الأقباط متحدون - متى يبدأ الرحيل
أخر تحديث ٢٢:١٤ | الاثنين ٢٥ مارس ٢٠١٣ | ١٦برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٧٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

متى يبدأ الرحيل

بقلم مايكل فارس

معادلة(1) العطاء المطلق... لثلاثية المجتمع " الأفكار، الأشخاص، الأشياء" هي العطاء المطلق لفكرة إيجابية = هدف يتحقق، ولفكرة سلبية= انحدار للهاوية،  العطاء المطلق لشخص = آلم ورحيل،  العطاء المطلق لشئ = فشل

معادلة (2) الاحتياج والإهانة روافد الرحيل
معادلة (3)  في العلاقات الإنسانية" الوعي و التصريح ".. معيارين لتحديد الرحيل.
معادلة(4) العطاء المطلق لشخص، أشبه بجرعة أنسولين لمريض السكر- المتلقي -  اعتاد علي أخذها وإن نقصت  سيتعرض للألم ليتحول إلي " اللآخذ الباحث الغير مُثمن " .

ترددت في اختيار اسم المقال أو الخاطر إن صح التعبير هل "متى يبدأ الرحيل؟" أم " العطاء المطلق، واخترت الأولي لأني توصلت لقناعة جديدة في كتاب لتاريخ ملئ بالصفحات المتناقضة التي ملأت نقاطه السوداء أوراقه البيضاء ليضعها ورقة جديدة لصناعة مستقبل يبدو ذو ملامح مشوهة أحيانا، وهي أن العطاء المطلق هي نقطة بدء الرحيل -أستثني علاقة الأم بأولادها-

العطاء المطلق، أن تعطي بلا مقابل بلا حدود من احتياجك وليس من فراغك فما فائدة أن تعطي من فضلاتك، الأشرار يفعلون أيضا- إن كنت تعتقد في ذاتك أنك من الأخيار، ويبقى الفضل لمن يعطي من احتياجاته،  وقته ، وماله ، وجهده ، وفكره وليس من فوائضه فمن يعطي من الفائض  يظن خطأ أنه يعطي- ذلك حينما يحدث ذاته بأنه أعطي- ولكنه لن يفيق إلا برحيل أجزاء من دوائره الاجتماعية –أشخاص- ليسأل نفسه وإن كان صادقا مع ذاته سيدرك أنه أعطي من فوائضه لمن أعطوه من احتياجاتهم.

كان قديما يعتقد بالعطاء المطلق ولكنه أدرك من مهبه تجارب – وليست خبرات حياتية- أن العطاء المطلق هو نقطة بدء  فشل علاقة بين طرفين- صداقة أو حب أو زواج، تنتهي بالرحيل إما جسدا أو فكرا- قد تسمر العلاقة في مسماها ولكنها انتهت فكرا، ليستبدل المعتقد بالعطاء النسبي.
تبدأ العلاقة بين طرفي المعادلة( المعطي+ المتلقي) الأول يعطي والثاني يتلقي  وفي حال أنه أدرك وثَمن ذاك العطاء وبادله بنفس المقدار سوف تبدأ علاقة ، إنما إن تعامل – المتلقي- مع عطاء الطرف الأول  كأمر واقع مسلم به ، فهنا  نقطة بدء  انحدار للعلاقة التي ستنتهي بالرحيل حتما، ورحيله فكرا أشد من رحيله جسدا ، إذ أن العطاء في هذه الحالة  ليس إلا تعود علي شئ كحق مكتسب، وإن قل يتوتر- المتلقي - فالعطاء المطلق أشبه بجرعة أنسولين لمريض السكر- المتلقي-  اعتاد علي أخذها وإن نقصت  سيتعرض للألم،    لذا لابد وأن يأخذ جرعته ليحافظ علي توازن جسده، وإن رحل المعطي سيضطر المتلقي جبرا البحث عن بديل( شخص، فكر، شئ)  ليعطيه، فهو لم يثَمن المعطي السابق لذاته بل يُثَمن ما كان يحصل عليه من عطاء، ليصبح  " الآخذ الباحث الغير مثمن" أي  باحث دون تثمين يريد الأخذ مجانا.

متى يبدأ الرحيل....يعتقد وفق رؤية تجسد انطباع شخصي ، أن الرحيل له رافدين الاحتياج و الإهانة .
الاحتياج...ففي علاقة ما بين طرفين عندما لا يجد طرف احتياجاته النفسية أو الجسدية  في بعض الأحيان لدى الأخر يقرر الرحيل- فعليا  علي أرض الواقع أو فكريا-  وإن لم يدرك أن لكل إنسان لغة تعبيره الخاصة، فهو يرغب بالتواصل بطريقة تفكيره ولغات تعبيره الخاصة أيضا، لذا سينجذب لطرف يفتح عنان السماء للغته الخاصة، فطرفه القديم- علاقته السابقة- لا يجسد له تلك الاحتياجات بطريقة تعبيره التي يبتغيها.
كم من أحباء تناوبوا العشق والوَجد حتى سكرت أساريرهم، وإذ يفيقون من سكرتهم علي آلم الفراق والرحيل، لتصبح لحظات سعادة الماضي مصدرا لآلم المستقبل ... من المخطئ؟ ومن لم يدرك الخطأ؟ علي أيا منهما يقع عاتق مسئولية الفراق؟ من اتخذ قراره السلبي بالرحيل ليتخذ الأخر القرار الفعلي بالرحيل كرد فعل؟.

كم من أصدقاء ظنوا كل الظن أن الأرض خُلقت لتجمعهم دليلا وبرهانا علي  التوحد الفكري والوجداني ، وإذ بمجريات الواقع تلقي بأحلام الصداقة بأرض النسيان، وتمر السنون بأشخاص جدد ليدور الإنسان في فلك علاقات أخرى تحت ذلك المسمي- صداقة- ليتناوب المصطلح مع كثيرون ويقبع في ثنايا الفكر أن الكلمة فقدت معناها، فمن المخطئ ومن لم يدرك الخطأ؟ وعلي أيا منهم يقع علي عاتقه مسئولية الفراق؟
الإهانة....- استثني المنافقين- لكل منا حدود شخصية يرسمها في تعامله مع دوائره المجتمعية، المدرك لتلك الحدود يراها كأشعة الشمس قد يرى أن نظرة عين خبيثة كفيلة لإثارة غضب حدوده الشخصية والغير مدرك يتعامل بتلقائية وفق الحدث، وقد يري أن الإهانة تبدأ بشكل واضح وصريح مثل  الصوت المرتفع.

الخطأ و الإهانة...كلمات متداولة وأصبحت مشاع " الحرية مسئولية" أنت حر ما لم تضر"   منذ أن سمعها ويسأل ذاته ..من يحدد مصطلح " المسؤولية" ومن يقرر" الضرر" فالمصطلحين نسبيين؟، فلكل  منا يرى الضرر والحرية والمسؤولية  بأشكال مختلفة ،   فوفق رؤيته لخريطة الإهانة- النسبية- التي سيتبعها رحيل في العلاقات الإنسانية  وضع  " الوعي و التصريح " معيارين
لتحديد الرحيل.

الوعي.... وليس الإدراك أو التصور- فالوعي يحوي عقل الإدراك ومشاعر التصور معا، وعندما يصل الإنسان بقدر ولو بالقليل بأبجديات التعامل الإنساني إدراكا بعقله  وتصورا بمشاعره سيتجنب  إذاء الأخر فكرا وقولا وفعلا وفق رؤية الطرف الأخر للإيذاء،  وإن حدث سوف يعتذر، لو افترضنا طرفين إنسان واعي وأخر  لا – أو أقل منه وعيا – فمن سيتسبب في إيذاء الأخر؟، الأقل وعيا سيصدر إهاناته المتكررة دون وعي بأنه مصدر آلم  للأخر الذي سيلجأ للرافد الثاني قبيل الرحيل....." التصريح"

التصريح عندما يعلن شخص للأخر تلميحا و لفظا وصراحة أن ذاك الفعل يسبب له الألم وإذ بالأخر يتناوبه مرارا وتكرارا.. إذن  لا مجال للبقاء، ستتحول العلاقة لمصدر آلم والحل هو الرحيل  فهنا...." الرحيل حياة" "

ولا مجال لتغير سماتك الشخصية- أقصد المخطئ- لأجل أخر، فقم بتغيرها متى تعتقد أنها خطأ داخلي يحتاج لتقويم من أجل ذاتك ، فكل منا يتعامل مع  مجتمعه وفق تكوينه النفسي و الفكري ، وعلي أفراد المجتمع أن يقرروا القبول أو الرفض خاصة مع أولئك المتناقضون الذين يعيشون بسمات مزيفة لا تعكس شخصيتهم الحقيقة، أولئك الكذابون والمنافقون الذين اعتادوا ارتداء- ماسكات اجتماعية- ليختبئ خلفها فشلهم الذريع في عدم الصدق مع النفس والتصالح معها،  ولكن يعيها(إدراكا وتصورا)  شخص" مكتشف" اعتاد أن يرصد خفايا الغير معلن أمام الجميع.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter