الخميس ٣ يناير ٢٠١٣ -
١٢:
٠٧ ص +02:00 EET
بقلم : إسماعيل حسني
كان تشكيل جبهة الإنقاذ الوطني من أجل توحيد جهود الأحزاب والتيارات المدنية الفاعلة انجازا حقيقيا يحسب لقادة هذه الأحزاب والتيارات، ولعله إنجازهم الأول منذ قيام ثورة 25 يناير، إلا أن الأداء السياسي للجبهة قد جاء مخيبا للآمال.
لقد فشلت الجبهة في أول اختبار لها عندما عجزت عن استثمار الغضب الشعبي العارم الذي انفجر في أعقاب الإعلان غير الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية، ولم تستطع قيادة الملايين التي خرجت إلى الشوارع والميادين وحاصرت قصر الرئاسة من أجل وقف الاستفتاء على الدستور الباطل. وكان مثيرا للدهشة والإستغراب أن نرى الجماهير تعتصم وتقاتل وتقدم المزيد من الشهداء في الشوارع بينما قادة الجبهة يعلنون المشاركة في الاستفتاء والتصويت بلا رغم حصار المحكمة الدستورية وانتفاء الإشراف القضائي والدولي وكافة معايير الحيدة والشفافية، مما فت في عضد الجماهير وأضعف مشاركتها في هذا الإستفتاء العبثي. ونجح الإخوان في تمرير دستورهم.
ثم فشلت الجبهة مرة ثانية عندما عجزت عن إرغام النظام على الإعتراف بها ممثلة للمعارضة المصرية، وقبول شروطها للدخول في حوار جاد حول تعديل المواد محل الخلاف في الدستور، وتم عقد الحوار بدون مشاركتها.
واليوم تقف جبهة الإنقاذ على عتبة استحقاق سياسي جديد وفق الأجندة الإخوانية وهو الانتخابات البرلمانية، التي سوف تتم وفقا لإملاءات دستور ومجلس شورى مطعون عليهما بالبطلان، ونرى الجبهة تتعاطى مع هذا الإستحقاق بنفس الإسلوب السابق مما سيقودها حتما إلى فشل ثالث تكتب به شهادة وفاتها.
نحن لا نطالب بالمعجزات، وندرك المشكلات البنيوية التي تعوق حركة الجبهة وهي تجمع فصائل الثورة الليبرالية واليسارية مع تيارات اليمين الإصلاحي المحافظ أو الإنتهازي، ولكننا نطالبها بأن تتعامل مع الموقف الراهن ببراجماتية تجعلها على مستوى التحدي الوجودي المفروض على جميع فصائلها، حتى تتمكن من بناء مصداقيتها وقيادة الجماهير، فلم يعرف التاريخ نظاما استبداديا رضخ لمطالب جماهيره إلا بنزول الملايين واعتصامهم في الشوارع.
إن إعلان الجبهة عن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية قبل رضوخ النظام للمفاوضات، ومع علمها أن شروطها حول ضمان النزاهة والحيدة والشفافية لن تتحقق، يؤكد أنها تعيد إنتاج أخطاءها السابقة، وأنها تقودنا إلى كارثة ستؤدي إلى تفكيك الجبهة، والقضاء على روح المقاومة وما تبقى من الزخم الثوري، وتقديم البلاد لقمة سائغة للإخوان.
إننا نطالب شباب الثورة، في جميع الفصائل داخل وخارج الجبهة أن يسارعوا بانتزاع زمام القيادة من قيادات أثبتت طيلة عامين أنها في أحسن أحوالها، وبعيدا عن الإتهام بالخيانة، تقليدية، وفاشلة، وغير قادرة على حشد الجماهير وقيادتها، ثم دعوة الجماهير للخروج والإعتصام في مليونيات تهز الأرض تحت أقدام النظام، وتعلن مقاطعة الإنتخابات، وحينها فقط سوف يخضع الإخوان ويطلبون المفاوضات وهم صاغرون.
ذلك هو الطريق الذي نراه للإبقاء على جذوة الثورة، والخروج من الأزمة، وإنقاذ جبهة الإنقاذ، وإنقاذ مصر.