الأقباط متحدون - بين الاسلاميين.والمسلمين!
أخر تحديث ٢٠:٠٦ | الاثنين ١١ مارس ٢٠١٣ | ٢ برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

بين الاسلاميين.والمسلمين!

بقلم : منير بشاي
 للدين جانبان، واحد غيبى الهى إيمانى، والآخر ظاهرى بشرى اجتماعى.  الجانب الأول يتعلق بعلاقة العبد بربه، وهى مسألة شخصية بين الانسان والله، ولا دخل للآخرين فيها. أما الجانب الآخر وهى الممارسات الدينية فهى تتعلق بعلاقة الانسان بأخيه الانسان، وهى مسألة عامة تهم الجميع لأنها تجعل الانسان يحتك بأخيه الانسان سواء أراد او لم يرد.

 والممارسات الدينية نوعان، نوع هدام وصف بانه "أفيون الشعوب" لأنه يمكن ان يتحول الى نوع من الادمان يدمر الفرد والمجتمع، ونوع بناء وهو غذاء الروح وإكسير الحياة.  فالدين داء ودواء، هو سبب ما تعانيه مصر اليوم من بلاء، وهو أيضا المفتاح لأى علاج.

 فما من شك ان مصر تمر فى هذه الأيام بأزمات عنيفة مصيرية نتيجة صعود تيار الاسلام السياسى الى سدة الحكم.  وفى صميم المشكلة تقع اشكالية تطبيق مبادىء عقيدة دين معين، وهو الاسلام، طبقا لمفهوم خاص، على الوطن بأكمله.  وهذا يتصادم مع قناعات ليس فقط أصحاب الديانات الأخرى من غير المسلمين، بل أيضا أصحاب المذاهب أو القناعات الأخرى من المنتمين للاسلام أنفسهم.

 عندما نتكلم عن أتباع الدين الاسلامى دعنا نفرق بين نوعين: الاسلاميون (وأحيانا يطلق عليهم المتأسلمون) Islamists، والمسلمون Muslims، والفارق كبير بين الاثنين. وواضح أن مشكلتنا بل مشكلة مصر كلها ليست مع المسلمين بل مع الاسلاميين المتأسلمين.

 الاسلاميون (المتأسلمون) هذه هى وظيفتهم، أما المسلمون فهذا هو دينهم.  وهناك فارق بين استخدام الدين كوظيفة، أو وسيلة للارتزاق أو لتحقيق مكاسب خاصة مالية أو سياسية، وبين استخدام الدين كأداة للعبادة، والتقرب الى الله، وحسن معاملة الغير، فالدين هو المعاملة.

 الاسلاميون (المتأسلمون) ينتسبون للدين، والمسلمون يعيشون الدين.  فالاسلاميون يأخذوا من الدين القشرة الخارجية مثل الملبس أو علامة خاصة على الجبهة أو ترديد تعبيرات خاصة أو اطلاق اللحية، أما المسلمون فيمارسوا جوهر الدين ويطبقون الفضائل التى ينادى بها، فلا يغالوا فى السعر ولا يغشوا فى الميزان ولا يسرقوا حقوق الوطن أو المواطن ولا يحللوا لأنفسهم أموال الغير، وغير ذلك من أخلاقيات.

 الاسلاميون (المتأسلمون) يعتبرون أنفسهم الممثلون الوحيدون للدين، أما المسلمون فيعتبرون أنفسهم مجرد جزء منه.  ولذلك يكفر الاسلاميون غيرهم من غير المسلمين بل أيضا من المسلمين المخالفين لهم فى المذهب، وقد يحللوا اراقة دمائهم.  أما المسلمون فيؤمنوا ان الله هو المرجع وهو الديان، وان الله لم ينصبهم وكلاء عنه على الأرض، ولم يعطهم حق ازهاق الروح البشرية التى خلقها الله.

 الاسلاميون (المتأسلمون) لا يقبلوا من لا يتفق معهم فى الرأى، أما المسلمون فيجادلوا المختلف بالتى هى أحسن، فان لم يتفقوا افترقوا فى سلام وهم يرددون "لكم دينكم ولى دين".

 الاسلاميون (المتأسلمون) يظنون ان من حقهم فرض دينهم بالقوة على الأخرين، أما المسلمون فيؤمنون بحرية الاختيار "لا اكراه فى الدين" و "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". هذه الكلملت منسوخة (ملغاة) بالنسبة للاسلاميين (المتأسلمين) وقائمة بالنسبة للمسلمين.

 الاسلاميون (المتأسلمون) يعتقدون انهم أصحاب الوطن وما فيه، وأن غيرهم ضيوف عليهم، والمسلمون يعتقدون ان الأرض وما عليها ملك لله وحده، وان جميع الناس لهم حقوق متساوية فيما خلقه الله.  ولذلك يحاول المتأسلمون الاستفراد بالسلطة واقصاء غيرهم وحرمانهم من آية منافع ليصبحوا هم المميزون، ويكون غيرهم مواطنين من الدرجة الثانية.

 الاسلاميون (المتأسلمون) هم من ذرعوا بذور الفتنة فى مصر، وقضوا على أمنها وسلامها، وأشعلوا نار التعصب فى كل مكان، بينما المسلمون تعايشوا مع غيرهم منذ قرون على أساس المواطنة وحسن الجيرة والود الذى يجمع ابناء الوطن الواحد رغم اختلاف الدين.

 الاسلاميون (المتأسلمون) يتبعون فكر قادة التشدد أمثال ابن حنبل والمودودى وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وسيد قطب.  بينما المسلمون يهتدون بفكر المعتدلين أمثال ابن سينا وابن خلدون وابن رشد والفارابى ومحمد عبده وطه حسين.

 اليوم يحكم الاسلاميون (المتأسلمين) مصر، ويشعر المسلمون ومعهم بقية ابناء مصر ان بلدهم تسرق منهم، وانه تجرى عملية تغيير ملامحها لتشابه تورا بورا وقندهار والصومال.

 ولكن الشعب المصرى بتعضيد جيشه الباسل، وفكر أزهره الوسطى، وروحانية كنيسته الوطنيه، واستنارة ابناءه من المفكرين والادباء والمبدعين، وفوق كل شىء بقوة الله تعالى، سيحققوا انتصار الاعتدال على التشدد والحب على الكراهية والتحضر على البداوة،ومفهوم الدولة الحديثة على مفهوم العشيرة.  وستعود مصر الى مجدها التليد، فمصر التى باركها الله ومشى فوق أرضها السيد المسيح، لن تموت.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter