الأقباط متحدون - قضاؤنا الشامخ
أخر تحديث ٠٠:٥٢ | الأحد ٦ يناير ٢٠١٣ | ٢٨كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

قضاؤنا الشامخ

كتب :   حنا حنا المحامى
لكل عالم هفوه ولكل جواد كبوه.  هكذا يقول القدماء.
لم أبتئس مثلما ابتأست بسبب المأساه التى أصابت قضاءنا فى العقد الاخير من القرن العشرين.  قتله يحكم لهم بالبراه لا لشئ إلا لانهم قتلوا قبطى.  وللتذكره, كان فى إحدى مدن الصعيد شاب ماجن وفتاه ماجنه, حصل الشاب على صوره للفتاه وهى عاريه فكان أن شهر بها للحادى والبادى.  قامت القريه للانتقام لشرفها وليس لتأديب افتاه.  كسروا محلات المسيحيين ونهبوها, حرقوا مزارعهم وبيوتهم فكانت النتيجه أن تم تهجير المسيحيون من القريه.  لم يكتف بهذا مسلمو القريه بل عقدوا العزم على قتل الشاب.  اتجهوا نحو منزله فلم يجدوه بل وجدوا أباه.  بسيطه....! لم يترددوا فى قتل الاب البرئ الغير مسئول قانونا عما ارتكبه أبنه.  فى تمثيليه "حبيبيه عادليه" نسبة إلى حبيب العادلى قبض على أربعه بزعم أنهم قتله.  تم طبخ الاتهام تماما بين البوليس والنيابه وإحيل الاربعه إلى القفضاء. وطبعا قام القضاء بتكملة التمثيليه فبرأ الاربعه متهمين.  وقد كان من الواضح أن السبب أن الضحيه مسيحى والمتهمون يدينون بدين الحق.  لذا يتعين تبرئتهم .
والامثله عديده لا تقع تحت حصر فقد عانى المسيحيون معاناة غير إنسانيه بسبب تضافر السلطه التنفيذيه وعلى رأسها البوليس مع  السلطه القضائيه.  حتى أنهم لم يترددوا فى أن يحكموا على عنين يعجز تماما عن معاشرة النساء بتهمة هتك العرض بالقوه.
كنا نقرأ تلك الانباء المأساويه فتملأ قلوبنا حزنا وأسى ليس على الضحايا المتتاليه مثلما نتألم على قضائنا الذى ضاع واندثرت رسالته ولم تعد العداله عمياء بل أصبحت مملوءه بالعيون الجاحظه والضمائر التى يحرص أصحابها على عدم مصاحبة تلك الضمائر إلى مقر العمل أو المحالكم حتى لا تتعرض تلك الضمائر إلى لفحة برد أو فيروس مرض معد.
والقائمه طويله لا تقع تحت حصر.

آخر تلك الاحكام كانت فى أبو قرقاص.  لن اقول اعتدى المسلمون أو اعتدى المسيحيون حتى لا أتهم بالتحيز الممجوج, بل أقول حدثت مشاده تطورت إلى خناقه وشجار ثم اعتداء تبعه دفاع عن النفس طبعا وكان ذلك كله من ثمار الاساليب التى تتبعها حكوماتنا المتعاقبه التى لا تعرف من القانون إلا إسمه ومن العدل إلا مايتحقق لهم دون سواهم.  وكانت نتيجة الصراع والمشاجره والتعدى والدفاع قتيلان من المسلمين "المصريين" وحرق منازل ومزارع للمسيحيين.  وأحيل الجميع ألى المحكمه الجنائيه.  بعد محاكمه صوريه حكم على كل المسلمين بالبراءه وعلى كل المسيحيين بالمؤبد.  وكان ممن حكم عليهم شخص كان فى القاهره واستدعى بعد المشاجره وعقب وصوله أوصموه بالاتهام وما لبث أن ألقى فى السجون محكوم عليه بالمؤبد.
قالوا فى الامثال "مايتحرقش بالنار إلا اللى كابشها".  وما لبث أن رزح قضاؤنا تحت وطأة الظلم والتعدى والاعتداء حتى أنهم أضربوا ولا يزال بعضهم يضرب حتى كتابة هذه السطور.
الآن أحس قضاتنا بما كان يشعر به إخوتهم المواطنون المسيحيون.  لعلهم شعروا أن الظلم مرير كالعلقم وأن مصرنا لن تتقدم تحت معايير ومفاهيم الظلم والاستبداد والتعصب.

فما لبث لقضائنا الشامخ أن استرد قيمه ومبادئه فأدرك أن الله لا يغفل ولا ينام وأن قدرة الانسان مهما علت ومهما بلغت قوته ومهما تمتع بأى قدر من السلطه أو الحصانه أوالقوه فهو ضعيف واهن أمام الحق أى أمام الله لان الله عدل وحق ورحمه. 
تجددت مفاهيم العداله لقضائنا وتيقظت الضمائر وصحت من غفوتها وما لبثت أن أدركت أن فوق العالى عال, وأن الانسان مهما بلغت قدرته وسطوته فهو ضعيف أمام الحق وأمام العدل.  لذلك لم يتردد قضاؤنا أن يتحقق من أن تبرئة مائة مذنب أفضل من الحكم على برئ واحد.  وبناء على ذلك لم يتردد قضاتنا الشوامخ أن يطلقوا سراح ثمانيه مسيحيين بعد عشرين شهرا من الحكم عليهم ظلما وعدوانا دون التحقق عما إذا كانوا فى حالة دفاع شرعى أم عدوان مبدأى.  وبهذا الحكم تم استرداد اسم وصفة قضائنا الشامخ العظيم
وهنا تحضرنى واقعه خطيره الا وهى الحكم على بعض المواطنين الذين يعيشون فى أمريكا وبلاد المهجر ونسب إليهم الاشتراك فى الفيلم المسئ إلى رسول الاسلام (ص).  قدم للمحكمه بعض الاسماء التى تتسم بنشاطها فى المهجرضد الغبن والظلم والضير والضيم الذى يرزح تحته مسيحيو مصر.  فكانت فرصه طيبه لاصحاب الضمائر التى دفنت حيه عسى أن تسكت تلك الاصوات ليصفو لها الجو فى نشر روح الفرقه والتفرقه ضد مسيحيي مصر, وما لبثت أن انتقت بعض هذه الاسماء لتلقى عليها هذا الاتهام جزافا.  وعلى غير ما تقضى به كل قواعد العداله من إعلان وتحقيق وإثبات وقرائن وإذا بالمحكمه تنطق بأغلظ عقوبه ضد هؤلاء الابرياء وأحالت الاوراق إلى مفتى الديار.

وهنا لنا وقفه كل هؤلاء "المتهمين" إن صح الاسم لم يعلنوا ولم يتم أى محاوله لاعلانهم رغم أن عناوينهم معروفه لدى السفاره وبالتالى لم يكن لديهم فرصه للدفاع خاصة أن ما كان ينسب لهم كان من أخطر ما يمكن.  وهذا لا شك خطأ دستورى خطير يبطل الاجراءات ومن ثم الاحكام.  ولكن الواضح أن القاضى بعاطفه دينيه اندفع فى الحكم دفاعا عن الرسول (ص) وإهدارا للعداله ولو كان الرسول (ص) حيا لما رضى بهذا الضيم والضير.  كذلك اخترع القاضى قانونا من لدنه ووظيفته هى تطبيق القانون وليس التشريع.
إن أحد هؤلاء المتهمين هو القمص مرقس عزيز ذلك الرجل الفاضل الذى حصل جائزه من استراليا والجائزة عباره عن درع  الوحده والسلام بسبب مقالاته التى تحث على الوحده الوطنيه.  وقدم له الجائزه سفير مصر فى استراليا فى حفل حضره فضيلة الشيخ على جمعه مفتى الديار.  وكان ذلك فى فندق هيلتون النيل فى مصر.  وهكذا تكرم الدول الاجنبيه أبناء مصر الوطنيين بينما تلفق لهم دولتهم التهم بالباطل.  يا للعار !!  
لذلك نهيب بفضيلة مفتى  الديار المصريه فضيلة الشيخ على جمعه ألا ينجرف مع روح التعصب المقيته وألا يصدق على هذا الحكم.  ذلك أنه إذا كان سيادة القاضى قد أبدى روح التعصب, فإن فضيلة المفتى نطالبه بتطبيق روح العداله ومعاملة الحكم طبقا للسماحه الاسلاميه والقانون الصحيح.  والله المعين وهو ولى التوفيق.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter