حذر العالم والمفكر الإسلامى الشهير، الشيخ عمران نزار حسين، من ترينيداد وتوباجو، فى محاضرة ألقاها فى مسجد الغفران فى ماليزيا ــ جماعة الإخوان المسلمين فى مصر من أن عدم الحصول على إجماع حول الدستور سيؤدى بمصر إلى «حرب أهلية».
وقال «حسين» إنه لمعرفة وظيفة الدستور سنجد الجواب بالرجوع إلى سُّنة النبى، مضيفاً أن الحاجة إلى الدستور تظهر عندما يكون هناك شعب به أناس متنوعون يريدون العيش معاً، وأنه لا حاجة للدستور إذا كان الشعب من مجموعة واحدة متجانسة لأن قانونهم سيكون كافياً لهم، ودعا «حسين» إلى الاستماع لسُّنة النبى محمد عليه الصلاة والسلام، الذى أدرك التنوع فى سكان المدينة المنورة وما بها من قبائل يهودية مختلفة، بعضها فى حرب مع البعض الآخر، وكذلك أدرك وجود قبائل عربية وثنية مختلفة، بالإضافة إلى الذين أسلموا فضلاً عن المهاجرين من مكة.
وقال: «عندما وصل النبى للمدينة قضى ٧ أشهر بصبر فى مفاوضات ومناقشات خاصة مع كل قبيلة وتفاوض معهم للحصول على الإجماع، وأخيراً نجح فى الحصول على الإجماع الذى يريده وعلى الحد الأدنى من الاتفاق بين كل وحدات الدولة التى أرادت العيش معاً، وهكذا صدر أول دستور مكتوب فى العالم وهو ميثاق المدينة».
وأضاف، موجهاً كلامه لجماعة الإخوان: «لا يمكن أن يكون لديكم دستور دون إجماع أيها الإخوان.. الدستور لا يمكن إنشاؤه بناء على استفتاء ولا عن طريق انتخابات.. هذا كلام فارغ ولابد من الإجماع ليتم إنشاء دستور»، ودعا الإخوان إلى عدم الشعور بالإساءة من كلماته، والاستماع لنصيحته وتحذيراته.
ووجه «حسين» اعتذاراً للمسيحيين فى مصر، قائلاً: «نعم نحن نعتذر لكم لأن هذا أمر محرج لنا.. ليست هذه هى الطريقة الصحيحة هذا تهور وشىء مضلل»، مشيراً إلى خروج ممثلى الكنيسة الأرثوذكسية من الجمعية التأسيسية.
ووجه «حسين» سؤالاً للإخوان قائلاً: «هل نسيتم ميثاق المدينة؟ وكيف تم إنشاؤه؟»، وأضاف: «لو كنت مصرياً ما كنت لأصوت على هذا الدستور أبداً». وانتقد الإسراع فى إنشاء الدستور والاستفتاء عليه فى وقت قصير، وقال: «هل هذه هى الطريقة التى تؤثرون بها على الشعب المصرى؟».
وحول فرض الشريعة، قال «حسين» إنه مثل الكثيرين فى مصر الذين يعتقدون أن فرض الشريعة اليوم يبرز «فشل علمائنا، ويمكن أن يقودنا إلى مصاعب كبيرة وإحراج»، مضيفاً أنه يجب فرض الشريعة فقط على هؤلاء الذين يقبلون بها.
ورأى «حسين» أن الحكمة هى أن يتم فرض الشريعة كنظام قانون مواز لأى قانون آخر منافس فى مصر، وبجانب ذلك يجب إثبات تفوق الشريعة على كل الأنظمة القانونية المنافسة لها، وليس بالوقوف فوق القوانين الأخرى.
وقال «حسين»: «بدلاً من فرض الشريعة على أناس لا يريدونها أو قلقين حول كيفية تطبيقها فلنفعل ذلك بطريقة أخرى عن طريق جذبهم إلى الشريعة بتطبيقها بطريقة تثبت أفضليتها عن أى قوانين منافسة».
وقال «حسين» إنه «فى الوقت الذى يجب أن تكون فيه مصر موحدة لمواجهة أكبر تهديد فى تاريخها وهو الصهاينة، نجح الإخوان فى الحكومة فى تقسيم الناس بطريقة دراماتيكية».
وأضاف: «أيها الإخوان إلى أى طريق وأى اتجاه تأخذون مصر، وإلى أى جهة يذهب العالم، هناك حرب قادمة على مصر والصهاينة يريدون مبرراً لهذه الحرب».
وتابع: «بعد وصول ما يسمى الحكومة الإسلامية فى مصر من خلال الربيع العربى، سيساعد الصهاينة تلك الحكومات على السيطرة على الجيش والقضاء وذلك لضمان أن هناك حكومة إسلامية لها سيطرة كاملة على مصر، وعندما يحدث ذلك سيتم فرض الشريعة، ومن ثم ستندلع الحرب الأهلية فى مصر وسيسعد الصهاينة»، وأوضح أنهم «سيستغلون ضعف العلماء ليجعلوا الشريعة تبدو غبية وحمقاء ورجعية ووحشية، وسيسهل عليهم فعل ذلك بسبب فشل العلماء اليوم، الذين سيجعلون العالم يرى ماذا يفعل الإسلام فى مصر، وأن هؤلاء الناس متعطشون للدماء ويريدون ذبح إسرائيل وبهذا تتمكن إسرائيل من الهجوم على مصر، وهكذا لن يلومهم أحد على ذلك».
وتساءل مجدداً: «هل سيأخذ الإخوان مصر إلى هذه الوجهة؟»، وقال: «أدعو أن تكون كلماتى لم تسبب أى إهانة لهم، وأن يتم قبولها بنفس الروح التى أقولها بها، نعم استخدمت لغة قوية لأدين وأشجب السلوك المتهور المضلل لهم لأن اللحظة الآن خطيرة جداً». وأضاف: «أدعو الله أن تبتعد مصر عن النار التى تقف عليها الآن، وأن يسود العقل والحس الجيد، وأن يتم إنشاء الدستور على أساس الإجماع وأن الشريعة يتم فرضها فقط على الذين يسلمون بها».