الأقباط متحدون - في انتظار مجوس ميلاد جديد
أخر تحديث ٠٩:٢٥ | الأحد ٦ يناير ٢٠١٣ | ٢٨كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

في انتظار مجوس ميلاد جديد

بقلم: مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
لقد باتت أم الدنيا مصر بعد أيام الميدان المجيدة كعروس تُزف إلى فارس العصر والأوان بعد أن قدم مهرها أهله وحبايبه وكل أولاد الحتة بشهامة ومجدعة الرجالة العترة لشبابها وكل أمهات أم الدنيا ، وفي يوم عُرسها ، أقدمت ترفل في ثيابها البيضاء بياض وطهارة ونقاء قلوب المصريين وبيدها ورود الأمل والعرفان بجميل الأحباب ، وبينما كان يتم تركيب الزينات والكهارب ، جاء من غير أهل الحتة .. هم من جنسها ولكنهم بوجوه كارهة للفرحة مبغضة للسلام ، فضربوا كرسي في الكلوب ، واقترب من الكوشة شريرجذب عنها طرحة أحلامها فضيع عنها حياء العذارى العفيفات وأسقط من يدها ورود الفرحة بعد أن ترنح تاج عزة العروس الملكة وصار تركله جحافل البغي ، وجاء أخر حاملاً رايات السواد صارخاً جئنا لنستر من خلع عن عروسنا سترة العفة ، وكأنه لايعرف من المجرم وعندما حاصره أصحاب الفرح خاف وارتعد وأبعد عنه رايات السواد ووقف ببلاهة يدعي أنه من الحضور لمشهد الفرح منذ تركيب الزينات وأنه يشاركهم البحث عن سارق الفرحة الذي لم يتوقف عن انتهاك شرف العروس بل اغتال فارس الحفل بطلقة قناص جبان ..
 
أرى أننا أمة تنتظر بشارة من يحمل ناموس الحرية الذي كتبه شعب له حضارة عبقرية وفق نصوص كل الكتب السماوية توراة وإنجيل و قرآن وشعب قرر بكل حب " إن كل من له نبي يصلي عليه " .. في انتظار هدايا المجوس حاملين بشارة مجئ المخلص لبانا وعسلاً ومراً بعد ظهور نجم في السماء يرشدهم مكان الطفل الفادي لتتحقق النبوءة " وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10 فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. 11 وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا".. أما الذهب فليعلنوا أنه الملك المنتظر ،وأما اللبان ليربطوا حضوره بمقدسات ستبارك عهده ، وأخيراً المر فهو ثمن الفداء لإقرار ناموس الحرية ..و هكذا ندرك أنه إذا لم نتجرع مرارات الألم و نحترق كاللبان لن يصعد بخور بركة عهد جديد , أمّا إذا عشنا هذه النعمة فسيكون لنا شراكة في أكاليل الذهب فهل سيتركوننا لننال أكاليل الفرحة .. "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" .. وكل سنة ومصر بخير يارب العالمين .. لاشك أن أقباط مصر يحتفلون هذا العام وهم يجترون مرارات أيام عام مضى شهد الكثير من الأحداث التي أثرت على ملامح المشهد السياسى والوطني ، منها رحيل قداسة البابا شنودة الثالث ، فقد مثل رحيله التحدى الأبرز للقائمين على الكنيسة المصرية فى زمن تصاعد دور، بل وحكم تيارات الإسلام السياسى ، وكان آخر تعامل له مع رموزهم هو لقاءات بينه وبين المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين قبل وفاته بنحو عشرة أيام، وحضور عدد من ممثلى الجماعة لتهنئته بعيد الميلاد في محاولة تفاهم أولية بين النظام الحاكم ومؤسسة الكنيسة . وقد كان البابا شنودة حريصاً على الحفاظ على وجود علاقة طيبة  مع جميع القنوات الرسمية وغير الرسمية ، للبعد عن ممارسة فعل  المواجهة أو التصعيد، ومع نياحة قداسته ظهرت مخاوف الأقباط والكنيسة المصرية من تبعات ومخاطر المرحلة الانتقالية للكنيسة المصرية فى زمن تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية على أرض المحروسة من زمن مبارك إلى زمن الإخوان، وصاحب تلك المرحلة تصاعد بعض الأحداث الطائفية والتصريحات المتفلتة التى تدفع إلى حالة من القلق والتوتر وصولاً لنزال طائفى.
 
وعاد الحديث عن وجوب حرمة تهنئة الأقباط بعيد الميلاد ، والكلام بشكل تمييزي عن أهل الذمة والجزية ، وظهور من يدعون الانتماء إلى جماعات الأمربالمعروف والنهى عن المنكر.ولا يقتصر قلق الشارع المصرى من صعود دافعية أخونة المؤسسات فقط ، بل التخوف أيضاً من صعود التيار السلفى وفكر رموزه عبرتصريحات زاعقة متشددة  بشأن حقوق المواطنة والعلاقة مع الآخر، وممارسة العنف المعنوي واللفظى تجاه الأقباط والكنيسة ( بداية من تنظيم مظاهرات أمام باب الكاتدرائية بإدعاء المطالبة بأختهم فلانة مع رفع صور قداسة البابا وتوجيه الأراذل الإهانات والسباب لقداسته ، و رفض الوقوف دقيقة حداداً على روح البابا بدعوى أن هذا الأمر غير وارد فى الشريعة الإسلامية على سبيل المثال ).. 
 
ثم كان التحدى التالي للكنيسة المصرية ، هل تقبل دخول الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بتشكيلها المرفوض قانونيا وشعبيا، ومخالفة ما هو متعارف عليه كبدهية أن الدساتير يتم وضعها بالتوافق لا بفرض حكم الأغلبية ، وقبلت الكنيسة الدخول في محاولة لإثبات حسن النوايا ، وحاول ممثلوها العمل بجد واجتهاد ليس لصالح الكنيسة والأقباط فقط بل لصالح كل المصريين، ولكن باءت كل المحاولات بالفشل مع إصرار تلك التيارات على تجاوز كل معايير وأعراف ونظم التوافق على وضع الدستور، وعليه كان انسحاب الكنيسة المصرية كموقف وطنى يحسب لرموزها.
 
بعدها كانت الدعوة لاجتماع حوار رفضته كنيستنا مع كل قوى العمل السياسى المصرى لأنه بلا جدول عمل واضح ، وأن الأمر بات مكشوفاً كمحاولة يائسة لتوقيع المعارضة على دستور إذعان مرفوض.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter