كتب : شيرين ماهر مكى
أتعجب من هؤلاء الشيوخ أو من يسمون أنفسهم بالشيوخ و هم يخرجون علينا من خلال قنواتهم و يستهلون فى بداية حديثهم بقول(( بسم الله الرحمن الرحيم )) ! ، ثم يقولون وصلى الله على أكرم المرسلين نبينا محمد (ص) أشرف الخلق ، و بعدها يبداء حواره قائلاً : أما بعد (( ثم يبداء فى تسديد وابل من اللعنات و سب الدين و هتك الأعراض و دون إستحياء و دون أن يقطع عنه المخرج الصوت)) ، و بعدها يعود و يذكر قولاً من أقوال رسولنا الكريم إستشهاداً من الرسول على كلامه البذئ ، ثم يعاود السب و القذف و إلقاء اللعنات و تكفير العباد ، و إهدار دم المعارضين ، و التحريض على الفوضى ، و إعطاء الشعب الضوء الأخضر ليتقاتلو بأيديهم ضاربين بالقوانين عرض الحائط ، ثم يعود بعدها بترديد آيه من كتاب الله عز و جل إستشاهدا على أقواله.
الغريب فى تلك القنوات التى خرجت علينا فجأة و دون سابق إنظار و كأن بلاعة قد طفحت على البلاد ، أنهم يقدمون برامج دينية ! و أنا بما لدى من معلومات بسيطة كمواطنة عادية من الشعب تعلمت منذ الصغر أن القناة الدينية تقدم و تنتقى شيوخ أفاضل و مختارة من صفوة العلماء ليعلموا الأجيال دين الله الصحيح من عبادات ، و ليعلموا الشعب فضائل التحلى بأخلاق الرسول الكريم و ليدرسوا لشبابنا و أطفالنا العقائد و الصفات الحميده التى يجب أن يتحلا بها المسلم ، و على سبيل المثال برنامج ( نور على نور) الذى كان يقدمه السيد أحمد فراج رحمة الله عليه فى الماضى ، أجيال كثيرة تربت على هذا البرنامج الدينى العلمى الرفيع المستوى ، و برنامج الشيخ الشعراوى رحمة الله عليه( الدين و الحياة) ، و العديد من الشيوخ و كبار العلماء الأفاضل حيث لا تتسع المقال لسرد أسمائهم جميعا ً ، لقد كانوا جميعهم قامات من قامات الإسلام ، و جميعهم كانوا يقدمون لنا البرامج الهادفة ، فأين أنتم من هؤلاء الآن؟.
ولكن ما يحدث اليوم لا أجد له سوا كلمة واحده لأصفه أنا مهزلة و عار علينا جميعاً كمسلميين ، فهذا الإسفاف الذى يُقدم على القنوات التى أطلقتم عليها الدينية لم تعد تتحدث بالدين بل إتخذت الدين الإسلامى ستار ليكيل من يطل علينا من شاشاتها بوابل السباب واللعنات على مرئا و مسمع من الأشهاد فى حق العباد . ديننا الإسلامى يُهان على أيدى هؤلاء الأشخاص الذين أطلقوا على أنفسهم الشيوخ ، تلك المهزله لابد أن تجد لها من رادع ، لقد شوهتم صورة الإسلام الحنيف عند الغرب ، و جعلتونا مدعاة لسخريتهم و مجلس لهم للإستهزاء بديننا الرفيع.
إن ما تفعلونه من خلط الدين بالسياسة ما هى إلا لعبه سخيفة ، تلطخون بها ديننا و كتاب الله و كرامة نبينا محمد (ص) الكريم الُخلق ، وخلط الدين الحنيف المنزه عن الشوائب بلعبة السياسة الملطخة بكل الأساليب الرقيعه للوصول لأى هدف على حساب الآخر لا يصح أى إن كان الهدف . فلا يجمتع الدين و السياسة فى شاشة واحدة ، ولا يجوز خلطهم مع بعضهم البعض .
أقول لكم يا من تتدعون أنكم شيوخ و تتلاعبون بالألفاظ ، و تحفظون كتاب الله عن ظهر قلب فقط لتستخدموه كلعبة للقتال فى حربكم الهزليه ، أن تكفوا عن أفعالكم المشينة ، و أن تتركوا ساحه السياسة للسياسين ، و أن تتقوا الله بألفاظكم و بترديدكم لكلمات الله و نبينا محمد (ص) ، و أن تعودوا إلى رشدكم و لا تشيعوا الفتن بين الناس ، فإذا كانت من حولك السياسة تشيع هى الفتن وجب عليك كرجل يحمل رساله الإسلام أن ُيهدئ الموقف ، و أن يتدخل للإصلاح ، وأن يقول كلاما ً ليناً به موعظة حسنة ، لا أن يتلاعب بالآيات لمنفعته الخاصة و يستغل جهل معظم الشعب بالتفسير و بمكنون الآيات ، و تتدخل أنت و تزيد الطينه بله لإشعال و تحريض الناس على بعضهم البعض وأنت تعلم جيداً أن القرآن الكريم كل آية به نزلت لدلاله ، أو لوصف حدث فى وقته ، فلا تخلط الحابل بالنابل و تستغل جهل من يشاهدك و تشعل غيرته على دينة بإثارة الفتن.
اذا كنت تتحدث عن السياسين أنهم يلعبون بالنار و يشعلون البلاد فهذا أمر عادى لأن تلك هى السياسة ، لعبه قذرة لها أساليبها الملتوية ، فإذا إنتقدت فليكن إنتقادك على علم وليس على جهالة ولاتنتقص من دين الإسلام لتضعه فى سلة واحده مع السياسة فدين الإسلام أرقى من أن يستغل بهذه الطريقة المشينة ، و إذا كنت من المصممين على التحدث فى السياسة إذاً .. فلتتنحى عن منبر الشيوخ و لتأخذ مكانك الصحيح بين السياسين و هذا أرجح للعاقلين.
وختاماً دعنى أذكرك أن نبينا أشرف الخلق و أكرمهم لم يكن بلعان و لا بسباب ، و تذكر قوله الحبيب المصطفى (ص) : ( إنما بعثت لإتمم مكارم الأخلاق) فلتقرئها و تحفظها عن ظهر قلب.
و تذكر أيضا قول المصطفى النبي صلى الله عليه وسلم : (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن).)
وقال تعالى ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) ]الشورى 40
قال تعالى ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ]الشورى 40[ , فجعل العفو مقروناً بالإصلاح.
وكما تتشدق بالآيات التى تذكر القصاص و شرعية الوالى و الخ الخ ، وجب عليك أيضا أن تذكر الآيات التى حث فيها الله المسلم أن يصافح و يصفح عن آخاه ، وأن يقابل الإساءة بالحسنة ، و أن يتحلا بالخلق الكريم.
فلا تأخذ من الكتاب ما يحلو لك و يتماشى مع أهوائك و تلقى بالبعض الآخر خلف ظهرك و هذا أيضا تدليس للحقائق و لعْب بكتاب الله و إقحام الدين الحنيف فى لعبة السياسة الهزليه.
و من يتق الله يجعل له مخرجاً.
8 فبراير 2013
.