الأقباط متحدون - خواطر وتساؤلات
أخر تحديث ١٣:٣٨ | السبت ١٦ فبراير ٢٠١٣ | ٩ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٣٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

خواطر وتساؤلات

بقلم: مي مجيب
كنت دائما عندما أعود إلى مصر قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية أشعر بالحزن والأسى نظرا للهوة الكبيرة بين وطنى وتلك البلاد على كافة المستويات، ولكنى كنت أعزى نفسى بأن الشرق هو أصل حضارة الغرب وأننا كنا نعيش أزهى عصورنا بينما كان هؤلاء فى غياهب الظلمات .
   لكنى هذه المرة شعرت بمرارة لم أشعر بها فى المرات السابقة، فقد سافرت إلى دول عربية كثيرة ،ولكنها المرة الأولى التى أذهب فيها إلى دولة من دول الخليج، سمعت عن شعوبها روايات وحكايات، كنت أراها مبالغات خارجة عن موتورين أو حاقدين أو استثناءات لايمكن أو يجوز تعميمها ، ولكن يبدو وكأننى بدوت ساذجة أكثر من اللازم ، بل بدوت –حقا- مصرية (غلبانة قوى) لم يستوعب ذهنها أنه على بعد ساعتين طيران يحيا أناس حياة رغدة أرادها الله لهم وأرادوها هم لأنفسهم فاستحقوها فنعموا بها.

    الكويت... تلك الدولة الصغيرة التى تطل بالكامل على الخليج العربى ،الدولة التى بغزو العراق لها تغيرت ملامح الشرق الأوسط لعقود واستمر التدخل الخارجى فى الشرق إلى الآن.. أذهب إليها لأجدها لاتختلف عن مدينة نيويورك.. تطل على الخليج وناطحات السحاب تخطف بصرك بارتفاعها وأنوارها.. استثمارات بمليارات الدولارات ومستويات معيشية لم أشهدها فى الغرب.

  لم يبهرنى ما شاهدته بقدر ما أبهرنى أن بناة الدولة هم من المصريين.. نعم مصرى عمّر .. وآخر شيد ..وآخر درّس لأجيال فى الكويت!! مصرى يهدم..ومصرى يخرب..ومصرى يضلل أمة فى مصر!! حزنت ودفنت حزنى فى قلبى ،ولكن ثار تساؤلا فى داخلى.. أى مصرية أنا مصرية الكويت أم مصرية مصر؟؟ مصرية البناء أم مصرية الهدم؟ مصرية التنوير أم مصرية التضليل؟؟

   خرجت مع صديقة كويتية، تجولنا بالمدينة ، ركبت سيارتها الفارهة وانتقلت من حى لآخر، كنت أنوى التسوق، ندخل كل متجر لتشترى هى ولاأشترى أنا.. ترفض هى أن تقيس مقتنياتها ،فأطلب منها أن تتروى فى الشراء، فتقول "لابأس إن كانت غير لائقة فسوف أتخلص منها".. تعود لتشترى وتدفع أثمان لملابس أظن أكثر من ربعها لن يستخدم، ولكنى أبدا لم أشعر بالضيق، بل حمدت الله على نعمتى العقل والرشد.

   كنت أتناول فطورى مع إحدى المشاركات من السعودية.. سيدة فى الأربعينيات من عمرها.. هى من قالت لى عمرها.. لم أرها لأنها تحتجب وراء نقاب مقتنعة به ومتعاملة مع الحياة من ورائه.. بل وطالبة منى فى جلسة المؤتمر التى تعرض فيها ورقتها البحثية أن ألتقط لها صورا على المنصة التى تشمل منتقبات آخريات لاأعلم أيهن "فاطمة" إلا من خلال يافطة مكتوب عليها الاسم... بعد أن انتهت "فاطمة" من عرضها، توجهت هى بدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الأمة العربية وأن يحفظ مصر وسوريا واليمن والبحرين ..... رفعت يدى للتعقيب وقلت أن الأمر ليس بالدعاء وحده، وإلا لم تكن لتقم لدول غربية غير مسلمة قائمة... فعاتبتنى صديقتى -الجدة ذات الواحد والأربعين عاما- بشدة أثناء تناول الفطور فى اليوم التالى لرفضى اللجوء إلى الله والدعاء له.. وضحت وجهة نظرى التى قبلتها "فاطمة" والتى عرضت عليها فيما بعد أن نخرج للتسوق ، فتقول لى "لاأخرج مع مصريات للتسوق لأنهن يفاصلن فى الأسعار ويتشبثن بتخفيض الثمن إلى أقصى درجة ممكنة"!! قلت لها "يافاطمة أنت تعيشين حياة مرتاحة ولديك خادمة وماتطلبيه تجديه وتستكثرين على المصرية المطحونة أن تفاصل فى السعر لأنها ستدفع لشراء ثوب من قوت يوم أسرتها؟" ..أجابت :" ليس لتلك الدرجة أخت مى".. قلت لها: "ظروف المصريين والمصريات لن تخطر ببالك عزيزتى".. فقالت: "لهذه الدرجة؟".. قلت مبتسمة: "ألم تدعِ لهم؟" .. قالت:"الدعاء يحتاج لعمل".. قلت: "آمين".. دار بخاطرى السؤال: هل ماكان ينقصنى كإنسانة عربية شرقية مسلمة أن أكون من دول النفط راضية أن تشاركنى فى زوجى امرأة أو أكثر.. متقبلة أن أتعامل مع الدنيا من وراء حجاب كى أحيا مرتاحة وأدعو الله لغيرى وأنا فى برج عال لاأنتظر إلا أن يقضى الله أمرا كان مفعولا؟؟

  فى نهاية الرحلة.. جاء أستاذى المصرى الذى يعمل بالكويت ليودع الوفد المصرى، وفى طابور الجوازات، حكى لى قصة عندما كان بإحدى الدول الآسيوية ذات الأغلبية البوذية، وكان هو وزوجته فى رحلة سياحية هناك وقاما بزيارة أحد المعابد البوذية، وكانت مرشدة الرحلة سيدة بوذية، دخل أستاذى وزوجته، وانتهيا من الجولة بالداخل، وخرجا ليجدا المرشدة خارج المعبد رافضة الدخول لأداء مناسك العبادة داخل المعبد ،فألّح أستاذى عليها أن تدخل وسينتظرها ،فرفضت متعللة I am on duty now "أنا الآن فى عمل ولايمكن أن أقتطع من وقت العمل كى أقوم بالعبادة" ،فأفحمت أستاذى ،كما أفحمتنى الرواية والتى دفعتنى لأقارن بين حال تلك (المرشدة) البوذية المؤمنة ببوذيتها ..وذلك الذى يؤمن بأهداف جماعة لها (مرشد) ويعتمر فى طريقه إلى الأراضى المقدسة فى أى فرصة تسنت له بينما هو على قمة وفد فى إطار عمل أكثر ثقلا وتداعيات من ذلك الذى تقوم به تلك السيدة البوذية .

   خواطرى وتساؤلاتى مشروعة وآمل أن أجد لها إجابة تريحنى يوما ما.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter