الأقباط متحدون - الحب والسعادة
أخر تحديث ١٨:٤٩ | الاثنين ٣١ ديسمبر ٢٠١٢ | ٢٢ كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الحب والسعادة


بقلم:أنطوني ولسن
 
أولاً: الحب..
الحب هو البِساط السحري الذي يطير بك إلى الجبال ويهبط إلى الوديان، ولا ترى سوى الجمال، ولا تشعر إلا بالحنان. وهو أي الحب، أكسير الحياة الذي يعطيها الدفعة القوية لتواجه صعابها ونكباتها.
 
الحب هو الدواء لكل داء ينخر في نفس الإنسان ويجعله يحقد ويحسد ويكره ويقتل ويدمّر ويغار ويحتار. إذا كنت تحب إنسانًا تجد قلبك خاليًا من الحقد والحسد والكُره وكل الآفات الإنسانية الفتّاكة. مَن يحب يشعر أنه قريب جدًّا من الله؛ لأن الله محبة، وقريب جدًّا من الإنسان؛ لأن الإنسان أحبُ المخلوقات وأقربها إليه.. إلى الله.
 
الحب الحقيقي هو الحب المُعطي. يعطي بلا معايرة. وإذا أعطى الإنسان المحتاج إلى العطاء من قلبه دون أن يعايره، يردُّ إليه قلب المحتاج حبًّا قويًّا مملوءًا بالوفاء والإخلاص والتضحية.
 
عندما أحب الله هذا المخلوق الضعيف الذي خلقه وهو الإنسان، ضحى بنفسه آخذًا شكل انسان، معلقاً فوق صليب العار، سافكًا دمه الزكي، مخلصًا إياه من موتٍ محقق هو أجرة الخطية.
 
"هكذا أحبَ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد".
 
الحب إذن هو أسمى الصفات التي يمكن للإنسان أن يتحلّى بها، فيقوم بأعظم المعجزات التي لا يستطيع القيام بها بأعماله أو إيمانه. هكذا تقول الآيات في الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس الأصحاح 13 والتي نقرأ منها الآيات التالية:
 
- "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرتُ نُحاسًا يطنّ أو صنجًا يرنّ. وإن كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لي كل الأيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس محبة فلست شيئًا. وإن أطعمت كل أموالي وإن سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئًا. المحبة تتأنّى وترفق.. المحبة لا تحسد، ولا تظن السوء...".
 
وفي آخر الأصحاح نقرأ:
- "أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة. هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة".
ثانيًا: السعادة..
 
عندما يبحث الناس عن السعادة. يظن بعضهم أنها في المال، ويظن آخرون أنها في البنين، وتظن مجموعة من البشر أنها.. السعادة، في السلطة والجاه. بل قد يظن المرضى فكريًّا من البشر أنها في التعنّت والصلف واستعباد الناس وإذلالهم، فيجدون في هذا العمل سعادة لنفوسهم السقيمة المريضة.
 
ويظل الإنسان يبحث عن السعادة.. ولا يجدها..يا تُرى ما السبب في اختفاء السعادة وبُعدها عن الناس؟ وهذا مجرد اجتهاد مني، أن الإنسان يبحث عن السعادة بين الأشياء الزائلة الفانية المادية. ولا يبحث عنها بين الأشياء الخالدة الأزلية الروحية.
 
والسعادة ليست فيما حولنا. بل هي كما أعتقد أيضًا أنها موجودة بداخلنا. أي أنها قريبة جدًّا من كل واحد فينا. كيف يكون هذا والإنسان يلهث ويجري ويموت دون الحصول على السعادة التي بداخله؟ لسبب بسيط، أنه لم يفكر أبدًا فيما يمتلك هو وليس ما يمتلك غيره. لو فكر الإنسان فيما أنعم الله عليه به لشعر بالسعادة.. ولكنه يقلل من شأن عطايا الله له، ويجد في العطايا التي يعطيها الله للآخرين سعادته.
 
ويتعذب الإنسان الذي لا يستطيع الحصول على ما للغير، ولا يستطيع الاستمتاع بما بين يديه. وقد صدق قدماؤنا عندما قالوا "القناعة كنز لا يفنى".
 
ونقرأ في حادثة الغني الذي ذهب للرب يسوع وسأله كما جاء في إنجيل مرقس الأصحاح العاشر 17 ـ 22 الآتي:
 
- "وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية. فقال يسوع لماذا تدعوني صالحًا، ليس أحدٌ صالح إلا واحد وهو الله. أنت تعرف الوصايا، لا تزنِ، لا تقتل، لا تشهد بالزور، لا تسلب، أكرم أباك وأمك. فاجاب وقال يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فنظر إليه يسوع وقال له، يعوزك شيء واحد، اذهب بِعّ كل ما لَكَ وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعالَ اتبعني حاملاً الصليب. فاغتمّ على القول ومضى حزينًا لأنه كان ذا أموال كثيرة".
 
ياليتنا ونحن نخطو أولى خطواتنا لعام 2013 أن نعرف المعنى الحقيقي للحب المعطي، وأن لا نبحث عن السعادة في أشياءَ زائلة؛ لأن السعادة في قناعتنا بما لدينا، وتقدمنا بالحمد والشكر لله الذي وهبنا السعادة في قلوبنا، في داخلنا.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter