الأقباط متحدون - فى انتظار أحمس جديد لطرد هكسوس العصر
أخر تحديث ٠٦:٤٤ | الثلاثاء ١ يناير ٢٠١٣ | ٢٣ كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

فى انتظار أحمس جديد لطرد هكسوس العصر


بقلم: فاروق عطية
   يقول هيرودوت أن مصر هى هبة النيل وهى مقولة وإن كانت تدل على الحقيقة لكنها تبدو حقيقة ناقصة, فالنيل يمر من منابعه بالكثير من الدول الإفريقية التى لم تحقق ما حققته مصر من حضارة وتاريخ. وكى تكتمل الحقيقة يجب أن نقول أن مصر هى هبة المصريين بطموحهم وجبروتهم وعظمتهم أمام الشدائد وحبهم لنيلهم الملهم المعطاء.
 
بزعت حضارة مصر فى الشمال الشرقى لأفريقيا, وتركزت على طول ضفاف نهر النيل في موقع دولة مصر الحالي. نشأت الحضارة المصرية القديمة بكل مقوماتها منذ حوالي عام 3150 ق.م. ولكنها لم تكن البداية, فمنذ 250 ألف سنة ق.م في عصور ما قبل التاريخ فيما يسمى بالعصر الحجرى القديم قامت الحياة الإنسانية في مصر على الجبال والهضاب فى ظروف طبيعية قاسية, ومحدودية وبدائية الحياة تتحكم فيه وتجعله يعيش حياة غير مستقرة, متنقلا من مكان إلى آخر بحثاً عن الغذاء والماء, سكن الكهوف واحترف صيد الحيوانات والطيور, وأعتمد على جمع البذور والثمار من النباتات والأشجار. وفى العصر الحجرى الحديث (النيوليتى) ترجع إلي 6000 أو5500 قبل الميلاد حيث قلت الأمطار وساد الجفاف واختفت النباتات, إضطر الإنسان إلى ترك الهضاب والجبال واللجوء إلى وادى النيل (الدلتا والفيوم ومصر الوسطى) بحثاً عن الماء. في هذه البيئة الجديدة اهتدى الإنسان إلى الزراعة وأنتج الحبوب مثل القمح والشعير واستأنس الحيوان واعتنى بتربية الماشية والماعز والأغنام, وعاش حياة الاستقرار والنظام والإنشاء بدلاً من حياة التنقل, وأقام المساكن من الطين والخشب, فظهرت التجمعات السكانية على شكل قرى صغيرة, وصنع الآلات والأدوات والأوانى الفخارية.

ثم فى العصر الحجرى النحاسى استخدام المعادن مثل النحاس والبرونز والذهب، ومنها صنعوا أدواتهم وآلاتهم وحليّهم, وكان النحاس أوسع المعادن انتشاراً وأهم مناجمه في شبه جزيرة سيناء. أيضاً في هذا العصر تطورت صناعة نسيج الأقمشة والأخشاب والأوانى الفخارية, وبنيت المساكن من اللّبن بدلاً من الطين والبوص وفرشت بالحصير المصنوع من نبات البردى وصنعت الوسائد. وأهم ما يميز هذا العصر ظهور بعض العبادات مثل تقديس الإنسان لبعض الحيوانات. ثم بدأت تتكون الحضارات فى شتى بقاع مصر من شمالها لجنوبها, وكان لكل إقليم حاكم, وما لبث أن توحد الحكم فى الدلتا تحت حكم ملك الشمال ذو التاج الأحمر, كما توحدث مناطق الجنوب تحت حكم ملك الجنوب ذو التاج الأبيض. في حوالي سنة 4000 ق.م. ظهرت نظم الري وأصبحت مصر ممالك قبلية صغيرة, ووحد الملك مينا "ملك الجنوب" القطرين منذ 3200 سنة ق.م وجعل العاصمة منف (ممفيس). وهذا التوحيد جعل مصر بلدا آمنا تحت ظل حاكم مصرى يُضفي عليه الألوهية. 2772 ق. م عرف المصريون أن تقويم السنة 365 يوم وربع. 2050 ق.م أصبحت طيبة الأقصر حالياً أثناء الدولة الوسطى عاصمة مصر. وفى 1786 ق.م. أتى الهكسوس إلى مصر كتجار وأُجراء. 
 
   في حوالي 1650 ق.م، ومع ضعف سلطة فراعنة الدولة الوسطى, سيطر المهاجرون والمستوطنون الآسيويون"الهكسوس" الذين يعيشون في منطقة شرق الدلتا في بلدة زوان على المنطقة وأجبروا الحكومة المركزية على التراجع إلى طيبة, حيث كان يعامل الفرعون كتابع ويدفع لهم الجزية, وعينوا حُكاما تابعين لهم على أقاليم الشمال ليحكموا تحت سيطرتهم. قلد الهكسوس  نماذج الحكم والحكومة المصرية ونصبوا أنفسهم فراعنة. وكان "مُبار- كخ – حا" حاكمهم فى منفيس, الذى امتد حكمه أكثر من ثلاثين عاما عامل الشعب فيها باحنقار شديد وحاول التحايل لتنصيب إبنه حاكما بعده.
 
 وجد ملوك طيبة أنفسهم بعد انسحابهم محاصرين بين الهكسوس من الشمال وحلفاء الهكسوس "مملكة كوش" من الجنوب. وبعد مرور ما يقارب 100 عام على سيطرة الهكسوس على الحكم الذي كان يتصف بالتراخي والخمول الثقافي, استطاعت قوات طيبة من جمع ما يكفي من القوة لتحدي الهكسوس فى صراع استمر لمدة 30 عاما, وذلك قبل حلول العام 1555 ق.م  وقد تمكن الفرعونان سقنن رع الثاني وكاموس من هزيمة النوبيين في كوش, لكن يرجع فضل القضاء على الهكسوس نهائياً من مصر لخليفة كاموس الفرعون أحمس الأول.
 
  خلال فترة حكم الهكسوس ظهرت فى مصر جماعة تعبد إله الهكسوس الصحراوى الملقب بالبعل, أطلقت على نفسها إسم جماعة الأخوان البعلاويين. حاولت هذه الجماعة الانتشار فى مصر بشتى الطرق ونشر عقيدتها البعلاوية الصحراوية التى لا تقبل الآخر وتعتبر المخالف لعقيدتها كافرا ويستحق القتل. كانت بداية نشأتها من الشمال الشرقى للدلتا ثم انتشرت فى جميع مدن الدلتا. لكن حكام مصر الشرعيين فى طيبة اعتبروها جماعة محظورة وقاوموا انتشارها. لم يكن حظرها لأسباب دينية لأن مصر قطر متعدد الأديان ويحترم حقوق كل فئة دينية به, لكنها كانت محظورة لأسباب سياسية لسعيها الدءوب للإستيلاء على السلطة متحالفة مع الإستعمار الأجنبى لتحقيق أهدافها كما أنها متهمة باغتيال العديد من رجال الدولة المصرية الوطنيين لحساب الهكسوس. وفى فترة حكم كاموس ملك طيبة وإبان حربه مع الهكسوس قبض رجال كاموس على رسول منتمى لجماعة الأخوان البعلاوية (مُر- ست) بعث به أبوبى ملك الهكسوس إِلى أمير النوبة في كوش ليحثّه على مهاجمة أراضي طيبة من الجنوب, وتم سجنه بأحد سجون الواحات البحرية هو ومجموعة من أعوانه. 
   ضاق الشعب فى منفيس من تسلط وطغيان الحاكم "مُبار- كخ – حا" وعمالته للمستعمر وقاموا بثورة عارمة ضده مطالبين بالحرية والديموقراطية والعيش الكريم.

وامتنع أخوان البعل فى البداية من تأييد الثورة خشية من غضب الهكسوس, ولكن عندما أصر الثوار على مطالبهم بل زادوا عليها المطالبة بخلع الحاكم المستبد. وحين أحس أخوان البعل بانهيار سلطة الحاكم وموافقة الهكسوس على خلعه سرعان ما امتطوا الثورة وادعوا أنهم مُفجّريها, وتحالفوا مع المستعمر الذى أرسل فريق من جيشه الذى انضم لميليشيات أخوان البعل وحطموا السجون لتخليص أتباعهم من سجون الواحات البحرية كما هاجموا رجال الأمن وحرقوا مكاتبهم وعرباتهم بخيولها وقتلوا العديد من الثوار فى موقعة أطلق الثوار عليها موقعة الحمار, حيث كان القَتَلة مهاجمى الثوار يركبون الحمير والبغال فى هجماتهم. ولأن أخوان البعل لهم باع طويل فى السياسة والعمل الإجرامى المنظم, ولأن الثوار غير منظمين وغير متحدين وبدون رياسة واحدة, إستطاع الأخوان بتأييد وتعضيد من الهكسوس أن يستولوا على الحكم وتنصيب "مُر- ست" الهارب من السجن حاكما على منفيس. أظهر"مُر- ست" ولاءه الكامل لمرشد الجماعة وعموم أفراد جماعته وعشيرته وأهمل الشعب وتحدى القانون وأصبح أكثر ديكتاتورية من المخلوع. وإستمر شباب الثورة فى اعتصامهم حتى وصلت جيوش الملك أحمس التى اكتسحت جيوش الهكسوس وطاردتها خارج الوطن حتى حدود سوريا وتركيا شمالا, كما تم القبض على "مُر- ست" وجماعته وأُعيدوا إلى السجون مرة أخرى.
 
  هكذا هو شعب مصر العظيم وهكذا عظمة مصر وشموخها, مرت عليها طوال تاريخها الحافل الكثير من فترات القوة والعظمة, تخللتها فترات ضعف واضطراب, ولكنها دوما قد تمرض ثم تشفى ولكنها أبدا لن تضمحل أوتموت. يقولون أن التاريخ يعيد نفسه وقد حدث مرات ومرات, تخطت مصر كبواتها وعادت شامخة, والآن مصر فى محنة واقعة بين مطرقة نير الإستعمار الصهيوأمريكى العالمى الذى يريد ابتلاعها وتقسيمها لدويلات هزيلة, ومطرقة جماعة مجرمة فاشبة منظمة تريد العودة بها لعصور الخلافة وعهود الظلمة والتخلف, فمتى نستيقظ ونفيق وننفض عنا تراب الذل والهوان وننتفض للخلاص ؟ متى يأتى أحمس العصر الحديث ليطرد جماعة البعل الوهابى الخونة عملاء هكسوس العصر الحديث..؟!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع