الأقباط متحدون - الأقباط والتدويل
أخر تحديث ١٣:٠٧ | الأحد ١٧ مارس ٢٠١٣ | ٨برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الأقباط والتدويل


بقلم : كمال زاخر موسى
 
كانت المقدمات تنبئ بنتائج مبشرة، شعب يثور ضد طاغية ونظام مستبد شاخ على مقاعد السلطة، كانت الأحلام والتطلعات تحلق فى عنان السماء وعلى رأسها استعادة مصر الموحدة، فى وطن مثخن بجروح الفتنة وعلى جسده آثار انتهاكات غائرة للمواطنة لم تفلح معها عمليات تجميل رتيبة ومتكررة تستدعى لحظات الوهج الوطنى، تترجم مأثوراً شعبياً مصرياً قـُحاً "إيش تعمل الماشطة فى الوش العكر".ـ
 
جاءت النتائج صادمة ومربكة فى ملفات كثيرة ومتزاحمة، وأخذتنا إلى حافة الهاوية، حتى أن كثيرين من موالاة زلزال 25 يناير يراجعون موقفهم وموقعهم منها، وعادوا إلى سؤال التوصيف ثورة، انقلاب، مؤامرة، ردة، مكافأة، إعادة رسم خريطة توزيع قوى المنطقة لحساب القوى الدولية المتحكمة، وهو سؤال سيبقى فى صدارة المنتديات وأطروحات النخب والعامة لسنوات وتتغير الإجابات مع تسريبات معلومات لا يملكها الشارع، ويحكم إطلاقها والإفراج عنها ميزان صراع ما.ـ
 
يأتى الملف القبطى فى موقع متقدم فى ترتيب الملفات الملتبسة والملتهبة، تتغير الأنظمة وعناوينها ويبقى الأقباط محل استبعاد او تحجيم لا تكتمل مواطنتهم ينتظرون الفتات الساقط من موائد المتنفذين، الذين يجيدون اصطياد رموز بعينها من الشريحة القبطية لتتصدر مشهد المساواة الوهمى وتقبل أن تكون العرّاب الذى يمرر استبداد تلك الأنظمة وتطرفها، بدأ الأمر مبكراً كشفه اللقاء العاصف بين الملك فؤاد وزعيم الأمة سعد زغلول الذى قدم وزارته متضمنة فى تشكيلها ثلاثة وزراء اقباط ورفض الملك للخروج على التقليد المتبع بألا يزيد العدد عن واحد أو إثنين على الأكثر، ويقبل على مضض مع اصرار الأخير تحت ضغط لحظة ثورية منحازة لزعيم الأمة، وعندما ينقلب الجيش على النظام 1952 يختفى اسم الضابط القبطى ـ اليوزباشى (نقيب) واصف لطفى حنين ـ الذى شارك فيها من القائمة المعلنة لتنظيم الضباط "الأحرار" وينزوى مستكملاً حياته كمحام فى مكتبه بشبرا حتى وفاته، وتُسند وزارة التربية والتعليم لكادر اخوانى ـ كمال الدين حسين ـ يزرع اختطاف منظومة التعليم فى اتجاه التسطيح والأحادية، وعلى ابواب الستينيات تؤسس جامعة لا تسمح للأقباط بالإلتحاق بها، وتطلق إذاعة دينية، وعلى استحياء يسمح بإذاعة نصف ساعة يوم الأحد فقط لصلوات مسيحية على أثير إذاعة فرعية ـ إذاعة فلسطين (!!) ـ وتظل بعض من المؤسسات موصدة أمام الأقباط وتظل الكليات العسكرية ملتزمة بنسبة تقترب من الصفر لإلحاقهم بها، وعندما يأتى السادات تنفجر حمم الإقصاء والإستهداف والترويع بدءاً من احداث الخانكة 6نوفمبر1972والتى وثقها تقرير لجنة العطيفى لتقصى الحقائق والتى شكلها البرلمان المصرى تحت ضغط دموية الإحداث وفجاجة الإستهداف ورسائل جماعات العنف الدينى المفخخة، ولا يمر شهر أو إسبوع بغير أن تنفجر نقطة على خريطة الوطن فى مكوكية لا تتوقف لابتعاث التطرف، امبابة، اسيوط، عين شمس، وغيرها حتى الزاوية الحمراء 16يونيو1981، ولم يلتفت احد لتصاعد الأحداث والتى انتهت بحريق 5 سبتمبر واغتيال الرئيس 6 أكتوبر من نفس العام.ـ
 
وياتى مبارك ليستمر الأمر فى اتجاه التصعيد وبحسب رصد المنظمات الحقوقية كان المعدل السنوي لحوادث العنف الطائفى المستهدف للأقباط حتى يناير 2010 يبلغ 53 حادثاً سنويا، أي بمعدل حادث كل أسبوع، توزعت بين 17 محافظة من أصل 29 محافظة، وتراوحت بين حادث واحد مثل محافظة الشرقية وبين 21 حادثا في محافظة المنيا (سنوياً).
وعلى الرغم من إعلان الجماعات الإسلامية عن ما سمى بالمراجعات إلا أن هذا لم يمنع استمرار استهداف الأقباط  فبعد عام فقط من انطلاق تلك المراجعات، وقعت أحداث الكشح الأولى في 15أغسطس1998 ثم الكشح الثانية في 31 ديسمبر1999. ونشهد مهزلة التصدى لها عبر اقصاء القانون واستبداله بنسق الجلسات العرفية الكارثية واسترضاء الإقباط بتعينيات كارتونية رمزية فى المجالس النيابية والمحلية وكلام عن النسيج الواحد وبعض من صور تبويس اللحى واستقطاب بعض من الكوادر القبطية يطلقون البخور فى هيكل السلطة ويسبحون بحمدها بثمن قليل يؤكدون أن الأقباط يعيشون أزهى عصورهم بفضلها.
وتتسارع خطى الترويع لتصل الى ذروتها بجريمة تفجيرات كنيسة القديسين المروعة عشية استقبال عام 2011 بينما الأقباط يعمدونها بالدم ولا ينتهى الشهر حتى يسقط النظام بفعل زلزال 25 يناير، ولا ينتبه أحد الى ارتباط سقوط نظامى السادات ومبارك باستهداف الأقباط بشكل دموى سافر (الزاوية الحمراء / المنصة ـ يونية / اكتوبر 1981)، (قديسين اسكندرية/ التخلى ـ يناير / فبراير 2011).ـ
 
ولأن أحداً لا يقرأ عند القمم ما يحدث عند السفوح نشهد إعادة انتاج للترويع والإستهداف بعد 25 يناير فلم تدم لحظات الوهج الوطنى إلا لأيام لنصحو من غفوة تيه وهم الثورة على أحداث إجرامية متسارعة بدأت بهدم كنيسة صول بالجيزة 9 مارس، ثم اعتداءات المقطم 11 مارس فمظاهرات واعتصامات وقطع السكك الحديدية بقنا 15 ابريل إعتراضاً على تعيين محافط قبطى للمحافظة والتى انتهت برضوخ الحكومة المؤقتة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتراجع عن التعيين، وفى 8 مايو تشتعل امبابة ضد الأقباط بحرق كنيستين على التوالى وقتل وجرح عشرات الأقباط، وإعلان جماعات ارهابية مسئوليتها عن الأحداث، وبالتوازى يشهد الشارع تصاعد وتيرة اسلمة الحراك السياسى عبر اطلاق ابواق ماكينة الإعلام الإسلامى والأحزاب والتجمعات المثيلة، والإصرار على ترجمة هذا فى وثيقة الدستور واعتبار ان الخلاف السياسى يستهدف المشروع الإسلامى واصبح تمرير الإستفتاء والدستور غزوات بوصف تلك الجماعات، وتنطلق دعوات اقصاء الأقباط من رموز نافذة بالحزب الحاكم الذين لا يكفون عن تحميل الأقباط مسئولية الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية بالإتحادية والتحرير وغيرها.ـ
 
وتتكرر حوادث الإختطاف وأسلمة القاصرات دون ان يتصدى لها أحد وتستمر سياسات التعتيم والإنكار، وغير بعيد عدم ادراك المتنفذين وأصحاب القرار أو استشعارهم لوجود أقباط ابتداءً ومن ثم عدم الإنتباه لحقوقهم الطبيعية فى وطن هم جذوره، ونرصد حادثتين لهما دلالتهما الفادحة، أولهما إعلان جدول الإنتخابات البرلمانية واختيار أيام أعياد الأقباط لإجرائها انتخاباً وإعادة، والأنكى التبريرات التى سيقت والتى تحمل استهانة وغياب المعرفة جهلاً أو عمداً، ويخرج علينا من كوادر السلفيين والإخوان معاً من يلوم غضب الأقباط ويصفه بالفعل الطائفى الذى يعلى الإنتماء الدينى على الانتماء الوطنى، هكذا، وعندما تُحرك المواعيد تقع مجدداً فى توقيتات مناسبات الأقباط (!!). حتى تأتى احكام المحكمة الإدارية بوقف اجراء الإنتخابات لتصحح عوار السياسيين.ـ
 
وثانيهما ما حدث للأقباط بليبيا والذى يكشف عن واقع مفزع هناك وهنا بين الإهمال والتهوين واللامبالاة، فلا الخارجية تفاعلت مع الحدث على حسامته بما يستحق من اهتمام ولا الرئاسة اولته التفاتاً ولا مجلس الشورى قدم سؤالاً او استجواباً أو حتى بياناً عاجلاً، وحتى الإعلام اصابه الصمم وكفت عيونه وكاميراته عن المتابعة والرصد، فداحة التعاطى تتبدى عندما نقارن هذا بما حدث مع نفر من اهل الجماعة بالإمارات التى تصدى للدفاع عنهم وسعى الافراج عنهم وفد رئاسى وتوصيات رئاسية، ولم يلتفت أحد ان التبشير كفعل ليس مجرماً لا فى القانون الليبى ولا نظيره المصرى، فقط العرف الذى يقفز فوق القانون، فضلاً عن أن الجريمة بحق المصريون الأقباط محل الاتهام كانت تعرضهم للتعذيب والقتل والترويع وتغسل السلطات هناك يدها بأن ما حدث قامت به جماعات متطرفة، بالمخالفة للمنطق ومجريات الأمور، ويسألونك هنا عن دلالات الإقصاء والتمييز !!.ـ
 
أخشى أن نصحو يوماً لنجد أن الملف القبطى قد وجد طريقه للمحافل الدولية والمنظمات الحقوقية الأممية، ليفتح باب التدويل وما يجره من تبعات وتداعيات، وفق معطيات اللحظة والتغيرات التى لحقت بخروج الشباب القبطى من الكنيسة وبها للوطن، بالتزامن مع الإصرار على انتقاص مواطنة الأقباط وفق رؤى تحتمى بالغطاء الإسلامى وتسعى لتفكيك مؤسسات الدولة لحساب مشروعها المفارق لحركة التاريخ وآيتنا تقنين الميليشيات المسلحة والسعى للحلول محل الأمن الوطنى،ـ
 
فهل من يقرأ ويسمع ويدرك خطر اللحظة أم ننتظر الكارثة؟.ـ
--
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في المجموعة "meca" من مجموعات Google.
لإلغاء اشتراكك في هذه المجموعة وإيقاف تلقي رسائل إلكترونية منها، أرسِل رسالة إلكترونية إلى m_e_c_a+unsubscribe@googlegroups.com.
للمزيد من الخيارات، انتقل إلى https://groups.google.com/groups/opt_out.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع