الأقباط متحدون - محافظات تحت حكم «الإخوان» (ملف خاص
أخر تحديث ١٧:٥٣ | الخميس ١٤ فبراير ٢٠١٣ | ٧ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٣٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

محافظات تحت حكم «الإخوان» (ملف خاص

محمد معروف
محمد معروف

مرت خمسة أشهر على قرار الرئيس محمد مرسى بتعيين 10 محافظين جدد فى محاولة لتحقيق أى إنجاز على الأرض قد يستشعره المواطن ويكون مفيدا فى الانتخابات المقبلة. الرئيس دفع بخمس من قيادات الحرية والعدالة ومقربين لجماعة الإخوان المسلمين لتولى مناصب محافظى كفر الشيخ والسويس والمنيا وأسيوط والشرقية، وهم بدورهم دفعوا بقيادات من حزب «الحرية والعدالة» لتولى مناصب تنفيذية داخل تلك المحافظات.

خمس محافظات تخوض تجربة التعامل لأول مرة مع مسؤولين تنفيذيين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، فهل نجح المحافظون فى رفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وتغيير واقع التهميش والإهمال الذى تعيشه تلك المحافظات منذ سنوات، من البطالة التى يعانيها شباب السويس شعلة الثورة، إلى الفقر الذى أكل جدران قرى المنيا، ومنها إلى الرقعة الزراعية التى تآكلت فى الشرقية، وتراجع الأمن وفوضى السلاح فى أسيوط، وأخيرا معاناة صيادى البرلس فى كفر الشيخ. تحاول «المصرى اليوم» أن ترصد مشاكل تلك المحافظات، وتقيم أداء المحافظين الجدد

الرى: حكايات الفلاحين عن آلاف الأفدنة التى تموت عطشاً لنقص الوقود
آلاف الأفدنة تموت عطشاً هنا، ويموت أمامها أصحابها حزنا عليها، فلا مياه تمكنهم من رى أراضيهم، بسبب نقص السولار والكهرباء، الأزمة مستفحلة من وجهة نظر أصحابها، ولا رافع لها سوى «يد الله»، فالأرض تموت، والبيوت تُغلق على أصحابها حزناً.

فى ملاوى وحدها يتعرض نحو ثلاثين ألف فدان للموت، ويتعرض محصولها للدمار، «إحنا مش بيوصل لنا مياه عشان نروى أرضنا رى طبيعى، اضطرينا ندق ماكينة فى الأرض لاستخراج المياه الجوفية، والعملية اتكلفت حوالى 50 ألف جنيه، وربنا هو اللى يعرف جبناهم إزاى»، هكذا بدأ الحاج رمضان محمد حسن - 48 عاما- مزارع، حديثه، قبل أن يضيف: «أنا وأخوتى لمينا كل مليم كنا شايلينه للزمن، واستلفنا من الناس عشان نعمل الماكينة دى، لغاية ما عرفنا نجيبها بالتقسيط، وإدقت فى الأرض من أكتر من عشرين سنة ولسه بنسدد فى أقساطها لغاية دلوقتى،

السولار: «جمال».. وصل المحطة الثلاثاء واقترب من حلم الحصول على «جركن» مساء الخميس
فى إحدى قرى مركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا، قبيل الفجر مباشرة، يترك جمال شحاتة سعيد زوجته وأولاده مودعا إياهم أملاً فى الحصول على السولار، الذى أصبح المشكلة الأصعب له طوال السنة الماضية، دون حل أو حتى وعود من أحد المسؤولين بالمحافظة. يصعد «جمال» إلى جراره بجلبابه الصعيدى متلفحاً الشال على رأسه وبطانية تعطيها له زوجته إتقاء لبرودة الليل، فعلى الرغم من قرب المسافة بين القرية التى يقطن بها جمال ومحطة البنزين الرئيسية لمركز أبوقرقاص على طريق الصعيد الزراعى فإن الرحلة قد تستغرق ليلة وربما ثلاث ليالى يقضيها على جراره نائما كى يحصل على السولار من المحطة، التى تمتد خلفها عشرات الجرارات وسيارات النقل الثقيل إلى مسافة عدة كيلومترات، «بقالنا سنة على الحال ده، والأزمة زادت أوى عن الأول. يومين وتلاته عشان نموّن، والشغل أبو جنيه بقى باتنين وتلاتة».

الصحة: المستشفيات بلا أطباء أو إمكانيات.. فقط مرضى
فى مستشفى ملوى، واحد من أكبر مراكز محافظة المنيا، مرضى بلا أطباء، وبلا أى إمكانيات فى أجهزة طبية تجعل شفاءهم ممكنا، مرضى يتم طردهم من المستشفى قبل أن يكتمل شفاؤهم لأن هذا هو كل ما يمكن أن تقدمه لهم المستشفى، وهو ما حدث مع أم هاشم أحمد، الفتاة التى لا يتجاوز عمرها الاثنين وعشرين عاما، ودخلت للمستشفى بعد أن اصطدمت بآلة حادة فى منطقة البطن، تسببت لها فى نزيف كاد يودى بحياتها، لدكاترة عملوا لى عملية، وقفوا النزيف وخيطوا لى بطنى، وقالوا لى اخرجى، والدكتور كان قايل إن المفروض أستنى فى المستشفى حوالى 15 يوم».

عمال المحاجر: السقوط فى بطن الجبل
فى الطريق إلى قرية الزاوية كان الحاج خالد يجلس بين جنبات الدار ناظرا إلى سيارته التى توقفت عن العمل طوال الأسابيع الماضية بسبب توقف أغلب محاجر القرية، صباح الجمعة صعد إلى رضا صديقه فى محجره ليطمئن على ما آلت إليه أحوال المحاجر، فأزمة السولار لم تؤثر على أصحاب سيارات النقل الثقيل فقط، بل أدت لتوقف أغلب المحاجر التى تحرق ماكينتها كميات لا بأس بها من السولار.

أهالى «أبجاج الحطب»: «عايشين حتى يأتى الموت»
تلمس خطوات أقدامك التى تنغرس فى الرمال بهدوء، حاول أن تمعن النظر حولك فى الظلام الدامس، لأن كلاب الصحراء العقور، التى يملأ نباحها أذنك قد تهجم عليك فى أى لحظة، ووسط ذلك قد تجد طفلا حافى القدمين، يجرى من مكان لآخر، أو امرأة عائدة إلى بيتها، هاهنا قد استقرت منازل سكان نحو 35 نجعاً، يقدر عددهم بالآلاف، هنا قرية أبجاج الحطب التى تبعد عن محافظة المنيا بنحو 70 كيلو مترا موغلة فى قلب الصحراء، ولا يصل لسكانها الخبز ولا خدمات الكهرباء والمياه، ولكن تصل إليهم فقط شركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء لتغريمهم مئات الجنيهات، لأنهم يسرقون الكهرباء من الخط العمومى. لا يجدون الخبز لإطعام أبنائهم، ويُحاسبون لأن كل منهم يشعل مصباحا ضئيلا فى منزله يكتفى به فقط لكى يرى ويتحرك ليلا المزيد

البطالة» تحول أهالى «بلد الغريب» لمغتربين فوق أرضهم
يرون بأعينهم عشرات المصانع والشركات تُشيد فوق أرضهم، آبار بترول ومجرى قناة عالمى يشق أرضهم ويمرون عليه بأقدامهم، يعرفون أن محافظتهم واحدة من أغنى محافظات مصر، إلا أنهم سرعان ما يعاودون النظر لحالهم الراكد رغم حصول العديد منهم على المؤهلات العليا والخبرة، التى تؤهلهم للمشاركة فى الصروح المقامة على أرضهم، إلا أن الوساطة والرشوة والفساد ثاورا ضده مازال يسيطر على النظام الإدارى لمحافظة السويس، فنصف أبناء المحافظة عاطلون عن العمل، بعد أن بلغت نسبة البطالة بين أبنائها الـ266 ألف مواطن من إجمالى 581 ألفاً و691 مواطناً، وفقاً لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أى أن نسبة البطالة تقترب من نصف عدد السكان بنحو 45.72%، رغم كونها ثالث أكبر محافظة صناعية على مستوى الجمهورية.

 القمامة تخنق قلب المحافظة دون تدخل رسمى
من بابه الرئيسى خرجت سميرة منصور، ربة منزل، من مستشفى السويس العام، تلتفت بين تارة وأخرى فى غضب لمبانى المستشفى وهى تلعن اللحظة التى قصدته فيها، ففى كل زيارة للمستشفى كانت تحمل لها ذكرى أشد قسوة من الألم الذى أجبرها على دخولها، بسبب سوء معاملة طاقم الأطباء والتمريض ونقص الإمكانيات، رغم كونه المستشفى العام الوحيد على مستوى المحافظة.

وتتذكر سميرة، يوم جاءت بأختها الحامل فى شهرها الأخير بعد أن اشتدت عليها آلام الوضع، إلا أن الأطباء رفضوا الكشف عليها وطلبوا منها العودة فى اليوم التالى بحجة أن الجنين مازال بحاجة للوقت، عادت سميرة بأختها للمنزل وهى تسأل الله أن يخفف عنها آلامها، فجاءت استجابة قدر الموت فى اليوم التالى للأم وجنينها، ليكون بذلك أرحم من أطباء المستشفى العام المزيد

والأهالى يطاردون البلطجية بـ«حد الحرابة»
على بعد 83 كيلومتراً من محافظة القاهرة، يستقبلك الحصان الأبيض الذى يتوسط بساطاً أخضر فى مدخل مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية، حيث اتخذت منه شعارا لها، لامتيازها فى تربية الخيول العربية الأصيلة واحتلال الزراعة أكثر المساحات فيها.

المحافظة الزراعية باتت مهددة بالتبوير، بعد زحف المبانى على أراضيها الزراعية. والاقتراب من المنازل المخالفة والحديث مع أصحابها ليس بالأمر السهل، فهم على موعد اشتباك مع قوات الأمن لإزالة منازلهم فى أى لحظة، إلا أن احتياجهم إلى مسكن والغياب

الأمنى من أسباب تبوير الأرض الزراعية، كما يرويها الحاج أحمد فتحى، أحد أهالى مشتول السوق قائلا: «أنا بنيت بيتى بعد الثورة بعد ما لقيت البلد كلها بنت فى الأرض الزراعية، وطول عمرنا عايشين من خير الأرض لكن بعد ما غلا تمن السماد والمحصول مابقاش يغطى تكاليف زراعته اضطريت آخد قراط من الأرض وأبنى عليه علشان أجوز ولادى المزيد

كفر الشيخ.. الإهمال والأمطار يغرقان الشوارع وتعليمات المحافظ «مجرد كلام»
تتراكم السيارات فى صفوف طويلة على الطريق الدولى الساحلى بين مدينتى كفر الشيخ وبلطيم لمدة ساعة بينما يضطر ركاب سيارات الأجرة لمغادرتها والسير على الأقدام بعد أن توقفت حركة السيارات تماما. فى نهاية الصفوف تنتشر الحجارة وإطارات السيارات، فيما تتعالى أصوات مجموعة من صيادى بحيرة البرلس معلنين قطع الطريق احتجاجا على تعرضهم لإطلاق نار من «لانشات» تجوب البحيرة على بعد أمتار من مركز شرطة المسطحات المائية

شوارع «بلطيم» :«أنا ضد الإخوان مش ضد الإسلام»
فى مواجهة بحيرة البرلس تقع مدينة بلطيم، أحد أبرز مراكز محافظة كفر الشيخ، التى تخبرك شوارعها واللافتات المثبتة أعلى بناياتها. عن رأيها وموقفها السياسى بوضوح، وكأنها قررت أن تصدح برأيها دون خوف، وفى عبارات مقتضبة على لافتة قماشية تقول: «المستغطى بالإخوان عريان.. فقراء الوطن يدفعون الثمن وينتظرون الحل المزيد.

لسلاح ينتشر وحرب الثأر تشتعل بين العائلات
تخفى مدينة أسيوط بأضوائها المتلألئة الساطعة، ومبانيها المرتفعة، التى بنى بعضها على الطراز الإنجليزى - حقيقة ما تعانى منه قرى هذه المحافظة التى تحتل الترتيب الأول فى قائمة القرى الأكثر فقراً بمصر.

ففى شوارع المدينة الفخمة تستطيع أن ترى «كريمة» الطفلة الصغيرة التى لا يتعدى عمرها سبع سنوات، وسط مجموعة من الأطفال، تمسك بعدد من المصاحف، للتسول فى إشارات المرور، من المارة وزائرى المدينة، القادمين إليها من كل مدن الصعيد

بنى شعران».. قرية حاصرت المحافظ فى مكتبه
اعتلى بعض الركاب سطح عربة نقل متهالكة، وحشر آخرون أنفسهم داخل صندوق حديدى، لا يزيد ارتفاعه على متر واحد، للذهاب إلى قرية «بنى شعران»، التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، على طول الطريق الترابى الملتوى، تقع مجموعة من القرى، التى تعانى من الفقر والجوع والمرض مثلها مثل باقى قرى أسيوط، والصعيد بصفة عامة المزيد.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.