لم أصدق أذنى وأنا أسمع الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الإخوان المسلمين، وهو يدعو يهود إسرائيل الذين كانوا يقيمون فى مصر إلى أن يعودوا إليها بحجة أن عبدالناصر طردهم بعد حرب السويس ظلماً وعدواناً، وبحجة أن ذلك سيفسح المجال للإخوة الفلسطينيين كى يستوطنوا إسرائيل.
ما هذا الهذيان؟ ما هذا الفهم السطحى للأمور الذى يقترب من حد السذاجة؟ فمن قال إن مشكلة الفلسطينيين هى عدم وجود مساحة تسعهم فى إسرائيل وإن هجرة بعض اليهود إلى مصر ستحل مشكلتهم؟
ومن قال إن اليهود الذين تركوا مصر عام ١٩٥٦، أى قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، مازالوا على قيد الحياة؟ أو إن ذويهم الذين ولدوا وعاشوا خارج مصر يرغبون فى الهجرة إليها؟ ومن قال إن إسرائيل ستسمح أصلاً بتوطين الفلسطينيين فيها سواء تركها اليهود الذين أتوا من مصر أو لم يتركوها؟ ثم من قال إن اليهود الذين تركوا مصر ذهبوا إلى إسرائيل؟ من الحقائق المعروفة أن معظمهم استقروا فى الدول الأوروبية التى كانوا يحملون جنسياتها، والقلة القليلة هى التى ذهبت لإسرائيل.
إن اليهود الذين يتحدث عنهم نائب رئيس حزب الإخوان لا يرغبون فى العيش فى مصر رغم ما قد يحملونه من ذكريات طيبة عن فترة إقامتهم فيها، ولو كانوا يرغبون فى ذلك لعادوا فى عهد الرئيس السادات بعد توقيع اتفاقية «السلام» مع إسرائيل، وكانوا سيتمتعون حينئذ برعاية كبيرة.
إن ما يريده اليهود الذين كانوا يقيمون فى مصر ليس العودة إليها خاصة فى ظل الظروف الحالية، وإنما التعويض عن ممتلكاتهم فيها، التى لديهم تقديرات معروفة عنها تصل إلى ٣٠ مليار دولار وفق ما أعلنته أخيراً مؤسسة يهود مصر ومقرها باريس، ودعوة اليهود للعودة إلى مصر هى ما سيفتح لهم الباب للمطالبة الرسمية بتلك التعويضات، وهو ما رفضته مصر طوال الـ٤٠ عاماً الماضية، فلماذا يعاد فتح هذا الملف الآن؟
إن ما قد لا يعرفه البعض هو أن مؤسسة يهود مصر أرسلت إلى رئاسة الجمهورية رسمياً فى يوليو الماضى تطالب بهذه الممتلكات، وحددت مبلغ ٣٠ مليار دولار قيمة لها، وما جاءت دعوة العريان الأخيرة إلا استجابة من الإخوان لهذا الطلب.
msalmawy@gmail.com
نقلا عن المصري اليوم