعروفة بـ«لائحة 38» التى يقتصر فيها الطلاق فى المسيحية لعلة الزنى أو تغيير الدين.
وقال نادر الصيرفى المتحدث باسم رابطة «أقباط 38» إن البابا تواضرس وعد أعضاء الرابطة بعرض الأمر على المجمع المقدس لمناقشته واتخاذ قرار فى أقرب وقت، والاستعانة بمستشارين قانونيين للوصول إلى حل توافقى بين القوانين الكنسية والمدنية.ووصف الصيرفى، الجلسة بأنها كانت أبوية ورعوية، مؤكدا أن لائحة 38 المتعلقة بالطلاق لم تكن صادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية... فقط تذكر عزيزي القارئ كيف كانوا يواجه هؤلاء عند محاولاتهم إبلاغ رأيهم ولن أزيد !!
كل سنة والأحباب قراء ومشاهدي موقع ومجلة وبرامج الأقباط متحدون طيبون يعيشون حالة الأمل أن يستجيب الله لدعواتهم لأن يحمل لهم العام الجديد حالة سلام اجتماعي وإنساني والتعايش المشترك وكنيسة تجدد ميلاد المحبة في ربوع المحروسة..