الاثنين ١٨ مارس ٢٠١٣ -
١٣:
٠٢ م +02:00 EET
بقلم: مصدفة عبيد
السكوت على المذبحة
طعم الغدر لاسع فى الحلوق . مر مرار العلقم . الظلم ضارى وظلم ذوى القربى أشد ضراوة . يأتى الرصاص من حيث لا نحتسب. باردا ، قاسيا ، مدويّا كنهاية حتمية لزمان من الشهامة .
فى رمضان الماضى سبقنا إلى الجنة شباب مصرى مسالم بات يحرس فى سبيل الوطن . ستة عشر جندى قتلوا غيلة ولا أحد يعلم حتى الآن بأى ذنب قتلوا !
وقتها تعهد الرئيس مرسى بتقديم الجناة إلى العدالة بأسرع ما يمكن ، وذكر بيان للقوات المسلحة بأن المعتدين سيدفعون الثمن . ومر الشهر تلو الشهر ، ولم يحدث عدل ، ولم يجر ثأر ، ولم تشهد مصر ما يدل أننا نعيش فى دولة لها كرامة ، ولديها عزة وكبرياء . لم يقل لنا أحد من المسئولين ــ لا الرئيس ولا الوزير ولا المهللين والمطبلين لولاة الامورــ ماذا جرى ؟ وكيف تحققت العدالة فى هذه الجريمة ؟
من غزة الأسيرة انطلق القتلة كسهم طائش أخطأ قلب صهيون إلى قلب مصر . من فلسطين الحبيبة رش الخونة غدرهم كافرين بالعروبة والاخوة والجيرة والتاريخ .. من هناك ردوا الدعم بالدم ، والنصرة بالخسة ، والعرفان بالنكران . والمؤسف ــ رغم التسريبات المتكررة بأن منفذى المذبحة خرجوا من غزة ــ أن أحدا من حماس لم يعتذر ، ولم يساعد فى كشف القتلة أو تقديمهم للعدالة .
غدر الإخوة ينطق بالعبرية . غدر المتأسلمين يضخ كذبا وغشا . غدر معجون بجهل وسوء نية وحقد أعمى . " هل جزاء الاحسان الا الاحسان ؟ ". يقول أمل دنقل راسما وجع الغدر : " لم يصح قاتلى بى : انتبه /كان يمشى معى / ثم صافحنى / ثم سار قليلا / ولكنه فى الغصون اختبأ ./ فجأة ثقبتنى قشعريرة بين ضلعين / وأهتز قلبى كفقاعة وأنفثأ / وتحاملت حتى تحملت على ساعدى /فرأيت ابن عمى الزنيم /واقفا يتشفى بوجه لئيم / لم يكن فى يدى حربة أو سلاح قديم / لم يكن غير غيظى الذى يتشكى الظمأ ."
حماس ليست فلسطين ، والقتلة ليسوا سوى خدم لدى الأعداء . من يقتل مصريا فليتبوأ مقعده من النار . من يقتل مسالما آثم . من يعتدى على صائم دون وجه حق هم سفلة السفلة . لو كانوا معروفين وجبت محاكمتهم ، ولو كان لحركة حماس صلة بهم لوجب حسابها ، ولو كان لأحد ما داخل غزة مسئولية لصار من اللازم القصاص منهم فورا .
بعد ثمانية شهور من المذبحة أخشى أن أقول : أيها الرئيس :اصمت . أيها الجنرال : كفى خداعا . أيها الجالسون على المقاهى: ترحموا على الشهداء . أيها الكتبة : اذرفوا مداد أقلامكم . ويا أمهات الشهداء لا تنتظروا ثأرا ، فليس لدينا من يثأر . والله أعلم .