محمد يونس
بعد الحرب العالمية الثانية .. طلبت تركيا حماية إنجلترا لها ..من الإتحاد السوفيتي جارها الذى كان قد إحتل دول أوروبا الشرقية و جزء من أسيا ..و يأمل أن يجد لنفسه مخرجا علي البحر الابيض .

 إنجلترا إعتذرت لضعف قوتها ألتي إستهلكت في الحرب .. و أحالتها لأمريكا .. التي بعد مفاوضات طويلة بدأت بالقاهرة 1943..وضعت أول قدم لها في المنطقة .. بإقامة قاعدة  إنجرليك العسكرية الجوية هناك بدأت في أنشأتها  عام  1951 و أصبحت صالحة للإستخدام  في ديسمبر 1954

 في نفس الوقت عززت أمريكا مكانها في المنطقة ..بدعم زراعة إسرائيل  في فلسطين 1948 ..و أصبحت الراعي الأساسي لها .. ثم تطوير إستخراج البترول من السعودية بواسطة ((  شركة أرامكو ، وإنشاء خط الأنابيب التابلاين 1950 الذى ربط بين شرق المملكة العربية السعودية بالبحر الأبيض المتوسط،))

أمريكا بأدواتها ( تركيا ، إسرائيل ،السعودية ) وضعت خططا طويلة المدى للسيطرة علي دول المنطقة و جعلها حليفة (إيران ،إمارات الخليج ،العراق ، سوريا و مصر ) في مواجهة المد الشيوعي السوفيتي .

و هكذا من بعد الحرب العالمية الثانية .. تعرضت  مصرلحملات مستمرة تتراوح بين الإغراء و الزجر  لتصبح واحدة من الدول التابعة  للنفوذ الأمريكي الجديد.

 البداية .. دعم الإنقلاب العسكرى  1952 و عدم التدخل لصالح الملك .. أو السماح للخمسين الف إنجليزى  علي ضفاف القناة  بخلق مشكلة لضباط الإنقلاب ... كذلك عدم التدخل لفرض إنضمام مصر لحلف بغداد الذى أنشأته بريطانيا في المنطقة 1955 . Baghdad Pact ..لتعويض عجزها عن توفيرميزانيات إنفاق علي  قوات بريطانية ثابتة في دول الإحتلال  

و لكن قامت بالضغط علي القيادة الجديدة عن طريق عدم تمويل البنك الدولي لإنشاء السد العالي .. ((لأن اقتصاد مصر لن يستطيع تحمل هذا المشروع...و لإن الولايات المتحدة تعتقد أن من يبني السد العالي سيكسب كراهية الشعب المصري؛ لأن الأعباء المترتبة عليه ستكون مدمرة وساحقة، و ليس في وسع الشعب المصري أن يتحمل عبء تنفيذ هذا المشروع الضخم.))
ردا على سحب تمويل السد العالي اممت مصر قناة السويس يوليو 1956 ..للإعتماد علي مواردها ..و لجأت للإتحاد السوفيتي لتقديم العون الفني و المالي .

و مع ذلك لم تتخذ أمريكا  إجراءات عقابية بل ضغط أيزنهاور  علي دول العدوان  الثلاثي 1956 للإنسحاب
القيادة المصرية لم تلتقط هذه الإشارات ..وإستمرت في الإستعانة بالدول الشرقية لشراء السلاح .. ثم من إلإتحاد السوفيتي مباشرة ..وأصبحت عضوا فاعلا بين مجموعة عدم الإنحياز ..

و هنا بدأ التامر يأخذ أسلوبا أخر يخالف الإغراء بمعونات غذائية و قمح ..أو منع أذى قوى الإستعمار التقليدية  و مغامرات إسرائيل علي الحدود .
 الخطة إتبعت أساليب الجيل الرابع والخامس من الحروب .. بدراسة نقاط ضعف العدو ..و تدميره من الداخل ..

نقطة الضعف الأولي هي عدم القدرة علي إنتاج السلاح والذخيرة  و الإعتماد علي الخارج .. في نفس الوقت ضعف تدريب و خبرة القادة العسكريين .. و الفقر الشديد لمجتمع نامي خارج من إستعمار طويل إجمالي حجم إنتاجه القومي منخفض و ينقصة الكوادر الفنية المدربة .
.  

 النقطة الأخرى هي إستغلال إستراتيجية القيادة السياسية (القومية ). التي أصبحت غيرمناسبة   بعد هزيمة القوميات في المانيا و إيطاليا و اليابان .
.

القومية العربية كانت دعوة غير ناجحة ..و مكلفة و مكبلة  ..و لا أمل في تحققها .. بقدر ما يمكن إعتبارها فخا.. إستخدمه الحلف المعادى ..لإصطياد الديك الرومي ..تم تطبيقة مرتين عند إنهاء الوحدة  مع سوريا و التي نجي منها الجيش  المصرى بسبب رغبة القيادة السياسية في عدم التورط في حرب مع عربي .. ثم دعم شعب اليمن الثائر علي الإمام .

في حرب اليمن واجهت القوات المصرية .. مليشيات سيف الإسلام إبن الإمام المغتال  ..والقبائل المتمردة ..  وتمويل  فيصل السعودية.. و قوات من الأردن و إسرائيل .. بالإضافة .. إلي اطماع غير محدودة للضباط والجنود  المصريين لتكوين ثروات من تهريب البضائع ..التي يوردها تجار عدن لصنعاء و الحديدة.
..
كانت النتيجة إضعاف القوات .. إستهلاك المعدات .. خوف كبار الضباط علي ثرواتهم ونفوذهم .. فلم تصمد قوات عبد الحكيم عامرفي يونيو 1967 لساعات .. أمام المخطط الأمريكي لضرب مصر .

.و تبدأ المرحلة الثانية .

بعد أن ذهب السادات إلي القدس ثم كامب دافيد سيطر مثلث الأعداء أمريكا وإسرائيل ودول شبه الجزيرة العربية علي مصر ثم العراق فسوريا ..و أصبحوا جيران طيبين لإسرائيل

وتعرفون كيف أدت سياسات الجيل الرابع و الخامس لإقناع كبار ضباط الجيش المدربين في أمريكا و المعتمدين علي سلاحها بالركوب في سبنسة قطار التبعية وتسيير الإقتصاد طبقا لتعليمات البنك الدولي ..وتفصيل  السياسة الداخلية لصالح دول الخليج و السعودية ..و إلتزام الخارجية بمعاهدة السلام ..

بكلمات أخرى .. تحولت مصر و أغلب دول المنطقة .. ليصبحوا توابع للإستعمار الأمريكي الإسرائيلي .. بعد أن كانت تتحكم فيهم فرنسا و إنجلترا .. ومن قبلهما جنود الإنكشارية العثمانية ..

و لم تفلح أى جهود للحروج من هذه المتاهه .. نحن شعوب لازلنانعاني من الإستعمار .. بسبب الفرق الواضح بين ثقافة وعقليات تربت علي تشغيل المخ..و أخرى منكمشة ..خائفة أن تخترق تابوه  الأجداد ..
محمد يونس