كتب: جرجس وهيب
كثيرا ما دخلت في مناقشات حامية مع المعارضين لإجراء انتخابات نزيه في مصر قبل الثورة علي اعتبار من وجهة نظرهم أن الوضع الحالي أفضل مما قد يعقب الانتخابات وان الإخوان سوف يستحوذون علي الأغلبية وان المصريين غير مؤهلين للديمقراطية وكنت أعارض ذلك الكلام بقوة وادلل علي ذلك بان دولة جنوب إفريقيا كانت دولة من أكلي لحوم البشر ولكنها بعد الديمقراطية والحرية والتخلص من النظام العنصري أصبحت في مصاف الدول الكبرى
وكنت أري أن تجربة دولة جنوب إفريقيا من الممكن أن تتكرر بمصر بل ستكون مصر أفضل حالا من جنوب إفريقيا وستكون مصر في مصاف الدول الديمقراطية الكبرى
إلا إنني كنت مخطئ في وجهة نظري والدليل ما يحدث الآن علي ارض الواقع المصري ففور إحساس الكثيرين بالحرية استخدموا ذلك بمنتهي السوء فمن يسير في الشارع يدرك حجم الفوضى والجرأة الكبيرة بل البجاحة والعنترية وخلط الكثيرين بين الحرية وقلة الأدب فمعاناة كبيره تعانيها الفتيات والسيدات أثناء السير في الشوارع فلم يعد التحرش بالكلام فقط بل امتد إلي ملامسة السيدات والفتيات إثناء السير وإلقاء عليهم في بعض الأحيان طوب وقاذورات كما أصبح الانفلات الأمني مصدر قلق كبير لدي غالبية الأسر المصرية خوفا علي أبنائهم من الخطف أو الفوضى فكم من الأسر فقدت أبنائها سواء عن طريق الخطف ثم القتل آو عن طريق الفوضى وكم من المواطنين استولي آخرين علي منازلهم ومتاجرهم بدون وجه حق والكل يري يوميا حالة الانفلات الأخلاقي في الشارع وحالة الفوضى في كل شىء
وكم من العاملين فقدوا أعمالهم فأصدقائي العاملين وبخاصة في قطاع السياحة يعملون منذ أكثر من عاميين بأساسي المرتب هو من لا يعرف لا يصل بأي حال من الأحوال عن 500 جنيه علي أفضل الأحوال وكما يعاني أصحاب الحرف والبسطاء وعمال اليومية من انقطاع أو ضعف دخلهم منذ قيام الثورة
ففي النهاية أري انه لابد أن يتدرب الشعب علي الديمقراطية ويبدأ ذلك في المدارس فالجميع رسب في اختبار الديمقراطية سواء داخل معسكر الإسلاميين آو التيار المدني
الإسلاميين الذين سرقوا الثورة استغلوا الديمقراطية في تكفير وتخوين الآخرين والمعارضين لهم وأنا متأكد أن طريقة المعاملة ستختلف بعد انتخابات مجلس الشعب وسيحصل الإسلاميين علي الأغلبية الكبيرة في البرلمان بالذوق آو بالعافية وسوف يشكلوا الوزارة وسيكون جميع وزراءها من الإسلاميين وبالتالي ستكون جميع القيادات من رئيس وحدة محلية وحتي محافظ من الإسلاميين ولنتخيل كيف ستكون البلد في ظل ذلك وسيلجأ الإسلاميين للعنف والقتل والسحل ضد معارضيهم
والتيار المدني تيار منقسم للغاية يبحث فيه الكل عن مصالحة الحزبية وداخل الحزب عن مصالحة الشخصية وبالغ البعض منهم آو المندسين آو الراغبين في إظهاره بمظهر الفوضوي في المظاهرات وقطع الطرق آو السكة الحديد وتسبب ذلك في معاناة كبيرة للكثير من المواطنين الذين كان لديهم التزامات فكان يجب أن يراعي عدم المبالغة في ذلك كما أن المثل الشعبي يقول المركب اللي له ريسين تغرق والتيار المدني كله ريسين
وحتي لو أجريت انتخابات رئاسية أخري وفاز فيها علي أفضل الأحوال أي من مرشحي التيار المدني سيخرج الإسلاميين لإفشاله بدعوي أن التيار المدني افشل مرسي وطبعا معارضة الإسلاميين مختلفة وستكون من عينة موقعة الاتحادية
فالحل الأفضل الآن ومن وجهة نظري المتواضعة أن يحكم الجيش البلاد لمدة عامين علي أن يجمد العمل بالدستور الجديد تماما حتي تستقر الأمور تماما وتلتقط البلاد أنفاسها وينتعش الاقتصاد ثم يعاد بناء المؤسسات من جديد بعد العامين فالأمل في الخلاص مما نحن فيه الآن من فوضي في الجيش فلابد أن ندرك جميعا ونقتنع أن الديمقراطية لابد أن تعلم في المدارس والكليات وان وضعنا تحت حكم الجيش سيكون أفضل من حكم الإسلاميين التكفيريين فعلي اقل تقدير لن يقول الجيش أن اللبراليين والعلمانيين والمسيحيين كفرة ولن يسمحوا بتوطين الفلسطينيين في سيناء ولن يسمحوا لقيادات حماس المشاركة في قمع مظاهرات المصريين ولن يسمح الجيش لقطر أن تستولي علي قناة السويس وتحكم مصر ولن يسمح الجيش أن تشارك إيران أكثر دول العالم ديكتاتوريه في رسم خطط السيطرة علي الأجهزة المختلفة ولن نري من قيادات الجيش من يطالب بهدم الأهرامات ولن يسمح الجيش بفتح إنفاق يهرب من خلاله الأسلحة التي سبب رئيسي في حالة الفوضى في البلاد ويدخل منها من قتلوا الجنود المصريين ولن نري من قيادات الجيش علي شاكلة أبو إسلام والبلتاجي وعصام سلطان والمتحول أيمن نور من يتنفسون كذبا فعودة الأمان الذي افتقدنا جميعا خلال أكثر من عامين أفضل بكثير من وجهة نظري من ديمقراطية الإسلاميين القائمة علي الكذب و التخوين والإقصاء والترهيب والقمع