الأقباط متحدون - حكاية عم بشير النعيجة
أخر تحديث ٠٢:٣٧ | الاثنين ٤ فبراير ٢٠١٣ | ٢٧ طوبة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٢٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

حكاية عم بشير النعيجة


بقلم : الشربيني الأقصري
حكايات قديمة من بلدنا الزينية بحرى: الحكاية الاولى : (حكاية عم بشير النعيجة) أطلق عليه أهل بلدنا اسم (بشير النعيجة ) لأنه طيب القلب لا يعرف الكره للناس ولا يحمل الحقد للبشر ...لا يغضب من احد ولايثور على احد ...و(النعيجة) تصغير او تدليل (للنعجة) أنثى الضأن وهى من الحيوانات الأليفة جدا والتى يرمز بها ايضا للمرأة فى طيبتها وحيائها .......اذا مر(عم بشير النعيجة) على الصبيان تراهم يجرون خلفه وهم يصيحون ويضحكون ويطرحون عليه سؤالا أبديا...يابشير اربعة واربعة كام ؟ لماذا اربعة واربعة بالذات .يقول اهل الزينية بحرى (اهل الحكم والمواعظ ) لان نطق كلمة (اربعة واربعة) ومجموعهما (الخطأ)هى لغز الارقام الصعبة فى علم بشير وفى عالمه .وهى-ايضا- صعبة النطق عنده فيقول للصبية بعد الحاح شديد (ابعة وابعة ...ابعة)..فيهلل الصبية وحتى الكبار ضاحكين ..جدع يابشير..بطل يابشير . هو اسمر بلون ارض الزينية السمراء .وربما اكتسب هذا اللون من ديمومة عمله فى الارض فصار هو والارض بلون واحد . عم( بشير) ذو لحية بيضاء لم يمر عليها مقص (المزين ) منذ والدته قط .لايعرف الحزن ابدا ...ضحوك الوجه ..حكمته الصمت . فى الصباح الباكر- صيفا وشتاء- .يخرج بشير من بيته الذى يوجد( بالشق) القبلى للزينية بحرى.يخرج حاملا (طورية )معلقا عليها مقطافا يخرج متجها الى (الحرجة) حيث اما الحرث او (العزق) او رى الارض. ... وفى المساء ومع عودة الطيور الى اعشاشها والبهائم الى حظائرها يعود عم بشير الى بيته وكأنه طائر عاد لينام فى عشه وهو لا يعرف عن الغد شيئا .وبين الصباح والمساء يكون بشير قد عارك الارض وعاركته حتى استجابت له وانتجت المحاصيل والثمار فى نهاية الموسم . عم (بشير) النعيجة لم يعرف الراديو ولا اخباره ولا اغانيه ولا الساعة ومواعيدها ..اخباره هى ارضه واغانيه ابتسامة مرسومة على وحهه اما الوقت عنده فهو زرعه وحصاده صباحه ومساؤه. عم بشير لم يذق لحم البقر او الجاموس ولا حتى لحم الطيور وهو الذى حرث لهذه المخلوقات الارض وسقى لها النبات حتى جادت عليها وعلى ابناء البلد بالخير الوفير . عم( بشير) رعى -ايضا- الاغنام ولم يعرف طعم لحومها ولا دفء صوفها ولا مذاق البانها. كان يمشى منحنيا على الارض بشدةكأنه عاشق ينظر فى وجه محبوبته .نعم هى الارض امه وحبيبته وهو ابنها وحبيبها .كان يمشى وراسه تنظر الى الارض كأنه يبحث عن شيءفيها .انه يبحث عن كنوز الارض بعد حرثها وريها . رحل عم ( بشير) فى صمت كما عاش فى صمت .رحل الرجل الذى لم يعرف اربعة واربعة تساوى كم ؟ رحل الرجل الذى لم يعرف لغة الارقام . رحل الرجل الذى لم يعرف عن المال شيئا . عاش عم (بشير ) فى عالمه الخاص عالم الحب والعطاء ...عالم السعادة فى العمل والعطاء ...عالم بلا حساب وارقام ..بلا تاريخ واحداث ..عالم قريتنا (الزينية بحرى ) فى عصر عم (بشير)..الذى عاش ومات لا يعرف حسابا للارقام .لذا كانت (اربعة واربعة) لا تعنى شيئا فى عالم (بشير). تلك هى حكاية عم بشير (النعيجة).. ابن الزينية بحرى الذى لم اعرف للان هل كان من خيار الانس ام من خيار الجان ؟ فوق نخيل بلدنا ...وفوق الاشجار ...وعلى الحيطان ...ينادى الغراب قائلا:(قاق...قاق...قاق)...يتفائل اهل بلدنا ويرددون خلف الغراب قائلين :خير يشير ...خير بشير .ينتظرون رسائل قادمة من الاحباب تحمل البشرى . اما انا اتذكر عم بشير وايام زمان فابكى واقول: رحم الله عم بشير النعيجة...ورحم تلك الايام الجميلة ..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع