الأقباط متحدون - داخل الفوضى يكمن نظام
أخر تحديث ٠٢:٥٣ | الجمعة ٨ فبراير ٢٠١٣ | ١ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٣٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

داخل الفوضى يكمن نظام

بقلم / محمد حسين يونس
 
الفوضى التي تضرب جميع عناصر الحياة في بلدنا..قد تقلقنا ،قد تضجرنا ،قد تصل بنا إلي حافة اليأس رغم أنها (أي الفوضى ) حدث لا ينقطع داخل المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ- حتى اليوم- كأحد معالم(نتائج ) حركتها و تطورها .

الفوضى تعني أن صراعا لازال قائما ومستمرا بين قوانين ،أعراف ،تقاليد ،مناهج تعامل قديمة لازالت قوية تصارع وأخرى أحدث تريد أن تسود عليها ، التقليدية تقاوم الابتكار ومصالح الشيوخ ضد طموحات الشباب، الجهل والاتكالية تنفي المعرفة والقدرة علي التخطيط، أو فلنجمل بأن هناك صراعا لم يحسم بعد بين فئات المجتمع المختلفة ما دام لكل من أفراده مصالحه التي تتعارض بقوة مع مصالح الآخر ولا يخطط للتنازل عنها أو تعديلها.
الغريب أن الطبيعة لا تعرف الانتصار الكامل فعادة ما يتطور الصراع ليصل إلي حالة اتزان مؤقت تضم العناصر المتصارعة وتنفيها في نفس الوقت، اى أن الناتج الجديد يحتوى القديم وينفيه ليصبح في حد ذاته جديدا يفرز مضاداته التي تعيد الطاقة لصراع آخر تتحرك به البشرية صعودا وهبوطا علي درج التقدم.

بمعني انه عندما تحولت الإنسانية من جنة المشاعة البدائية إلي نار الملكية وأصبح هناك من يمتلك وآخر لا يمتلك ثم أصبح الأخير عبدا، فقناً، فخادما للأول ليس له إرادة حدث انقلاب في القيم والأعراف والعلاقات تبعها تغيرا في القوانين والإحكام، استمر خلال المجتمعات الرعوية، الزراعية والإقطاعية لم يحسم الأمر لصالح اى من الفئات أو الطبقات لآلاف السنين تراكمت خلالها خبرات وعوامل أدت لغزوات وحروب و انتقلت الخبرات عبر الهجرة، التجارة والاكتشافات الجغرافية وتطور أساليب الإنتاج التي تعدلت من الجهد البشرى للجهد الحيواني فاستخدام الآلة التي تدار بالبخار، الكهرباء، البترول، الطاقات البديلة ومع كل قفزة ومع كل تعديل يتعدل البناء الفوقي من دساتير، قوانين، أعراف، تقاليد .. لقد زالت سيطرة الإقطاع (الارستقراطية الزراعية ) وحل محلها البرجوازية (سكان المدن التجار والمهنيين ) دون أن تحسم المعارك لصالح اى من الفئات أو الطبقات الصاعدة والهابطة لقد كانت أساليب الإنتاج متجاورة متشابكة متعاونة ومتصارعة عندما تبغي فئة علي مصالح أخرى حتى انه بعد حربين عالميتين وزوال الاستعمار الأوروبي للعالم وظهور الطبقة العاملة الصناعية (البروليتاريا ) لم يحسم الصراع بعد رغم تصور البعض أن 99% من أوراق اللعبة بيد أمريكا وان من الأسلم عدم مناطحتها.

عندما ثارت جماهير مصر مطالبة بإسقاط النظام وتغييره هل كانت تعي أنه من المستحيل حدوث هذا بين يوم وليلة وانه سيؤدى الي فوضي ناتجة عن تخلخل القيم والقوانين والأعراف والتقاليد التي قامت واستقرت منذ بدايات القرن الماضي والمستمدة من تاريخ ممارسة طويل دام لآلاف السنين !. هل كانت تعي ان إسقاط النظام معناه إعادة تشكيل آليات العمل في المجتمع بما يتناسب مع مطالب الثوار ورغبتهم في إزاحة الفئات المسيطرة أشك في هذا !! لذلك فهي بالنسبة لي ليست ثورة إنما هي هوجة أدت لفوضى أما الثورة فآتية عندما تحدد مطالبها وأهدافها لصالح مجموع الكادحين والمهمشين والمنكسرين في مجتمع وحوش البزينيس المباركين او الاخوانجية.

النظام الذي طالبت الجماهير تغييره هو رأسمالية الدولة الناصرية المتحالفة مع الرأسمالية الطفيلية التي افرزها انفتاح السادات والتي اختارت ان تعيش من خلال الصفقات المشبوهة والسمسرة والمضاربات في البورصة وأسعار الأراضي والرشوة والفساد والاستدانة وفي بعض الأحيان التسول. رأسمالية لا تنتج، ليس لها عائد زراعي أو صناعي أو خدمي أو علمي أو ثقافي، تعتمد علي قناة السويس والبترول والسياحة والبلطجة أو النطاعة لفرض إتاوات علي الأغنياء العرب لقد ثار الناس علي المجتمع الذي لا ينتج وإنما يستورد ويستهلك بفوارق طبقية لا يمكن تخيل حجم اتساعها لقد كان البعض لا يجد العشاء وآخرون يراكمون المليارات، مجتمع مهزوم محاصر من العدو الإسرائيلي فاقد لإرادته بواسطة الدائنين والمحسنين ومُسَيطـَر علي روحه بواسطة الإسلام الوهابي، فهل تغير هذا النظام ! هل بين ليلة وضحاها قامت الجماهير بتحقيق إرادتها أم انه خلخل ما كان موجودا فسادت فوضي غير محكومة أو متحكم فيها استغلتها فئات منافسة من نفس الطبقة الرأسمالية الطفيلية لإزاحة الحرس القديم و الانفراد بالكعكة كاملة .

التفاصيل نحن جميعا نعرفها و لكن معني الأحداث هو الذي يحتاج لتأمل فالرجعية لم تنتصر ولن تنتصر ولم يحقق الشعب إرادته و ينعتق من التخلف الذي لحق به بسبب رأسمالية الدولة المتحالفة مع الطفيليين ولكن هناك حالة جديدة تحتوى الاثنين وتنفيهما هي القائمة الآن وهي التي تفرز نقيضها ليستمر الصراع.
جزى الله الشدائد كل خير ..عرفت منها عدوى من صديقي .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter