الأقباط متحدون - هل تحوَّل الصيف إلى شتاء يوم عيد النصارى؟!!
أخر تحديث ١٢:٢٧ | السبت ١٢ يناير ٢٠١٣ | ٤ طوبة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٠٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

هل تحوَّل الصيف إلى شتاء يوم عيد النصارى؟!!

 بقلم: حنان بديع ساويرس


تناقلت المواقع المُختلفة تدوينة لابنة م. "خيرت الشاطر"، أثناء احتفالات الأقباط بعيد الميلاد المجيد، وبدلًا من أن تُقدم فيها التهاني لشركاء الوطن في عيدهم، إلا ولم نسلم من تعليق غريب ومُتطرف بل غير مسؤول لا يتفوه به طفل في "الروضة"، فلمسنا في هذا التعليق تعصبًا وكراهية شديدة للأقباط، فحقًا صدقت المقولة القائلة "مَن شابه أباه فما ظلم"، ففي نفس التوقيت تقريبًا انتشرت أخبار بأن الشاطر "يقوم بالتوقيع على فتوى تحريم تهنئة الأقباط، والتي قام بنفيها د.عصام العريان بعد ذلك بعد أن أحدثت دوي"! ونفس الشيء فعلته ابنة الشاطر، فطلت علينا مُجددًا من خلال مُهاتفة تليفونية على "قناة أون تي في" مع الإعلامي "جابر القرموطي" لتنفي أنها صاحبة هذا التعليق الاستفزازي المُسيء للأقباط، وصرَّحت بأن حسابها بالفيس بوك قد تم سرقته مُنذ 24 ساعة!! 
وهذا بعد أن لاقت ما لا يُحمد عقباه من ردود أفعال غاضبة قوية وصارمة من المصريين عمومًا والإعلاميين خصوصًا؛ تعليقًا على هذه التصريحات الطائفية، وفي نفس الوقت لاحظنا أنه قد تم حذف تعليقها من الحساب المُفترض سرقته ولا سيما بعد الضجة التي حدثت على أثره، وهذا إن دلَّ على شيء فلا يدل إلا على أنها من كتبت هذا التعليق؛ لأنه وببساطة شديدة لماذا سيقوم الهاكرز بحذف التعليق!! ولا سيما إذا كان الهدف الرئيسي لسرقة الحساب كما هو واضح من التعليق هو أن ينسب لها تصريحات تُحتسب عليها، وإلصاق اتهامات بها قد يكون الغرض منها إحداث وقيعة وبلبلة، وهنا سؤال يطرح نفسه أيضًا، مَن مِن مصلحته أن ينسب إليها مثل هذا الكلام في محاولة لجلب سخط وغضب قبطي؟! فهل مثلاً هم السلفيون، وبالطبع كُلنا نعرف جيدًا أنهم في الوقت الراهن قد وصلوا لأعلى مراحل الاتحاد والود مع جماعة الإخوان المُسلمين، وبالتالي مع والدها، إذًا لا يوجد لهم مصلحة لفعل ذلك على الأقل حاليًا، أم ربما يكون الإخوان ذاتهم هم مَن حاولوا إحداث تلك الوقيعة؟! أم قد يكون من فعل ذلك هم الليبراليون الأشرار؟! وبالطبع معروف للقاسي والداني أن هذه اللغة ليست لَهجتِهم وهذا الأسلوب ليس بمَنَهَجهم، ولا سيما أن هذا التعليق السخيف يتضح منه أنه يخص شخصًا شديدًا التعصب والحقد والحنق على الأقباط وعلى مُعتقداتهم الدينية، كما يَنُم عن تشدد ديني وتطرف فكري رافض الآخر.
 
وبعد ذلك خرج علينا ابن الشاطر من خلال صفحته بالفيس بوك أيضًا مُدافعًا عن شقيقته بعد أن نفت التعليق المنسوب إليها، ولكن قام أصدقاؤه بالفيس بانتهاره مُستنكرين تعليقه موضحين أنه وشقيق والده كانوا من أول الأشخاص الذين سجلوا إعجابهم وعمل "لايك" لتصريحات شقيقته، التي تهكمت فيه على المسيحيين، فادعى أنه لا يعرف إن كان هذا الكلام من أخته أم لا، وأجاب أصدقاؤه قائلاً بأنه عمل "لايك" بدون أن يعرف أن كانت شقيقته هي مَن كتبت هذا أم لا، وهذا معناه أن هذا الكلام المُتطرف أثار إعجاب ابن الشاطر سواء كانت شقيقته هي مَن كتبته أو غيرها؛ لذلك لم تظل الحقيقة طويلاً، فهي واضحة وضوح العيان!!
 
ورغم أن هذا العبث الذي ذُكر بالتعليق أتفه من أن أقوم بالرد عليه، ولكن سأقوم بالرد من باب الشفقة على هذا الشخص ذي العقلية السطحية أيًّا كان صاحب هذه التصريحات، سواء كانت ابنة الشاطر أو الهاكرز كما أدعت؛ لذا سأقوم بالرد من حيث المضمون والمبدأ العام، وإليكم التعليق المنسوب إليها كما كُتب بالنص، وحسبما تناقلته المواقع المُختلفة وبدون تعديل:
 
- "إن سوء الأحوال الجوية الذى تشهده البلاد حاليًا تزامن مع أعياد النصارى، وتابعت قائلة إن الله يكره أعياد النصارى، من عجائب الأقدار أن ترى الجو في أعياد النصارى كل عام يتقلب ويثور وترتعد السماء وتمطر.. الكون كله يثور متبرءًا مما زعموه على إلهنا ولظلم وبهتان ما أدعوا كذبًا على حبيبنا المسيح عيسى".
 
وهنا أريد أن أوضح أولاً أن "أعياد النصارى"، عفوًا أقصد "أعياد المسيحيين" هما عيدان رئيسان، الأول هو عيد الميلاد المجيد، والثاني عيد القيامة المجيد، بالنسبة لميعاد عيد الميلاد فهو ثابت فيأتي حسب التاريخ الميلادي في أول كل عام يوم السابع من يناير الموافق 29 كيهك من الشهر القبطي، وقبل يوم واحد من شهر طوبة، أي في عز فصل الشتاء، وبما أن ميعاده ثابت كما نوهت سابقًا إذًا فمن الطبيعي أن لا يأتي مرة مثلاً في فصل الصيف أو الربيع؛ لذلك من المنطقي أن يأتي عليه الجو الشتوي حسب تقلباته، فلا عجب لو هطلت أمطار خفيفة أو حتى غزيرة أثناء العيد أو حدثت رياح شديدة أو عواصف، فهذا ليس بمُفاجأة لنا، وطالما أن هذا العيد "شتوي"، ولم يأتِ الشتاء مُستهدفًا إياه أو مُتلصصًا عليه، إذًا فالتقلبات الجوية فيه شيء طبيعي وليس له علاقة بعجائب الأقدار مُطلقًا!!
 
فميعاد ميلاد السيد المسيح مُرتب له من قِبل الله فيقول الكتاب إن "السيد المسيح وُلِد في مِلِء الزمان" أي في الوقت المناسب المُكتمل الذي عيَّنه الله، ورغم أن عيد ميلاد السيد المسيح يأتى شتاءً، ومع ذلك قلما نجد الجو في حالة سيئة يوم العيد بالتحديد مثلما حدث هذا العام!! فهل فجأة استيقظ المُعلق شديد الذكاء من النوم بعد أكثر من ألفي عام من ميلاد السيد المسيح له كل المجد!! وهل مثلاً ميعاد عيد الميلاد كان في فصل الصيف، وفجأة تحوَّل الصيف إلى شتاء يوم عيد النصارى عقابًا لهم؟!!
 
ومع ذلك، فالتقلبات الجوية في الأعياد ربما تزعج بعض الأشخاص السطحيين الذين لا يرون من العيد سوى التنزه واللهو والألعاب النارية التي رُبما تفسدها الأمطار، لكننا نهتم بما هو أسمى من ذلك، ألا وهو روحانية وقداسة اليوم الذى يطل علينا في أول كل عام ليذكرنا بقدوم وميلاد فادي البشرية، والذي معه تغنت الملائكة في السماء فرِحة ومُتهللة قائلة "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"؛ لذا وجب على مَن كتب هذا التعليق أن يحترم يوم ميلاد السيد المسيح، ولا سيما أن مَن كتبه يؤمن حسبما تزعم عقيدته وتعليقه أن "المسيح" هو "عيسى"، وبالطبع يجب احترام عيد ميلاده، والذى هو من الثوابت في جميع الديانات، فهل يا مََن كتب ذلك، وهل يا مَن تؤمن بـ"عيسى بن مريم"، هل من المنطق أن تقول إن الله يكره عيده فيقلب الطبيعة من أجله، بل وتدعوه في نفس الوقت حبيبًا؟!
 
أما عن عيد القيامة، والذي يأتي في فصل الربيع من كل عام رغم عدم ثبات موعده، فأحيانًا يأتي في شهر إبريل، وأحيانًا أخرى يأتي في مايو، والشهران يقعان في فصل الربيع، أي يأتي هذا العيد في أفضل فصول العام من ناحية الطقس، فهل يرى صاحب التعليق أن هذا العيد أيضًا ترتعد فيه السماء وتتقلب الطبيعة؟! بل بالعكس يأتى عيد الربيع مُتزامنًا ومُرتبطًا بعيد القيامة، وسأذكركم أن اليوم التالي لعيد القيامة وهو يأتي دائمًا يوم "الأحد" يليه "عيد شم النسيم"، ودائمًا يأتي يوم "الاثنين" فتتفتح فيه الزهور، وتُغرد الطيور، وتُشرق الشمس بأشِعَتِها الدافئة، أي يأتى في أفضل أيام العام من ناحية الطقس، ورغم أن عيد الربيع مُرتبط بعيد القيامة، ويأتي لصيقًا به "في اليوم التالى له" سواء جاء العيد في شهر أبريل أو مايو، ومع ذلك يحتفل به كافة المصريين، ولا أُبالغ إن قُلت إن المُسلمين يحتفلون به قبل الأقباط بل تفوق احتفالاتهم به إحتفالات الأقباط!!
 
فهل هذا يكفي لأن نقول إن هذا الكلام هو محض افتراء وطائفية وخُزعبلات لإناس يشغلون فراغهم الشاسع بالتلاسن على مخلوقات الله.
 - فبالطبع هذا ازدراء فادح وصريح للمسيحية، والتى قامت وتأسست عقيدتها على "ألوهية السيد المسيح" مُنذ نشأتها، سواء شاءت المُعتقدات الآخرى أم أبت، وإن لم يكن هذا هو أساسها لأصبحت أية ديانة آخرى بخلاف أن تكون "الديانة المسيحية"، فلا يصح التدخل بهذا الشكل الفج فيما يعتقد الآخر، فتعلموا أن تحترموا مُعتقدات وديانات الآخرين.
 
أما عن تعبير "حبيبنا المسيح" فهذا عجب العجاب فلا أعرف كيف وصفه صاحب التعليق بأنه "مسيح" حسب المسيحية "وعيسى" حسب الإسلام في ذات الوقت فهل هذا تناقض أم عدم فهم أم خلط أم ماذا؟! فكيف يكون حبيبك المسيح عيسى؟! وكيف يكون حبيبك من الأساس وتتهكم على يوم عيده بهذا الشكل؟!
 
واستطردت قائلة: ترى الشمس في أعياد المسلمين تشرق لو جاء العيد في الشتاء، ويهدأ لهيبها لو كان الجو صيفًا، فيأتي عيد المسلمين مشرقًا جميلاً، أما يكفينا ذلك دليلاً على أن الإسلام هو الدين الحق، وأن خالقنا هو القادر على كل شيء وأنه جميل.. أيا مَن آلهتم عيسى وهو منكم برئ، وألحقتم بالإله ما ليس فيه! لِمَا لا تسألوا إلهكم أن يُسرَّي عنكم بجو جميل في عيدكم؟!
أولاً: لو كان الطقس الذى يتقلب في الأعياد هو الدليل على صحة دين من عدمه لتنقلنا كل يوم من دين لآخر، وما استقر أحد على دين أكثر من عام، بخلاف أنه ربما يكون هذا هو حال الطقس في مصر، ولكن في بلاد آخرى تحتفل بنفس العيد يكون الطقس فيه مُعتدلاً، فبأي مقياس هنا ننظر للأمر من خلال مرآتك الضاحكة؟!
 
ثانيًا: أوعدك أن نسأل إلهنا أن يُسريِّ عنا الجو في العيد!! طالما أن هذا سَيُهديء من روعك!!، فقد قُمت بالتعليق خلال السطور السابقة من المقال عن "المعنى الروحي" للعيد، والذي معه ينتحى جانبًا، ويتوارى "المعنى الطفولي الساذج " لصاحب التعليق، أما الحديث عن الجو في أعياد المُسلمين، فهو بمثابة عبث؛ وهذا لسبب بسيط أن أعياد الإخوة المُسلمين تأتى في أوقات غير ثابتة من العام فكل عام يتقدم شهر رمضان حوالي 11 يومًا، ويأتي بعده عيد الأضحى بشهرين تقريبًا، فيأتي العيدان كل عام في توقيت يختلف عن سابقه، ويتنقلان بين فصول السنة، وبالتالي يمُران على مدار السنوات بمُختلف الظروف الطقسية سواء أمطار أو شمس حارقة أو جو لطيف، ولن أعلق بما أعرفه جيدًا من ظروف طقسية صعبة مرت بأعياد الإخوة المسلمين، لكن سأكتفي بمُقتطفات ذكرها بعض الإعلاميين:
 
فقد قال أ. "إبراهيم عيسى" تعليقًا على هذا الهراء:
 
"في رمضان كانت هناك سيول ومجاعات.. وما يُقال حسبة الجهلاء، وسأعتبر الحديث عن الربط بين أعياد الأقباط والأمطار وفقًا لما نسب لابنة الشاطر ونفته يعد ذلك جهلاً وعنصرية"!
 
وقد قال د. "خالد منتصر":
"هل الأمراض الخطيرة التي تصيب فقراء المسلمين هي عقاب لهم لأنهم مسلمون"؟!
 
بالطبع لا، لم تكن الأمراض عقابًا للبشر على عدم إيمانهم بدين بعينه؛ لأن الله أرحم بكثير مما يعتقد السُفهاء، وصبره على حتى مَن لا يؤمن به ليس له حدود، فهو إله المحبة والسلام فيخلو قلبه الذى يتسع للبشرية بأكملها من الكراهية والشماتة ولغة التشفي التي رأيتها واضحة في هذا التعليق الفيسبوكي!! فرحم الله مصر وأهلها من هذا الاستعلاء الديني الذي لا يعرفه الله لكن يُتقنه البشر الذين يعتقدون أنهم بهذا "يُقدمون خدمة لله"!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter