بقلم : وجدي شحات
قد أحتاج الحقيقة كلما أردت أن أكذب ..
قلبي قطعة من رومان يحوى الكثير والكثير بين ثناياه ..
أمشي مسرعًا لأبحث عن معنى لخطواتى ..
أُهدي إلى جارتي وردة دبلانه بلا لونًا ..
في أفكارى بركانًا متوهجًا وفى عياناى لهيب حبًا منسيًا ..
مازلت حيًا وجثتى تنام بجوارى ..
فلا فرق بين الحياه والموت إلا بهذا الأكسجين ..
عَجَّل بالرحيل قبل أن تُجبَر عليه ..
بعد فتره نلتقى يا أرز لبنان فانتظرنى هناك فوق التله الصغرى ..
نام يا حبيبى نام يا صغيرى قبل أن يصحوا الفجر وتنكسر فى يداي قهوة الصباح ..
ويصرعني الحرف بلهيب الحر والبرد ...
أنادي جثتى: أتدرين ما حلّ بك؟ هل مت قبلك أم أنتِ مَن سبقتى للموت خطواتي؟
وينقذنى الصدىَ بصراخه: اخرج من هاهنا اذهب بعيدًا اهرب ..
ظلامًا كل ما حولى ظلامًا ولا آثار لقدماي ..
والليل ليلاً طويلاً أسود اللون لا هو أبيض ولا هو شعرك الحالم...
وصوت موسيقى الوداع يرتفع وينخفض يبوح ويتوقف فجأة عن العزف وكأنه الموت ..
رحلوا رحلوا وأخذوا بيديهم كل آلات الرحيل ..
رحلوا وتركوا بين عيناي دمعي الوليد ..
كل هذا الليل والظلام لى و"أنا" وحدي ..
واسكب الليل كالماء ينهمر من فوق التله الصغرىَ ..
تعال يا صغيرى فهناك سينقشع الليل بوجودك؟ تعال يا حبيبى ..
شكرًا لكل وردة حتى ولو كانت بلا لونًا ..
شكرًا لكل دمعًا سكبته مع الليل انسكابًا ..
أنا لا أبكى انحسارًا .. أنا لا أبكي بل أبكي إندهاشًا ...
-فى عيونى كل الألوان وينقصى اللون الأسود ..
لست بحاجة إلا اليك ...
فكل ما حولي كامل لا ينقصه إلاَك ...
سأعود من حيث بدءت ..
انهض من حولى يا كل جسدى ..
قم لثورتك .. هب لحياتك من جديد لونًا ..
مازلت هناك ومازالت هي هنا .. لا ينقصنى إلاك...
يهرولون من حولى ويأتون وفى أيديهم ساعة الوقت ..
كم مضىَ من الوقت؟ ألعل الزمن توقف قبل تكوينى...
ألعلى هناك قبل الألوان ..
ألعلى لم أدرك ماهية اللون الأسود بعد ..
ينقصنى كل شىء .. لا بل لا ينقصي إلاك ..
يحاصرنى حلماً .. ويطاردنى شبحاً ..
والسؤال يبق السؤال متى يا شبحى ستُمسك بى ..؟؟
ابطىء خطواتى لعلك تلحق بى ..
اتوقف تتوقف .. انحنى تنحنى .. اسرع تسرع ..
متى ستمسك بى ...؟؟
سرابًا كل ما حولى سرابًا ..
والبحر كله فى كفى ..بأمواجه وأشرعته ..
أتعلم يا أنا ما حل بى ...؟؟
صرت وحيدًا بدونك .. صرت حبيساً ...
وهنا غيابك يا أنا .. سرابًا كل ما حولى سرابًا..
لا صوت إلا صوت السكون...
لا بحر إلى بحر ظلى ..
شبحى هناك وهنا .. يلتف حولى ..
لا شىء إلاك .. ينقصنى..
أيها العابرون .. انتظروا..
سأسقيكم من كفي ماءًا..
وسأروى لكم قصة الأمس ..
سأدلكم عن طريق الوداع...
كتبوا النهايه على صخور البحر ..
كتبوا البداية ومروا عليها بهدوء ..
رسموا القبر ونسيوا أن يشيدوه ..
أنا صوت الصدى..
زمن الحكايات انتهى..
ورحلت الكلمات...
كل السطور اختفت إلا حروف النهاية...
كتبوا الإجابة .. كتبوا النهاية ...
وتناسوا أن يسألونا...
عمّا كنّا ..
كنّا فى يومًا ما واحدًا ..
كنّا فى يومًا ما فكرة ..
كنّا فى يومًا ما لحنًا ...
كنّا وكنّا وكنّا...
كتبوا الحروف كل الحروف ....
وأضاعوا بهدوء ....
كل الحب الذي كان....
-أنا واحد من بين هؤلاء ..
يأتون ويرحلون ..
يعبرون خلال الزمن ..
يبعثرون الكلمات ..
ويملأون الهواء بأنفاسهم ..
واحد من بين هؤلاء الأحياء..
ولا بد من هدنة من الحياه ..
من كل الحياه ..
لابد منك أيها الموت ..
فأنت هدنة الحياه من الحياه ..
رحلوا ...
وأخذوا منّا كل الفتات ورحلوا ...
ويا حلم لا تسرق مني منامى ..
فى اليم البعيد تركت أشرعتى ..
وكل ما بقى منك شالكِ الفضى..
ورأيت هناك ذكر اليمام .. يئن
لا تنكسر يا أنا ..
رحلوا وتركوا كل الأراضى فضاء..
رحلوا وغابوا وسط الغيام ..
أتعلم يا أنا؟ لا باب هناك ولا شرفة ..
أتعلم يا أنا؟ لا صوت إلا صوت الناى الحزين ..
أتعلم يا أنا؟ .. القلب أصبح مهجور ...
ينقصى كل الحضور .. ولا أملك إلا الغياب ..
هذا غيابى أم غيابك؟؟
مَن منّا الغائب يا أنا .. أنا يا أنا أم أنت أنت يا أنا؟
والبحر لا موج له ..
بل كل الموج يرسم نداء استغاثه ..
هل من أحدًا هنا غيرى ؟؟
هل مزيد من الموتىَ أحياء ببحري؟