الأقباط متحدون - ثورة الشباب وثورة النساء
أخر تحديث ١٣:٣٢ | الخميس ١٤ مارس ٢٠١٣ | ٥ برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ثورة الشباب وثورة النساء

لم يحدث فى التاريخ أن شعبا تحرر بسبب مساعدات أو نصائح خارجية، ولم تتحرر النساء فى أى بلد بقرار من الحكومة أو الملك أو الرئيس، فالشعوب تتحرر بالثورة النابعة من داخلها والناتجة عن الوعى الجماعى بالحرية والكرامة والعدالة والمساواة بين جميع الفئات «نساء ورجالا».

الوعى الجماعى يأتى عن طريق الثقافة المستقلة والفكر الابداعى بالحرية والمساواة، الذى يقدمه المفكرون والكتاب من النساء والرجال، وقد رأيت الشباب الثوار والشابات الثائرات بميدان التحرير (خلال يناير وفبراير 2011) يحتفون بأصحاب وصاحبات الفكر الثوري، ممن مهدوا الطريق لهذه الثورة، ورغم بطش الحكومات المتعاقبة بهم وحذف أسمائهم من قوائم الأدباء والمفكرين بالمجلس الأعلى للثقافة، لا تنفصل ثورة الشباب عن ثورة النساء فى أى بلد، لأن الأم الثورية تنتج الابن والابنة الثورية ويقود الثورات الشعبية دائما الشباب من الأبناء والبنات، وليس الكهول والشيوخ من الآباء والجدود.

كان طلاب وطالبات الجامعات المصرية هم طليعة الثورات الشعبية، فى ثورة 1919، وثورة 1952، وثورة 1977، وثورة 2011 ونجحت الحكومات المصرية مع الاستعمار البريطانى الفرنسى الأمريكى الاسرائيلي، فى اجهاض الثورات الشعبية على مدى العهود، واهدار دماء الشباب الثائر، ودفنهم تحت الأرض، وحذف أسمائهم من التاريخ. وقد بحثت فى الدفاتر الرسمية عن أسماء شهداء ثورة 1919 فلم أجد لها أثرا، ولم أعثر على حكومة واحدة احتفلت بذكرى شهيد أو شهيدة، ولم أجد فى سجلات التاريخ أسماء شهداء ثورة 1952، لم تحتفل حكومة واحدة بذكرى ايا منهم رغم احتفالاتها العديدة لمن لم يقدموا قطرة واحدة من عرقهم لمصر، بل شربوا من دماء الشعب حتى الثمالة وأتذكر أن أحد شهداء ثورة 1952 «أحمد المنيسى» كان زميلا لى فى كلية الطب، قتله الانجليز ضمن الفدائيين فى القنال لم يذكره التاريخ المصرى، الكاتبة الانجليزية البوليسية أجاثا كريستي (ماتت فى 12 يناير 1976) واحتفال أمريكا بماكوك الفضاء كولومبيا (فى 12 يناير 1986)، ومولد الخديوى اسماعيل فى (12 يناير 1830)، وأسقط التاريخ المصرى اسم الفدائى شهيد الوطن «أحمد المنيسي» مات فى 12 يناير 1952.

والحكومات المصرية والقوى السياسية وأحزابهم تعودوا القفز فوق جثث الشهداء الى مقاعد الحكم والبرلمان والشورى لا تختلف أهداف ثورة 2011 (الحرية والعدالة والكرامة) عن أهداف الثورات السابقة حكومة عبدالناصر انتهت بهزيمة 1967 وكان مشروعها يقوم على «استقلال اقتصادى وحزب واحد».
وانتهت حكومة السادات باغتياله فى 10 أكتوبر 1981، وكان مشروعها يقوم على تبعية اقتصادية وتعددية حزبية وانتهت حكومة مبارك بسقوطه فى 11 فبراير 2011، وكان مشروعها يقوم على «مزيد من التبعية ومزيد من التعددية»

وسوف تسقط حكومة الاخوان المسلمين بسبب الاستمرار فى الطريق ذاته مع الدكتاتورية الدينية.
لا يمتلك حزب مصرى واحد مشروعا ثوريا للتحرير الاقتصادى الاجتماعى السياسى الفكرى التعليمي، الذى يضرب جذور النظام الرأسمالى الأبوى وتنقسم الأحزاب المصرية حول مفهوم العدالة الاجتماعية، وهل تشمل المساواة بين النساء والرجال؟ أو المساواة بين الطبقات؟ أو دور الدولة فى الاقتصاد؟ أو دور القطاع الخاص والسوق الحرة؟ أو الدور الأمريكى فى الاقتصاد والسياسة والتعليم؟

ليس هناك ثورة فى التاريخ دون فكر ومشروع ثورى وكان واضحا منذ البداية أن الشرعية الثورية هى أساس الثورة وليس الشرعية الدستورية القديمة، وأن التفاوض عبر الوسطاء (داخليا وخارجيا) اضاعة للوقت واهدار لقوى الثورة وتقسيمها. وأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية وصناديق الاستفتاء كانت خدعة سياسية لاضفاء الشرعية على برلمان غير ديمقراطى ومجلس شورى غير شرعى ودستور جديد أكثر تخلفا من دستور مضى عليه واحد وأربعون عاما.
الفروق كبيرة بين أهداف الثورة وأهداف القوى التى قفزت على الساحة، الذين يؤمنون بالحلول الوسط، ويهرولون الى الانتخابات حرصا على فتات المقاعد، رغم رفضهم قانون الانتخاب الجديد، ويتنازلون عن أهداف الثورة، يكتفون بالمطالبات الجزئية مثل: نزاهة الانتخابات، توفير قاض لكل صندوق، رقابة دولية على الانتخابات، ادارة مشتركة لعملية الانتخابات، وغيرها من الطلبات يقدمونها للحكومة مثل الموظفين على ورق تمغة هذه السياسة الوسطية التنازلية تم فشلها خلال العامين الماضيين، وأغرق مصر فى الأزمات والكوارث ولا تتعلم القوى السياسية المصرية من أخطائها السابقة. فهم يفصلون بين العدالة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، كلمة الاجتماعية تبدو لهم بريئة أكثر من كلمة «الاقتصادية»، وكلمة «الحرية والعدالة» هى الأفضل لهم، لأنها تعنى «العدالة والحرية» لكل الشعب ما عدا النساء والفقراء ويتهمون الشباب الثوار بعدم التعقل لاصراره على اسقاط شرعية الحكم القائم، وينسى هؤلاء الكبار العقلاء أنهم رددوا بعد خلع مبارك شعار الثورة «يسقط النظام».

ثم دفنوا رءوسهم فى الرمال، وفصلوا بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية، وبين اسقاط نظام مبارك وبناء نظام جديد القيادات الحزبية المصرية (الدينية والمدنية) تربوا على أفكار السوق الرأسمالية الأبوية، لهذا يتنازلون عن حقوق النساء والفقراء دون أن يطرف لهم جفن وأتمنى للقوى الثورية (نساء وشبابا) عدم الخضوع لمنطق التنازلات، وتنظيم صفوفهم وتوحيدها، وتسجيل شهدائهم وشهيداتهم، والثورات السابقة، تحقيقا للأمانة التاريخية.

نقلا عن الحوار المتمدن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع