الأقباط متحدون - مرسي يتحدث في غسق الدجى
أخر تحديث ٠٢:٤٦ | الخميس ٢٨ فبراير ٢٠١٣ | ٢٢ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٥١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مرسي يتحدث في غسق الدجى

بقلم: إسماعيل حسني
لا يتوقف الرئيس مرسي عن إتحافنا بقراراته العجيبة، وإفيهاته السياسية المثيرة، وكأنه يتعمد إمداد برامج التوك شو بالمواد اللازمة لصناعة النكات الساخرة.
فمع تفاقم حالة الغليان السياسي التي تشهدها مصر، انتظر الجميع أن يخرج رئيس الدولة على الناس في مؤتمر صحفي حي أو بخطاب مباشر لينزع فتيل الأزمة، ويجمع شتات الأمة، ويؤلف قلوب الفرقاء على كلمة سواء، إلا أن الرئيس مرسي كعادته فاجأ الجميع بسابقة لم تعرفها البشرية في تاريخها المنظور، وآثر أن يخاطب شعبه بحديث تليفزيوني مسجل يذاع في الساعة الثانية صباحا، أي بعد أن اطمئن سيادته أن الجميع يغط في سبات عميق، وأن أحدا لن يسمع حديثه.
 
سقطة من هذا النوع تكشف مدى ضعف وتخبط العقلية التي تدير اليوم بلد بحجم مصر، ومدى استهانة الرئيس بجماهير شعبه التي أجلسته على الكرسي، كما تعني أن الرئيس الذي تباهى بشجاعته وقام بفتح سترته في ميدان التحرير لم يعد قادرا على مواجهة إعلامه الوطني في مؤتمر صحفي حي نتيجة لشعوره بضعف موقفه وعجزه عن تقديم تفسيرات أو تبريرات مقنعة لسياساته وقراراته.
 
وعلى الرغم أن مضمون الحديث قد جاء تكرارا لما ردده الرئيس مرسي كثيرا من شعارات لا تطبق، ووعود لا تنفذ، وأحلام لا ترى النور، فلم يكن فيه ما يستحق التوقف عنده بالنقد والتحليل، إلا أن سيادة الرئيس مشكورا قد كشف لنا فيه عن بعض الحقائق الهامة:
الأولى: أن المعارضة والنقد والسخرية لا تؤثر في جلد سيادته السميك، وأنه يمتلك من العناد والاستعلاء والقدرة على إنكار الحقائق وتزييفها ما يجعل من استمراره في قصر الرئاسة هو المشكلة ولا يؤهله ليكون مفتاحا للحل.  
 
الثانية: أن استمرار الثورة يعني عند سيادته استمرار الإخوان في الحكم، وأن الإخوان هم الثوار ومن عداهم ليسوا سوى ثورة مضادة ينبغي التصدي لها.
ثالثا: أن سيادته متمسك بالبقاء في منصبه "على رقبته" بصرف النظر عن إعلانات العصيان المدني والمظاهرات التي تطالب برحيله، ومهما سقط من شهداء وجرحى.
 
ومن ثم فقد قام الرئيس في هذا الحديث التاريخي بقطع شعرة معاوية بينه وبين القوى الوطنية وأطلق رصاصة الرحمة على الأمل في قيام حوار وطني جاد يستطيع إنقاذ البلاد من التردي إلى هاوية الاحتراب السياسي والأهلي، وذلك بإعلان رفضه لجميع طلبات جبهة الإنقاذ، فلا تغيير للحكومة، ولا تعديل للدستور أو لقانون الانتخابات، ولا عزل للنائب العام الإخواني، أي أنه وضع المعارضة بين خيارين لا ثالث لهما فإما الخضوع للأمر الواقع الذي فرضه الإخوان، وإما مقاطعة الحوار والانتخابات والدعوة لعصيان مدني شامل، وهو ما اتفقت عليه القوى الوطنية.
 
إن التوحش السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وإصرارها على الإنفراد بالحكم والمضي في مخطط الأخونة رغم الانهيار الاقتصادي الشامل، يقود البلاد إلى المجهول خاصة مع تنامي الدعوات إلى قيام الجيش بانقلاب يستولي فيه على مقاليد الحكم. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter