نادر شكري
 
قدمت الرسالة الباحثة لورين أرميا عشم من قسم هندسة الحاسب، بعنوان: "نماذج هجينة جديدة مُساعدة لتشخيص وتطوير أنظمة تقويم الأسنان تدمج التعلم الآلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي مع أنظمة التصوير المقطعي بالشعاع المخروطي لأتمتة التحليل التشخيصي ثلاثي الأبعاد واكتشاف تشوهات الأسنان لتحسين التخطيط العلاجي التقويمي والتشخيصات التنبؤية".
 
أشرف على الرسالة كل من الأستاذة الدكتورة شيرين يوسف أستاذ هندسة الحاسب والذكاء الاصطناعي بالأكاديمية، والأستاذة الدكتورة سحر الشيخ من كلية طب الأسنان بجامعة الإسكندرية، والدكتور مازن العجمي من قسم هندسة الحاسب بالأكاديمية.
 
ويهدف البحث إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير نماذج وخوارزميات حديثة تستخدم تقنيات التعلم العميق لتحليل صور الأشعة السينية والمقطعية، ما يتيح تشخيصًا مبكرًا ودقيقًا لتشوهات الأسنان والفكين، ويعمل على أتمتة التحليل التشخيصي ثلاثي الأبعاد.
 
وأكدت الباحثة أن النظام المبتكر الذي تم تطويره يساعد الأطباء في تحديد المعالم التشريحية بدقة عالية، مما يسهم في تحسين خطط العلاج وتقليل الأخطاء البشرية.
 
وأظهرت النتائج البحثية كفاءة ودقة مرتفعة، وتم نشرها في مجلات علمية ومؤتمرات دولية مرموقة. وأشادت لجنة المناقشة، التي ضمت الأستاذ الدكتور أحمد حسن يوسف رئيس جامعة السويدي ونائب رئيس جامعة مصر للمعلوماتية الأسبق، والأستاذ الدكتور محمد رزق رئيس قسم الهندسة الطبية بجامعة الإسكندرية، بالمستوى المتميز للبحث، مشددة على أهمية تفعيل استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الطبية والقطاع الصحي.
 
واعتبرت اللجنة أن هذا الإنجاز يمثل خطوة مهمة نحو تطوير منظومة الرعاية الصحية في مصر وتعزيز مكانة البحث العلمي على الساحة العالمية.
كما وجهت كلية الهندسة والتكنولوجيا بالأكاديمية الشكر والتقدير إلى الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج، رئيس الأكاديمية، تقديرًا لدعمه المستمر للبحث العلمي وريادته في تعزيز الابتكار في مصر والمنطقة العربية.
 
السيرة الذاتية 
الدكتورة لورين أرميا عشم هي أول باحثة في مصر تنجح في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع طب الأسنان وجراحة الفم والفكين وتقويم الأسنان، في إنجاز علمي رائد يعكس التقاء الهندسة بالطب، والعقل بالشغف.
 
وُلدت لورين ونشأت في مدينة الإسكندرية داخل أسرة تجمع بين العلم والانضباط؛ فوالدتها مهندسة معمارية بوزارة الآثار، وجدّها أستاذ في جراحة النساء والتوليد ووكيل أول سابق لوزارة الصحة. نشأت في بيت يرى في التعليم رسالة وقدرًا، فكبرت مؤمنة بأن النجاح ليس خيارًا بل التزام.
 
التحقت بمدارس لغات وتفوّقت في دراستها، إذ حصلت على المجموع الكامل (100%) في الثانوية العامة عام 2011، رغم ما مرت به من ظروف شخصية صعبة. ثم التحقت بـ كلية الهندسة – جامعة الإسكندرية، قسم هندسة الحاسبات والاتصالات، وتخرّجت عام 2016 بتقدير امتياز.
 
ورغم ميلها في البداية للهندسة المعمارية، إلا أن نصيحة جدها غيّرت مسارها نحو علوم الحاسب، إذ كان يؤمن بأن المستقبل للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. توفي الجد قبل تخرجها بعام، تاركًا وراءه وصية استلهمت منها مسيرتها العلمية.
 
حصلت لورين على درجة الماجستير عام 2018 في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الطبية، من خلال بحثها حول اكتشاف تأثير مرض السكري على شبكية العين باستخدام تقنيات البرمجة والرؤية الحاسوبية. وبعدها سجّلت درجة الدكتوراه عام 2020، لتبدأ رحلة بحثية جديدة دمجت فيها بين الطب والهندسة عبر مشروع فريد في طب الأسنان وتقويم الفكين.
 
ومن خلال بحثها للدكتوراه بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بالإسكندرية، طوّرت نماذج هجينة تجمع بين التعلم الآلي والتصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد لأتمتة التحليل التشخيصي في مجال الأسنان، ما اعتُبر نقطة تحول في تطبيق الذكاء الاصطناعي في الطب بمصر والعالم العربي.
 
تُعد الدكتورة لورين نموذجًا لنجاح الباحثة المصرية التي جمعت بين الإصرار الإنساني والتميز العلمي، واستطاعت أن تفتح آفاقًا جديدة للتكامل بين التكنولوجيا والطب، لتجعل من حلم الجد، ومن شغفها بالعلم، قصة ملهمة لأجيال قادمة.