الأقباط متحدون - علامة إستفهام
أخر تحديث ٠٨:٣٦ | الاربعاء ١٣ فبراير ٢٠١٣ | ٦ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٣٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

علامة إستفهام

كتب: شيرين ماهر مكى

فى المساء و أنا أنحنى على طاولتى أصارع أفكارى و ألتقط القلم لألحقها فوق سطور أوراقى ، دخل على إبنى و إستأذن ليتحدث معى فى أمر يحيره ، فتركت كل شئ و نظرت إليه لأجد علامات العبوس و الحيرةتكسو ملامح وجهه البرئ ، فهو طفلاً جميلاً عُمره ثلاث عشر عاماً و بالصف الأول الإعدادى ، فقال لى يا أمى لدى غداً إمتحان و موضوع التعبير به إختيارى و المعلمة قد أعطتنا ثلاث مواضيع لنتدرب عليها فما رأيك أى منهم أختار، فأجبته أن يختار ما يجده سهل و يستطيع الكتابة فيه ، فقال لى حسناً.. لقد وقع إختيارى على موضوعين منهم ، فالثالث لم يعجبنى ولكننى أعترض على عنوان واحداً منهم ، فسألته و ما سبب الإعتراض فقال لى لأنه يحمل عنواناً مستفزو هو : (( ماهو فضل الوطن عليك )) ؟ و إننى حائر يا أمى .. فأنا مازلت طفلاً  فأى فضلاً هذا الذى يتحدثون عنه ! أنا لم أرى أى فضل ، بل بالعكس فمنذ أن عدنا لنستقر بمصر بعد أن قضينا سبع سنوات خارجها ، و بعد أن تربيت خارجها ، ومنذ مجيئي إلى هنا لم يعطينى الوطن شئ ، و أنا صغير ، و بعد مرور ثلاث أو أربع سنوات على عودتنا لم أجد نادى جيد لألعب به الكوره دون أن تلجئون للبحث عن واسطة لأدخله أو أن يعطينى أحدهم الفرصة العادلة لإثبات مهاراتى ، و لم أجد مناخ صحى لأعيش به فالبلاد هوائها ملوث و أصابنى بالحساسية ، و القمامة من حولى فى كل مكان أصابتنى أنا و غيرى بالأمراض ، و الشوارع المتكسرة و الضوضاء كلها أشياء أصبحت تؤذى سمعى و بصرى ،  لا أجد الراحه أو الأمان فالبلاد ينتشر بها اللصوص فى كل مكان لدرجة أننى حُرمت من النزهة البسيطة لأنكى ترفضين القيادة و الخروج بسيارتك خوفاً علينا أن نتعرض لأحد من هؤلاء اللصوص و قاطعى الُطرق ، و حتى التعليم أصبحت لا أفهم شئ من المناهج فكأنهم يريدون تغييب عقلى بالقوة لأصبح طفل غبى أو أحمق ... لا شئ فى الوطن له فضل على أنا لم أعرف له من فضل ، الفضل يعود دائما ً لكى أنتى ووالدى ، فلولاكم لما تربيت ولا تعلمت ولا وجدت لى ملجاء الأمان .
 
أعجبت كثيراً بحديث إبنى و تعجبت أيضاً من طريقة تفكيره ، ولكنه مع الأسف مُحق فى كل ما قاله من حقائق ، فإذا كان الطفل الصغير ذو الثالث عشر لا يشعر بأن لوطنه قيمه فما بال الشباب الذين عاشوا وماتوا ليجعلو لأوطانهم قيمة  و أوطانهم لم تهتم بهم ، و ماذا يفعل الشاب الذى تعدى الثلاثون من عمره و لم يجد وظيفة أو يتزوج ؟
هل فضل الوطن فى أيامنا هذه أصبح مجرد درس إنشائى لموضوع تعبيرى ؟ مجرد كلام على الورق لا يفيد ولا يعطى الخبز ولا يطعم الأفواه ؟ هل أصبحت حياتنا مجرد مقالات و عليها نحفر صرخاتنا و إعتراضاتنا ثم نمزقها و نطويها فى صفائح القمامة!
هل حياتنا أصبحت ليس لها معنى أو هدف سوا أن نكتب القصص الخياليه عن أوطان تندثر مع الزمان ، و هل الأجيال القادمة هى الآخرى ستعانى ما نعانيه ، أو أنها بالفعل الآن تعانى أكثر من ما نعانيه؟
متى سينصلح الحال متى سيكون المسار الصحيح هو النجاح والتقدم بدلاً عن كتابة تلك الأحلام فى مواضيع إنشائية؟ متى يقول لى إبنى يا أمى فضل الوطن على أكبر و أعظم من أن يُكتب فى موضوع تعبيرى ؟ متى سأسمع عبارة الوطن قد حقق الأمجاد و بسواعد الأبناء سنعيش فى رخاء.
أتمنى أن يكون المُعلم الذى طرح تلك المواضيع للأطفال ليكتبوا عنها أن يكون مقتنع بما يفعله عن حق و أن يخبرنى هو قبل أن يطلب من التلاميذ الإجابه .. ((أيها المعلم ما هو فضل الوطن عليك))؟
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter