الأقباط متحدون - وحشتونى
أخر تحديث ٠٩:٠٥ | السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٣ | ١٦ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

وحشتونى

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم : فاروق عطية
بداية أعتذر للفنانة الراحلة وردة لاستعارتى أغنيتها الجميلة عنوانا لمقالى. حقيقة أعزائى القراء وحشتونى, وكانت مدة انقطاعى عن الكتابة هى فترة قاسية بالنسبة لى , لأننى أحس بنبضات قلبى حينما أحس بتجاوبكم معى فيما أكتب, أتنفس تعليقاتكم وأحيا بها. فالكاتب يمكن تشييهه بالسمكة إذا خرجت من الماء قضت نحبها, كذلك الكاتب حين يتوقف عن الكتابة تتوقف نبضات قلبه. يسألنى أحدكم إذا كان الأمر كذلك فلماذا احتجبت عنا أكثر من شهرين طويلين؟ فأقول له يا عزيزى مكره أخاك لا بطل. فى الأسبوع الأول من ديسمبر الماضى أتصل بى الجراح معلنا أن جراحتى (تغيير مفصل الركبة للساق اليسرى) جُدولت لتكون فى 8 يناير 2013, وعلىّ الذهاب فى فترات محددة لمستشفى تريليم شيرواى لإجراء التحاليل والأشعات وخلافه المطلوبة قُبيل الجراحة, فانشغلت بها. كما أننى بطبعى لاأتفاعل مع الأحداث الجارية كرد فعل ولا أحب أن أكتب عن الحدث فور وقوعه, بل أفضل التريث حتى ينجلى الأمر وأرى الموقف من جميع زواياه فتكون كتابتى منطقية وحيادية. وفى الآونة الأخيرة كانت الأحداث متتابعة ولكنها غير متغيرة, كأن الموقف متجمدا على صورة ما لا يبرحها. تظاهرات فى ميدان التحرير, ومسيرات إلى قصر الاتحادية, وهتافات متكررة بسقوط النظام وحكم المرشد, كر وفر بين المتظاهرين وبين الأمن الذى اتحد مع ميليشيات الأخوان المسممين بصورة مكشوفة, كل يوم مزيد من القتلى والجرحى مع تجمد الصورة, فلا جديد ولا مواقف تتخذ لوقف العنف ورد فعله, كأن جميع الأطراف قد رضيت بما نحن فيه. هذا الموقف المتجمد أصابنى بالفتور بل بالقرف وتمنيت الهروب. الهروب بعيدا عن الأحداث الرتيبة بعض الوقت حتى تتغير الصورة. أو الهروب الدائم موتا إبان الجراحة فأستريح من المكابدة وأريح القراء من كتاباتى.

أجريت الجراحة فى 8 يناير ومكثت بالمستشفى خمسة أيام, وحيث أننى مقيم بمفردى, غادرت المستشفى إلى أحد بيوت المسنين ( هيريتاج هاوس ) لمدة 15 يوما وذلك حتى أتلقى العناية الكاملة من إقامة وتمريض وعلاج طبيعى. وحين عدت لمنزلى كان على مداومة التمرينات العلاجية تحت إشراف فنى علاج طبيعى مع الاستمرار فى تعاطى المسكنات حتى لا أحس بالألم, وحين أحسست أننى قادرا على الكتابة هأنذا أعود إليكم متشوقا للقائكم. فكرت فى أى موضوع أكتب والموقف ما زال متجمدا ولا جديد, مرسى ما زال متخبطا فى قراراته غير مكترث بمطالب شعبه ولسان حاله يقول ما قاله المخلوع سابقا: خليهم يتسلوا .. وزاد عليها خليهم ينشلوا, والمعارضة من الشباب وجبهة الرفض ما زالت مواقفها متباينة وغير مستقرة على موقف موحد, بل زاد الطين بلة انشقاق جبهة الإسلام السياسى بالمحاولة المكشوفة من جماعة الأخوان المسممين للاستئثار بكعكة الحكم كاملة ومحاولة إقصاء حلفائهم من سلفيين وجهاديين, وبدأت بذلك مرحلة تكشّف المستور وما كان مسكوت عنه بدأ الظهور شيئا فشيئا. فآثرت أن أكتب عن بعض ذكرياتى خلال فترة العلاج بالمستشفى أوفى بيت المسنين, وأستميحكم عذرا لعدم رغبتى فى الكتابة السياسية لاستمرار امتعاضى وقرفى مما يحدث.

فى المستشفى كانت زيارات أصدقائى وأحبابى لا تنقطع, والغريب أن كل زوارى كانوا من الأشقاء العرب خاصة العراقيين والسودانيين, واكتفى القليل من الأصدقاء المصريين بالسؤال تليفونيا والكثير لم بكترث ربما لانشعالهم أو لعدم علمهم. وأظرف زائر كان المطرب العراقى رعد ذو الصوت القوى المعبر والمتمكن من أدواته الموسيقية عزفا وأداءا, حضر ومعه باقة ورد جميلة متأبطا عوده, وأصر أن يغنى لى الورد جميل وعينى بترف, فتحلق حولنا الأطباء والممرضات يسمعون فى خشوع وانبهار رغم عدم معرفتهم بالكلمات. وكان للأصدقاء السودانيون تعليقات ظريفة, قال أحدهم شد حيلك يا زول.. إحنا جينالك لنثبت أن مصر والسودان هته واهده, عقبت قائلا: طيب لم نزعل؟ أجاب ضاحكا: نبقى ستين هتة.

فى اليوم الثالث بالمستشفى قالوا لى أننى على موعد لإجراء سونار على الفخذين لمتابعة الجهاز الدورى ومدى سلامته. وضعت على سرير متحرك وأنا مغطى تماما وانطلقت بى فتاتان جميلتان من حجرتى إلى غرفة التصوير بالموجات الفوق صوتية. كانت هناك سيدة صينية فى منتهى الجمال سبحان من صور منشغلة بتضبيط جهازها. رفعت الأغطية عن نصفى السفلى, وكنت أرتدى تحت جلباب المستشفى شورت مزود بسليب. فجأة شدت الشورت حتى قدمى فأحسست بالخجل وغطيت ما ظهر منى بطرف الجلباب, رفعت الجلباب آمرة: دونت كَفَر, فرددت محتدا: دونت تتش ..!, فنظرت إلى والابتسامة تملأ وجهها الجميل وانفجرت فى الضحك.. فضحكت أيضا .. وضحكنا ضحك طفلين معا. وبعد أداء عملها نظفت فخذى وما بينهما من الجيل وأعادت الشورت إلى مكانه وودعتنى بابتساة جميلة.
وفى بيت المسنين كانت الرعاية ممتازة الطعام جيد والأدوية فى المواعيد المحددة و والعلاج الطبيعى متميز. خُصصت لى الطاولة رقم1 فى المطعم وكانت تجلس على يمينى سيدة من جيانا البريطانية (برتغالية الأصل) وعلى يسارى سيدة ألمانية وكلتاهما ليست مقيمات مستديمات لكنهن مثلى أتيتا لمدة محددة للرعاية بعد الجراحة.السيدة الأولى بدينة وغاوية ثرثرة عن ذكريات شبابها الذى ولى والأخرى وقورة شديدة الفطنة والحساسية , وتشترك السيدتان فى كونهما أكولتين يأكلن بنهم.ولما كنت أنا فاقد الشهية تماما للأكل فكانا دائما يحاولان تشجيعى على الأكل بشتى الطرق ولكن هبهات. وكانتا مع دوام الأكل معا ق...


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع