الأقباط متحدون - نزرع القمح في سنين تطلع الكوسة في ثواني
أخر تحديث ١٩:٣٢ | الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٣ | ٨ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٣٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

نزرع القمح في سنين تطلع الكوسة في ثواني


بقلم : مجدي جورج
في السنة الثانية من دراستي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية  فؤجنا انه تم تعيين سبعة معيدين في قسم الاقتصاد وتبين لنا فيما بعد ان ابن احد المسئًولين كان ترتيبه السادس وإكراما لأبيه وجد الفاسدون  ان تعيين سبعة بالقسم كفيل  لدرء شبهة الفساد ولكن الامر كانزمفضوحا لنا وقتها . فامتلأ القسم بالمعيدين وحرم أوائل دفعات السنوات التالية من التعيين رغم أحقيتهم في ذلك .

وقد عانينا من المحسوبية أيام مبارك معاناة شديدة  ولازلنا نعاني ، واذكر انه ورغم أنني كنت من أوائل دفعتي بالكلية إلا ان قدماي قد حفيت من اجل الحصول علي وظيفة مناسبة ، وتقدمت الي أكثر من عشرين  مسابقة ولكن لأنني بلا واسطة فقد باءت العديد من مجهوداتي بالفشل ، وأطرف مسابقة دخلتها هو انني تقدمت لشغل ووظيفة باحد البنوك ولكني لم أوفق وعرفنا بعدها ان من حصل علي الوظيفة شاب  كان حاصل علي ليسانس حقوق بتقدير مقبول لانه يملك الواسطة ورغم ان الوظيفة لا علاقة لها بالشئون القانونية .

وفي احدي المرات وبعد ان حصلت علي وظيفتي الحالية كباحث اقتصاد دولي بشق الأنفس اعلن البنك المركزي عن حاجته لباحثين اقتصاديين فتوسمت في نفسي خيرا وقلت ان  العمل في البنوك افضل من عملي هذا  وقلت في نفسي ان الوطيفة الي حد ما مضمونة لي لعدة اسباب : اولها انها في مجالي وتخصصي وهي البحوث الاقتصادية .

وثانيها  ان الوظيفة كانت تتطلب خريجي كلية الاقتصاد .
وثالثها انني وزيادة في الاحتياط اصطحبت معي صديقي مجدي خليل وكان يعمل وقتها في البنك المركزي .

ودخلنا يومها علي د . فايقة الرفاعي وكانت علي ما اذكر نائب رئيس البنك المركزي فرحبت السيدة بنا  وتوسمت فيها انها قبلت ترشحي لهذه الوطيفة ، ولكنها فكرت لحظة وقالت لي اين بطاقتك الشخصية ؟
فعرضتها عليها ، فتاسفت لي قائلة :
ان شروط الوظيفة لا تنطبق عليها لانك لست من سكان القاهرة حيث ان بطاقتك تقول ان محل سكنك المنيا .
قلت لها الحقيقة انني مقيم بالقاهرة  ومحل عملي وزارة الاقتصاد بالقاهرة ولدي شقة باسمي بها وايصالات المياه والكهرباء ايضا باسمي وزوجتي تعمل بالقاهرة وابنتي ملتحقة بحضانة بالقاهرة والاوراق الدالة علي ذلك معي ،.
فقالت انا لا يهمني الا ماهو مكتوب بالبطاقة ، فقلت لها تأخرت في تغييرها  . ولكنها رفضت . فإنسحبت انا وصديقي وعرفت أنها ربما رفضت عندما نظرت الي خانة الديانة بالبطاقة .

معاناتي انا ربما كانت بسيطة أمام معاناة الآف وربما ملايين الشباب المصري الذي تفوق واجتهد في دراسته ولكنه حرم من الوظيفة المناسبة بسبب الفساد الذي كان سائد أيام مبارك .
ولذا فان هذا الشباب المحبط كان وقود ثورة ٢٥ يناير التي أسقطت حسني مبارك أملا في القضاء علي هذا الفساد والمحسوبية ولكن للاسف أصبحنا نعيش في فساد أسوأ من الأول لانه فساد ملتحف بلحيه وزبيبة ، فساد مغلف بالدين .
وكما كان هناك مبرراتيه أيام مبارك قالوا لنا كفاكم حقدا علي أبناء المسئولين هاهو وزير العدل  احمد مكي يقول تعليقا علي التحاق  ابنه بمجلس القضاء القطري بمرتب شهري ٥٠ ألف دولار ان ابنه يستحق ذلك وانه من عائلة تستحق ان تكون من الحكام .
اليوم أيضاً قرات في جريدة المصري  اليوم
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=371075
تصريح لرئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية السيد مجدي عبد الجواد  يبرر فيه تعيين عمر محمد مرسي بوظيفة هامة بشركة مصر للطيران قائلا : ان ابن الرئيس   حاصل  على بكالوريوس التجارة، من جامعة الزقازيق، بتقدير عام جيد دفعة ٢٠١٢ وانه اجتاز اختبارات اللغة الانجليزية والحاسب الآلي مثله مثل غيره ولذا فان تعيينه قانوني .

طبعا لن نقول لوزير العدل مكي ولا لرئيس الجمهورية مرسي ان تعيين أنجالكم  انتم وغيركم من المسئولين الحاليين المتمسحين بعباءة الدين ان الحلال بين والحرام بين وما
بينهما فاجتنبوه وهذا التعيين ليس بينهما فقط بل هو استغلال النفوذ والمحسوبية ذاتها .
ولن نقول للسيد رئيس الشركة القابضة ان هناك عشرات الاف من الشباب الحاصلين علي بكالوريوس التجارة بتقديرات اعلي من تقدير عمر مرسي ويتكلمون الانجليزية بطلاقة وافضل من رئيس الجمهورية وابنه ولا مشكلة لديهم في التعامل مع الحاسب الالي ولكنهم يا ولداه لا يجدون ربع فرصة كالتي حصل عليها عمر ابن رئيس الجمهورية .

ايام مبارك شاهدنا مني الساذلي وعمرو الليثي وتامر امين ومعتز الدمرداش واشرف وايهاب صفوت الشريف وجمال وعلاء مبارك وغيرهم ممن حازوا علي المال والشهرة سواء عن استحقاق او بالمحسوبية .

والان في زمن الاخوان والدولة الدينية المفروض فيها العدالة والنقاء بدانا نري عمر مرسي وابن وزير العدل واحمد فهمي نسيب محمد مرسي وغيرهم.
ياسادة ان الواسطة والمحسوبية ومجاملة ذوي القربي هي داء منتشر في بلدنا وفي منطقتنا ودولة الاخوان لن تقضي عليه بل ستثبته فالدولة الدينية لم تستطع علاج هذا الداء والتاريخ يقول لنا ان ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان قد قتل بسبب مجاملته لذوي القربي .

ياسادة هل تعلموا ان الكوسة والمحسوبية مقننه ببلادنا ؟ ففي العديد من المصالح الحكومية  هناك نسبة لابناء العاملين للتعيين بها .
التخلص من الكوسة والمحسوبية والواسطة ليست سهله بل تحتاج الي  دولة القانون وليس الدولة الدينية  ، تحتاج ارادة وادارة قوية ترغب في ذلك ولكن للاسف حتي بعد الثورة ليست هناك ارادة ولا ادارة تريد ذلك بل ما حدث هو ان مجموعة فاسدة استولت علي الحكم من مجموعة فاسدة سابقة وتسعي الان لبسط سيطرتها علي البلاد والعباد حتي تحقق مصالحها .
مجدي جورج
Magdigeorge2005@hotmail.com
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع