الأقباط متحدون - الديموقراطيةالحَقَّـة.. بين الخَلط والافتراء
أخر تحديث ٠٥:٠٠ | الاربعاء ١٣ مارس ٢٠١٣ | ٤ برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الديموقراطيةالحَقَّـة.. بين الخَلط والافتراء

بقلم
مهندس عزمي إبراهيـم


بالشرق كما بالغرب مشاكل عديدة، سياسية حكومية ادارية اجتماعية تعليمية قضائية أخلاقية ودينية. المشاكل بالشرق متشعبة وفي نفس الوقت متشابكة الأطراف. والصعوبة هنا تأتي في تحديد حجم المقال ليسهل قراءته واستيعاب مضمونه والمقصود منه. فلا بد للكاتب من فرز ما يمكن فرزه، والتركيز على ما يمكن سرده، وتأجيل ما يمكن تأجيله ولم يكن هذا بالأمر السهل.
****
نشر أحد الكتاب المحترمين مقالا في أوائل هذا الشهر (مارس 2013) متسائلاً أو معاتباً الرئيس الأمريكي أوباما في اتصاله الهاتفي بالرئيس المصري محمد مرسي موصياً إياه بحماية الديموقراطية بمصر، وموصيأً جبهة الإنقاذ والأحزاب المستقلة بدعم الديموقراطية بمصر. وكان مضمون المقال باختصار أن ديموقراطية الأخوان المدفوعة على مصر من أمريكا تختلف تماماًعن ديموقراطية أمريكا.
****
كان تعليقي على المقال أن أمريكا ليست وصية على مصر حتى تملك الحق أن تتدخل في دقائق شئونها الداخلية وتصرفات شعبها وحكومتها. وأن أمريكا ليست ولية أمر مصر حتى تفرض
عليها ما تشاء من ديموقراطية وغيرها. وأن دعوتها للديموقراطية لمصر أو غيرها من بلاد العالم حتى للصين نابع من أن الديموقراطية هو النسيج الأمريكي الرائع. الديموقراطية في أمريكا مبدأ اجتماعي وسياسي مُكتمَل معنىً وتطبيقاً، تتمنى أمريكا ودول الغرب لو طبقتها دول العالم كله. وقلت أن لأمريكا أن توصي به لغيرها ولكن ليس لها أن تفرضه على أحد.
وقلت في تعليقي أن لأمريكا مصالح وتحالفات وصفقات استراتيجية دولية ترعاها وتضعها نصب أعينها، وتتبنى من أجلها من تلمح فيه المقدرة على المسير في مسيرتها. ولم تجد أمريكا عميلاً في الساحة المصرية يملأ الفراغ بعد رحيل مبارك، بل في مرحلة ضعف مبارك قبل رحيله سوى الأخوان فاستعملتهم بغض النظر عن صالح مصر وصالح المصريين.
كان الهدف من صراخ الكاتب ومن صراخ كل مصري حر هو من أجل مصر ومن أجل الأقباط وتغاضي الحكومة المسلمة المؤمنة بالله وعدله عن المذابح المتتابعة والاضطهادات التي لا تخفى على أحد ذي عين وذي ضمير. وهذا ليس ذنب أمريكا، ولا ذنب المسلمين العاقلين العادلين. ولكنه نتاج الإسلام المتشدد وأتباعه السلطويين المتسلقين الاستغلاليين المتشددين الذين لا يعرفون معنى الديموقراطية.. بل لا يعرفون الإنسانية ولا عدالة اللــه.
****
كان هذا تعليقي على المقال. وإذ بمدَّعي الخبرة في العلم والتاريخ والسياسة والفلسفة والدين ينبري لنا بتعقيب طويل بعنوان [[امريكا لا تعرف الديموقراطية، وهى قامت على دماء البشر]]. الاختلاف في وجهات النظر شيء ولكن المعارضة في الحقائق والثوابت شيء آخر. لم تخلو فقرة من تعقيب الخبير من افتراء وتحوير للحقائق التي يعلمها العالم على سعته. لست أدري لماذا يخدع البسطاء من أبناء جلدته حتى يصدقوا ما لا صحة له من قريب أو بعيد. أسرد

هنا نص تعقيبه في فقرات حددتها بين [[.....]] وتعقيباتي على كل منها
****
[[امريكا لا تعرف الديموقراطية، وهى قامت على دماء البشر. امريكا لا تقوم على الديموقراطية فهى لا تعرفها ولا تتعامل بها الا فى إطار ظاهرى يخفى ورائة حقيقتها الدموية وتلاعبها بالمعايير والمبادئ التى تتشدق بها فى المحافل الدولية]]
تعقيبي: سأتحدث عن الديموقراطية في نهاية المقال.
[[فأمريكا قامت على دماء البشر وإبادة الشعب الاصلى لامريكا (الهنود الحمر).]]
تعقيبي: هل ينسى الخبير ما فعل العرب بدول الجوار مصر والشام والعراق وفارس، وما بعدهم من البلاد التي غزوها واستعمروها واستوطنوها، ودعوا غزواتهم الحربية فتوحات. وأنهم أقاموا دولتهم على دماء البشر بدءاً من شبه الجزيرة وبعدها تلك البلاد، وأذاقوا أهلها الأصليين القسوة والظلم والاذلال والاستعباد والتعالي والصلف، بل والموت بفرض الدين عليهم بالاختيار الثلاثي الشهير (الإسلام أو الجزية أو القتال، أي القتل) عند الغزو ومن بعده لقرون طوال. الهنود الحمر بأمريكا ما زالوا بخير ويتمتعون بكافة الحقوق الوطنية بلا نقص، بل بتفضيلات عن باقي المواطنين. إذا كان هذا الخبير يهمُّه الهنود الحمر واصفاً لهم بـ (الشعب الأصلي لأمريكا) فالهنود الحمر يعاملون أفضل ألف مرة من معاملة المسلمين للأقباط (الشعب الأصلي لمصر)!!!
[[وقامت (أمريكا) بإستخدام قنابل ذرية فى تدمير اليابان.]]
ليت الخبير يثقف نفسه في وقائع التاريخ الصادقة الحقة ولو عن طريق جوجل ان كان لا يقرأ الكتب والمراجع التاريخية. هناك فعل ورد فعل. ومن يتجاهل الفعل ويُهاجم رد الفعل مغرض وغير صائب في حكمه. اليابان هي التي أدخلت نفسها في الحرب العالمية ببدئها الهجوم المفاجيء بدون مسبقات من جهة أمريكا،على بيرل هاربر الأمريكية في 7 ديسمبر 1941، تضامنا مع هتلر والنازية، فقامت أمريكا بما يستوجب فعله لدرء هجوم اليابان.
[[وإبتكارها فيروسات مثل الايدز (10 انواع) والسرطان وغيرها وليس أنفلوانزا الخنازير ببعيد.]]
يدعي الخبير العلامة أن أمريكا ابتكرت فيروسات الإيدز والسرطان وانفلونزا الخنازير!!! يا للافتراء الصريح !! لا يجهل أحد أن أمريكا تحارب الأمراض جميعاً ولا تبتكرها. ملوك ورؤساء وأغنياء العرب من عظماء الساسة والفنانين والعلماء ورجال الأعمال بمصر والشرق

يهرعون إلى أمريكا للعلاج من أمراضهم. الإيدز اكتشف في فصيل من الشمبانزي يعيش في غابات دول أفريقيا الوسطى: كاميرون، اثيوبيا، غينيا، جابون، جمهورية الكونغو، جمهورية أفريقيا الوسطى. ثم امتد إلى غرب أفريقيا، سنغال، غينيا، سييرا ليون، ليبيريا، ساحل العاج، وانتشر بافريقيا ومن أفريقيا إلى العالم غربه وشرقه. وأمريكا أول من بدأ الحرب بالأبحاث العلمية والطبية والاجتماعيىة عن أساسيات هذا المرض وسبل العلاج والوقاية منه فى عام 1981. وقدمت أعظم برامج للحد من انتشاره وعلاجه في العالم أجمع.  أما السرطان وانفلونزا الخنزير وغيرهما فأترك للخبير حرية البحث في جوجل عن أسبابهم ومن ابتكرهم.
[[التلاعب فى الاغذية والمشروبات بالهندسة الوراثية مما ادى الى إنتشار امراض الحساسية المختلفة والتشوهات الخلقية والامراض الشاذة والغريبة]]
هل يقصد بتلك السفاهات أن أمريكا تبيد العالم.. لو أرادت أمريكا أن تفعل ذلك لفعلت. ليته يتقي الله إن كان مسلماً حقاً مؤمنا بقول الحق وتجنب الافتراء والشهادة الزور. وتحضرني عشرات الآيات من القرآن الأحاديث تدينه في هذا المجال، يمنعني حجم المقال.
[[امريكا فى حالة حرب منذ دخولها الحرب العالمية الثانية ومروراً بحرب فيتنام وكوريا ثم مساعدة إسرائيل والجسر الجوى اثناء حرب اكتوبر العظيمة وحتى الى الان فى ما يسمى الربيع العربى. او الثورات الملونة مثل اكروانيا وصيربيا وكينيا واوغندا وتايلاند. وتدريبها لعناصر وافراد من تلك الدول لاسقاط الدولة والدخول فى صراع داخلى فى كل دولة وإنقسامها.]]
لكل حرب ظروفها واختلاف الفلسفات والمصالح والسياسات الخارجية لكل الأطراف المتداخلة فيها. والأمة العربية لم تخلو من الحروب على دول آمنة عديدة حتى أمد قريب. أضف إلى ذلك سفك دماء العديد من الأمراء والعلماء والشعراء والأئمة والحكام والأتباع والأنصار حتى الخلفاء والصحابة وأهل الرسول. هل ينسى أو ينكر الخبير أن أمريكا تحت رئاسة رئيسها المسيحي كلينتون هي من تصدت للقادة المسيحيين المتطرفين بصيربيا على اضطهادهم للمسلمين، واعتبرتهم مستوجبين للمحاكمة الدولية كمجرمي حرب. للخبير أن ينسى وأن يتناسى الحقائق ما شاء ضميره.
[[امريكا قامت على سرقة الاموال والذهب من العالم (صدمة نيكسون عام 1971) ولم يعد فى مقدرة الشعوب تخزين الذهب الا فى امريكا ورفع الغطاء الذهبى عن العملة.]]
أمريكا لم تسرق الأموال والذهب من العالم. فليراجع هذا الخبير مخزونه من الأبحاث ويتأكد من صحة ونزاهة مصادرها بدون تحيز مسبق.فالحقائق والتفاصيل أعمق من الادعاء السطحي
[[امريكا تتعمد تصدير مشاكلها للعالم والازمة المالية الاخيرة التى بدأت عام 2008 فهى من صنيع امريكا.]]
الأزمة المالية أزمة عالمية تعاني منها جميع الدول بسبب ازدياد التعداد بالعالم ونقص الموارد، ولا يستثنى الشرق الأوسط. هل مصر لا تعاني أزمة مالية، بل انهياراً كاملا في اقتصادها على أيدي الأخوان والمتأسلمين وتلاعب قطر والسعودية في نخاشيش مصر. فأصبحت مصر تقف على الأبواب تستجدي المعونات والقروض ممن كانت تعولهم؟
[[امريكا هى صانعة الارهاب وتلاعبها بالمعايير من مجاهدين الى ارهابين فهو واضح ومعروف للقاصى والدانى ... فإنشاء تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الاسلامية وإتفاق برجينسكى مع السادات وقيادات جماعة الاخوان المسلمين بتدريب المجاهدين فى افغانستان بتمويل سعودى لمحاربة الاتحاد السوفيتى ... وكان ذلك عام 1979.]]
أمريكا صانعة الارهاب!!؟؟.. على من يضحك هذا الخبير؟ يضحك على أبناء جلدته ويخدرهم ويثيرهم بأكاذيب!  99% من الارهابيين في العالم في افعانستان والباكستان والصومال واليمن والسودان وفي مصر حتى في نيجيريا عرب مسلمون.. والأحزاب والجماعات الإسلامية الجهادية الارهابية عديدة ومعروفة. ولينكر من يشاء.
[[تلا ذلك تغيير للمعيار من مجاهد الى ارهاب ووضع العالم فى مؤامرة 11 سبتمبر التى نفذتها امريكا بجدارة.]]
تلك أعظم الافتراءات المضحكات. هذا المدَّعي باختصار يقرأ الأوراق الصفراء المريضة بدلا من الاعتماد على المصادر المحترمة الجديرة بالقراءة. يُعميه الحقد فينظر إلى رد الفعل ويتجاهل جسامة الفعل ووحشيته.  حادثة 11 سبتمير لم تكن مؤامرة أمريكية على منشآتها وعلى دماء أبنائها. كانت أكبر جريمة انسانية في العصر الحديث. قام بها ارهابيون سعوديون ومصريون مدفوعون من جماعة القاعدة الارهابية التي اعترفت بها وافتخرت ومازالت تفتخر بتخطيطها والتدبير لها والقيام بها. عبث وهَبَل ولعب بعقول الناس أن يُدَّعي أن أمريكا دبرتها لتهدم وتحرق أكبر برجين كانا أعظم مركزين للتجارة والاستثمار والتعاملات الاقتصادية بأمريكا وبالعالم، وتقتل أكثر من 3000 ثلاثة ألاف خبراء وباحثين وعاملين منتجين أبرياء من كل جنس ومن كل جنسية ومن كل دين.
[[إستخدام منظمات المجتمع المدنى للتدخل فى الشئون الداخلية للبلدان وتمويل جهات منهاضة لحكومات الدول التى تعارض امريكا.]]
هذه هي السياسة الخارجية لأمريكا تنظر لمصلحتها، مثلها مثل كل دولة ذكية حكيمة تنظر إلى مصالحها. ليت دول الشرق، أو ليت مصر تفعل ذلك.
[[فأمريكا لا تعرف الديمقراطية التى تنادى بها فى الساحة الدولية وتلاعبها بالمعايير ونشرها عبر إعلامها الموجهة.]]
كما وعدت سأتحدث عن الديموقراطية في نهاية المقال.
****
موضوع المقال الأصلي لللأستاذ الكاتب كان عن الديموقراطية. وتعقيبي عليه كان عن الديموقراطية. وجاء تعقيب مدعي الخبرة في الشئون العالمية منكراً ديموقراطية أمريكا على أساس سياستها الخارجية!!! وهذا خلط خطير، وعدم فهم للفارق الكبير بين ديموقراطية الدول وسياساتها الخارجية. وقبل أن أتحدث عن الديموقراطية، سأتحدث عن السياسات الخارجية للدول.
السياسة الخارجية لدولة ما. هي اختيار الدولة لِسُبُل حماية وتأمين مصالحها عن طريق علاقاتها بالدول الأخرى بالعالم. يتم ذلك بالتعاون وبالمعاهدات والتعهدات المتبادلة وبعقد الصفقات السياسية والاقتصادية والاسترتيجية وغيرها، وحتى بمقاطعة التصدير والاستيراد والتبادل الطبي والعلمي والثقافي والتعليمي ومثل ذلك، وأيضاً بالحروب. ومن المستحيل أن ترضي السياسة الخارجية لدولة ما جميع الدول،هذه حقيقة واقعية. والحقيقة الواقعية الأخرى، هي أن السياسة الخارجية لدولة ما لا تدل ولا تنبئ ولا ترتبط بالنظام التي تُحكم به تلك الدولة داخلياً.
أما الديموقراطية  بكلماتي المبسطة هي فلسفة ونظام الحكم "الداخلي" للدولة وتنظيم العلاقة بين الشعب وحكومتة بسلطاتها الثلاث: تشريعية وقضائية وتنفيذية. وهي قواعد تحمي وتضمن حرية وكرامة الإنسان بتطبيق االمباديء والقوانين الإنسانية، لا الدينية التي تختلف وتتنوع تبعاً لتعدد الأديان والطوائف والفصائل والقوميات المكونة لشعب الدولة. وهذا هو جوهر العيب الأساسي في الحكم الديني، المتحيز بحكم طبيعته لدين واحد بل لطائفة واحدة من دين واحد دون باقي الشعب. وهذا يتنافى تماماً مع مباديء الإنسانية وعدالة الديموقراطية.
فالديموقراطية الحَقَّة تؤمن حرية العبادة وممارسة العقائد والتبشير بها واحترام المقدسات والمنشأت الدينية، فالمساجد والكنائس والمعابد لكل الأديان تُنشأ بلا قيود ولا تفضيل لدين دون الآخر أو لعقيدة دون الأخرى. الإسلام (كأي دين) يُدَعَى إليه أو يبشر به والمصاحف توزع علناً في الشوارع والميادين والسجون تحت بند حماية الأديان، دون أن يحتج أحد أو يقف في طريق

المروجين له والمبشرين به أحد، لا حكومات ولا شعوب. لأن الدول والشعوب تحت الديموقراطية متفرغون لما هو أفضل للبشرية، من إبداع وانتاج وتصنيع واختراعات يستمتع بها المسلمون في الشرق والغرب. أما الشرق فهو للأسف مغمور مشغولٌ، شعوبه وحكوماته، في حماية دين واحد، والتشدق بالدين، والتجارة بالدين، والمساومة بالدين، والتمييز بالدين والظلم والقهر والقتل بالدين!!! أكرر ان المسلمين يقومون بالتبشير بالاسلام بأمريكا وبالدول الديموقراطية عامة دون أن يعترض طريقهم أحد، فلا يُمنَعوا ولا يُعذبوا ولا يُهانوا ولا يُسحلوا ولا يُعتقلوا، ولا يُقتلوا ذبحاً أو رجماً أو يُدفَنوا أحياء كما يفعل المسلمون بالشرق بحجة الخوف من التبشير. هذه هي ديموقراطية أمريكا الحَقَّة.
المساواة الكاملة في كل الحقوق بلاتمييز بين المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم، فلا عربي يختلف عن هندي أو كندي أو يهودي أو برازيلي أو صيني أو أوروبي أو أي فرد من أي قومية أخرى. والوظائف بالحكومة والمؤسسات حتى أعلى الرتب متاحة للأكفاء من أي جنس وأي خلفية وأي دين، حتى التمثيل في الكونجرس ورئاسة الإدارات والجامعات والمؤسسات والشركات. ووصول العديد من الأكفاء العرب المسلمين وأبناء الشرق وأبناء العالم عموما إلى تلك المناصب بلا قيود دليل على ذلك. وحتى رئاسة الدولة، فأمامنا الرئيس أوباما بخلفياته الأفريقية والإسلامية دليل صارخ على ديموقراطية أمريكا الحقَّة.
وبالمثل، بناء على إدراك الدولة ودستورها أن النساء نصف المجتمع، وأن منهن من هو أفضل وأذكى وأقدر على مهام الأمور من الكثير من  الرجال، فمساواة المرأة والرجل في العمل وتشجيع مساهمتها في تقدم الدولة في جميع مشاريعها ومناصبها إسوة بالرجل ضرورة مكفولة ومحمية بالقانون، وهذه ديموقراطية. أمريكا الحَقَّة.
حرية التفكير والتعبير في الصحافة والكتابة والخطابة والميديا مكفولة فلا تكفير ولا تعيير ولا ولا تخويف ولا تهديد ولا زندقة ولاسجون هذه هي ديموقراطية أمريكا الحَقَّة.
حرية وعدالة القضاء المطلقة بين جميع المواطنين سواسية حتى معاقبة رئيس الدولة مكفولة. إجبار ريشارد نيكسون على الاستقالة، وهو رئيس الجمهورية المتميز، يشهد على ذلك. هذه ديموقراطية أمريكا الحَقَّة.
حرية الانتخابات بشفافية وبدون تزوير أو تزييف أو ضغوط أو رشاوي بزيت وسكر ورز وصابون، واحترام حرية المواطن فيمن يختار ليمثله في السلطات التشريعية وفي الحكومات الفيدرالية والولاتية والمحلية مكفولة.  فمثلا، الحزب اليموقراطي عند وصوله للحكم لا يعتقل

قادة وأتباع الحزب الجمهوري ويودعهم السجون والمعتقلات، وكذلك الحزب الجمهوي عند وصوله للحكم لا يفعل ذلك بقادة وأتباع الحزب الديموقراطي. هذه ديموقراطية أمريكا.الحَقَّة.
****
تلك بعض من معالم ديموقراطية أمريكا. قدمتها لا دفاعاً عن أمريكا وديموقراطيتها، فديموقراطية أمريكا تدافع عن نفسها بنتائجها.  فنحن الملايين من المصريين والعرب مسلمون ومسيحيون مع جميع أبناء العالم المستوطنين بأمريكا نعيشها ونستنشقها كل يوم ونستمتع بها، ننعم بحرية العمل والترقي في المناصب بلا تزلف ولا تسلق باسم الدين،ونتاجر ونكتسب ونحتفظ بمكتسباتنا وندفع للدولة ما تستحفه من ضرائب، لا خوف من تأميمات ولا جزية ولا فدية ولا اتاوة.  قدمت معالم ديموقراطية أمريكا لا موافقة على سياسة أمريكا الخارجية، ولا خوف من معارضة تلك السياسة، فحرية المعارضة أيضاً مباحة ومكفولة بالقانون الأمريكي. وهذه روعة ديموقراطية أمريكا.الحَقَّة.
ختاماً: هل نأمل أن تكون للديموقراطية الحَقَّة كما شرحتها أعلاه فرصة أن تعيش وتزدهر بالشرق العربي الإسلامي؟؟  نتمنى، ولكن ليس الأمر بتلك السهولة!!  نبات الديموقراطية بكل صراحة لا ينمو في مزارع الدول الإسلامية تحت شمس الإسلام "المتشدد" الحارقة، التي لا تناسب إلا الصحراء البدوية البدائية فقط.
عصر نهضة مصر الباهرة  في النصف الأول من القرن العشرين، هي الفترة اليتيمة في الـ 1400 سنة منذ الغزو والاستعمار العربي لمصر في القرن الميلادي السابع. عصر نهضة مصر كان أقرب ما يكون إلى الديموقراطية الحَقَّة. وكان ذلك الازدهار الديموقراطي نتاج بذور الدولة المدنية التي أسسها محمد علي الكبير، التركي/الألباني الأصل، ونما نباتها تحت ظلال حُكم أسرته من بعده رغم الاستعمار الأجنبي، وبرعاية أحرار مصر العظام كسعد زغلول ومحمد عبده وزملاء عصرهما، وتحت جناح الإسلام الوسطي بالأزهر الشريف السمح المتفتح، وتحت دستور وقوانين مدنية تحمي الإسلام والأديان الأخرى ورعاياها بلا تمييز.
قدمت هذا المقال كاعتراض حَيّ لمن يَخلِط، عن جهلٍ أو عن حقدٍ وقصدٍ،.بين الديموقراطية الراقية كنظام داخلي لدولة وبين السياسة الخارجية لتلك الدولة سواء كانت عادلة أو ظالمة.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter