دعا البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، أطراف اللعبة السياسية فى البلاد إلى التحلى بالحكمة حتى يمكن الخروج من الأزمة السياسية القائمة، واستنكر البابا - الذى تم تنصيبه فى نوفمبر الماضى - دعوات العصيان المدنى والاعتداء على منشآت الدولة.
وتشهد البلاد التى تحيى ذكرى مرور عامين على الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسنى مبارك مظاهرات غاضبة منذ نحو شهر، تحولت فى كثير منها لمواجهات دامية بين عناصر الشرطة ومتظاهرين مناوئين لحكم الرئيس محمد مرسى المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، سقط خلالها مئات القتلى والجرحى.
وقال البابا تواضروس الثانى فى تصريحات خاصة لـ"الشرق الأوسط" أمس الخميس، إن الأوضاع السياسية المتأزمة تقتضى التعامل معها بحكمة من كل الأطراف، مضيفاً أن هذه الحكمة يجب أن تكون فى كل ما يصدر من تصريحات من أولى الأمر، ووجه الدعوة ذاتها إلى قيادات جبهة الإنقاذ الوطنى (أبرز فصائل المعارضة) أيضا قائلا إنه لا بد من إفساح المجال للتوافق والاتفاق بين الأطراف المختلفة على الساحة السياسية والشأن العام.
وفيما يتعلق بموقف الكنيسة من التصعيد المستمر فى الشارع السياسى من بعض القوى الثورية والسياسية، قال البابا تواضروس الثانى إنه "يجب أن نعطى فرصة للجميع لنلتقط الأنفاس بعيدا عن الأحداث المتتالية، ويجب أن نعطى فرصة فى نفس الوقت لولى الأمر لكى يعمل وينفذ رؤيته".
كانت الكنائس المصرية الرئيسية الثلاث قد انسحبت من الجمعية التأسيسية التى وضعت دستور البلاد الجديد، اعتراضا على مواد به تتعلق بتفسير الشريعة الإسلامية، لكنها شاركت لاحقا فى بعض جلسات الحوار الوطنى التى دعا إليها الرئيس مرسى.
واستنكر بطريرك الأقباط الأرثوذكس، الذين يمثلون النسبة الغالبة من مسيحيى مصر، دعوات العصيان المدنى والاعتداء على المنشآت العامة فى الدولة، وتعطيل حركة المواصلات.. وقال إن "هذا أمر مرفوض بكل الأشكال.. ولا يمكن لأحد أن يقبله، لأنه يضر الجميع ويزيد من تردى الوضع الحالى للدولة". وطالب البابا القائمين على تلك الدعوات بضرورة أن تكون هناك فرصة "لأولى الأمر" حتى يتعاملوا مع مطالبهم، ويستجيبوا لها.
وقال البابا إن الكنيسة سبق وأن شاركت مع مشيخة الأزهر فى "حوار الأزهر"، بمشاركة جميع القوى السياسية، وانتهى بوثيقة وقع عليها الجميع لنبذ العنف ووضع أسس للحوار المشترك.
وفيما يتعلق بدعوة الحوار الوطنى الثانية، والتى دعت لها رئاسة الجمهورية، قال البابا إن الكنيسة لم تتلقَ دعوة حتى تشارك فى الحوار الوطنى، وبالتالى من الصعب الحكم عليها حاليا، لافتا إلى أن أى جهد إيجابى تقوم به أية جهة من أجل التوافق الوطنى تدعمه الكنيسة.
وكانت الرئاسة قد وجهت دعوة الحوار الوطنى لعدد من الأحزاب الرئيسية فى البلاد، وغابت عن جلساته جبهة الإنقاذ الوطنى التى يقودها الدكتور محمد البرادعى، وشاركت الكنيسة فى حوار ترأسه النائب السابق للرئيس المستشار محمود مكى، كان على رأس أولوياته تقديم تعديلات على الدستور الجديد، لكن تم تعليق جلسات الحوار فى أعقاب عدم التزام حزب الإخوان (الحرية والعدالة) بمقررات الحوار فى مجلس الشورى (الغرفة الثانية فى البرلمان المنوط بها التشريع لحين انتخاب مجلس النواب).
وكان البابا قد انتقد فى تصريحات له الأسبوع الماضى، جلسات الحوار الوطنى، وقال إنها عديمة الجدوى لأن نتائجها لا تلزم أحدًا.