الأقباط متحدون - لماذا ستدفع الحكومة ربع مليار جنيه لأغنى رجل في العالم؟
أخر تحديث ٢٢:٥٧ | الاثنين ٣١ ديسمبر ٢٠١٢ | ٢٢ كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا ستدفع الحكومة ربع مليار جنيه لأغنى رجل في العالم؟

على صفحته على «فيس بوك» نشر السيد رئيس الوزراء هشام قنديل صورة لاجتماع مجلس الوزراء تحت عنوان ''أهم القرارات الصادرة عن الإجتماع الإسبوعي الخامس عشر لمجلس الوزراء''.

وهي في المجمل 6 قرارات، لكن ما يهمنا هو القرار الأول والقرار الرابع. فقد نص القرار الأول على «الموافقة على تغيير مساحة 400 فدان مملوكة لشركة أبو الفتوح للتنمية الزراعية والسياحية من نشاط زراعي إلى نشاط عمراني لبناء مدينة سكنية متكاملة على طريق مصر/ إسكندرية الصحراوي الأمر الذي سيدر على الدولة حوالى 600 مليون جنيه».
 
أما القرار الرابع فنصه كالتالي «فى مجال توفير أدوات نظم قواعد البيانات والبرمجيات تمت الموافقة على التعاقد مع شركة (ميكروسوفت) لشراء الرخص الخاصة بالحاسبات المكتبية والخوادم المستخدمة فى الحكومة، شاملة صيانة وتحديث البرامج طبقا لجدول إعداد الرخص وذلك بقيمة 43.762.321 دولار و23 سنتا(ثلاثة وأربعون مليونًا وسبعمائة واثنان وستون ألفًا وثلاثمائة وواحد وعشرون دولارًا وثلاثة وعشرون سنتا)''.
 
43 مليون دولار أي ما يقارب 250 مليون جنيه مصري. تقريباً نصف المبلغ الذي من أجله ستحول الحكومة أرضا زراعية إلى مبان.
في جلسة واحدة تقرر الحكومة قطع 400 فدان من «قوت» هذا الشعب ومن ثروته الزراعية لكى تدفع نصف هذا المبلغ إلى شركة ميكروسوفت لشراء برمجيات لم يعد يتم الاعتماد عليها في الإدارة الحكومية في معظم الدول المحترمة ببساطة لأنها تكنولوجيا احتكارية وبليدة.
 
الخبر لم يوضح هل تم طرح مناقصة وتقدمت شركات مختلفة، أم أن العرض قد تم منحه بالأمر المباشر لشركة ميكروسوفت. البرمجيات والرخص التي ستشتريها الحكومة المصرية في عز الأزمة الاقتصادية بـ43 مليون دولار عبارة عن برامج لتشغيل الحواسب المكتبية والخوادم (Servers) التي تستخدم لحفظ قواعد البيانات والمعلومات الحكومية، أين الأمن القومي بالمناسبة، وهل تم افتتاح فرع للجهات السيادية في ميكروسوفت أم العكس حدث؟
 
لكن الأهم أنه وبعد عامين على ثورة الشباب الطاهر 25 يناير تأتى حكومة من مجموعة من العواجيز والرؤوس البيضاء الفارغة ولا أحد فيهم يتساءل لماذا تظل مصر من الدول القليلة المتخلفة الواقعة في براثين أنظمة ميكروسوفت فقط، دون التفكير في توسيع الدائرة أو الانفتاح على شركات وتقنيات أخري.
إلى جانب شركة ميكروسوفت فهناك عشرات الشركات العالمية التي تقدم نفس الخدمات وهناك شركتان محلتان مصريتان ربما كانتا أولى بالــ300 مليون جنيه أو على الأقل بمائة منها. لكن الأهم أنه في مقابل برمجيات ميكروسوفت فهناك عالم كامل ومتكامل من البدائل المجانية التي يمكن للحكومة الاعتماد عليها وأقصد بذلك الأنظمة مفتوحة المصدر مثل «الأوبنتو Ubuntu» و «اللينوكس Linux» واستخدام هذه البرمجيات سيوفر على الحكومة طبقاً لتقديرات بعض الخبراء ما بين 70% و90% مما تدفعه لشركة ميكروسوفت.
 
ما ستدفعه الحكومة في حالة استخدام البرمجيات الحرة سيتوجه إلى شركات ومبرمجين مصريين شباب من أجل تطوير البرامج وصيانتها وتدريب الموظفين، أي أن الأموال سوف يتم دفعها بالعملة المحلية وستضخ في الاقتصاد المصري لا في جيب شركة ميكروسوفت.
 
البرمجيات الحرة ومفتوحة المصدر ليست بدعة أو اختراعا جديدا بل هي الخيار الأول لدى معظم حكومات ودول العالم، أبرز تلك الهيئات البيت الأبيض، وزارة الدفاع الأمريكية، مدينة فينا، الحكومة الإسبانية، الحكومة الباكستانية، الفلبين، فرنسا، وأخيرا الحكومة الروسية التي بداية من العام القادم ستحتفل بأن كل أجهزتها الحكومية تعتمد على أنظمة مفتوحة المصدر.
الفرق بين استخدام البرمجيات البليدة كتلك التي تقدمها ميكروسوفت والبرمجيات الحرة ليس فقط في انخفاض التكلفة، بل في نشر منظومة ثقافية وإلكترونية أكثر إبداعاً تؤثر في المناخ الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع ككل. وللتوضيح فإذا كانت برمجيات ميكروسوفت هي السمكة، فالبرمجيات الحرة هي الصنارة.
 
بينما مساحة التطوير والابتكار مغلقة في برمجيات ميكروسوفت، فمساحة التعديل والابتكار مطلقة في البرمجيات الحرة، وهو الأمر الذي ينعكس بشكل جذري على أداء دولاب العمل الحكومي والنمط الإداري كله في الدولة وأدعوكم لقراءة هذه الدراسة عن الأبعاد الاستراتيجية لاستخدام البرمجيات الحرة في الإدارة الحكومية.
 
*** 
بقيامها بدفع 43 مليون دولار لميكروسوفت توجه حكومة مرسي رسالة قوية تعلن فيها عن تمسكها بالمسار المتخلف الذي اندفعت فيه مصر في عهد رئيس الوزراء نظيف. المسار الذي يقوم على قتل الأحلام والابتكار في ذهن الشباب، والاكتفاء بتحويلهم إلى عبيد في مستعمرات «القرية الذكية» حيث يعملون لأكثر من12 ساعة يردون على الهاتف ويقدمون خدمة العملاء، أما الأذكياء منهم فيعملون في فرع ميكروسوفت المحلى في مصر وغيرها من الشركات العالمية كمندوبي مبيعات وتسويق، والأذكى المبتكرون يتم تصديرهم مباشرة إلى الخارج بالطبع.
 
لأجل هذا عزيزي القارئ تدفع الحكومة 43 مليون دولار لأغنى رجل في العالم؟
من أجل القضاء على أي بذرة ابتكار في هذا البلد، ونشر البلادة وانعدام الخيال. تأمل مثلا حينما بدأت الحكومة المصرية اعتماد تطبيق رخصة قيادة الحاسب الآلى، في أوروبا على سبيل المثال وحتى في دول أخرى تعنى رخصة قيادة الحاسب الآلى «ICDL» تدريب استخدام جهاز الكمبيوتر بغض النظر عن نظام التشغيل المستخدم سواء كان «وندوز» أو أي نظام آخر. لكن في مصر حينما اعتمدت الحكومة الشهادة تم صرف ملايين الملايين فقط لتعلم المصريين «برنامج الوندوز» وبرنامج «الوورد».
 
هل أبالغ؟
هل فعلا تدفع الحكومة 43 مليون دولار للحفاظ على مستويات الجهل والبلادة في أفضل حالاتها؟
إذا كنت أبالغ، فلماذا ينشر السيد رئيس الوزراء بكل هذه الجرأة والثقة في النفس قراراته المتناقضة بمنتهى الفخر على «فيس بوك»؟
بالتأكيد لأنه يعتقد أنه يتعامل مع بهائم أو جهلة لا يقرأون ولا يفقهون، ولن يتوقف أحدهم أمام هذا التناقض.. حكومة تتخلص من 500 فدان من الأراضي الزراعية مقابل 600 مليون جنيه، تدفع نصفها لأغنى رجل في العالم، مقابل برامج كمبيوتر بليدة تحولك لعبد باستمرار لميكروسوفت دون أن تمتلك صنارتك.
 
لماذا تريدك الحكومة جاهلاً بليداً لكى تبيعك بأرخص الأسعار والشروط لشركات القرية الذكية؟
لذا فبالتأكيد من أجل رفع نسبة الجهل والبلادة الذهنية، والحفاظ عليك مواطناً بليداً مطيعاً يمكن للحكومة أن تدفع 43 مليون دولار وأكثر.

نقلاً عن مصراوي

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع