الأقباط متحدون - ليلة تقطيع الأصابع
أخر تحديث ٠٠:٤١ | الخميس ٢٨ مارس ٢٠١٣ | ١٩برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٧٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ليلة تقطيع الأصابع

بقلم: إسماعيل حسني
لم يكن خطاب الرئيس مرسي في مؤتمر المرأة خطابا عاديا، بل كان خطابا تاريخيا أعلن فيه الرئيس عن بداية مرحلة جديدة من تقطيع الأصابع، وملاحقة السياسيين، وتكميم الإعلام الذي يراه سيادته مسئولا عما حل بالبلاد من مصائب.
 
والأكثر إثارة أن هذا الخطاب قد جاء على خلفية هجوم مليشيات الإخوان على متظاهري المقطم ثم محاصرتها لمدينة الإنتاج الإعلامي، مما يؤكد أن رئيسنا يقرن الأقوال بالأفعال، وأنه قد أعد للأمر عدته.
 
لقد قرر الرئيس مرسي ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين حسم الخلاف السياسي بينهم وبين قوى المعارضة ليس بعمل سياسي يحقق التوافق بين الأطراف على أهداف وطنية عامة ومحددة وإنما بحملة قمعية تسحق المعارضة وتفرض سياسة التكويش والتمكين بالقوة الجبرية.
 
وترتكز هذه الحملة على خمسة محاور رئيسية:
أولا: غطاء سياسي توفره مؤسسة الرئاسة.
ثانيا: غطاء تشريعي يقدمه مجلس الشورى
ثالثا: غطاء قانوني يقدمه وزير العدل والنائب العام الإخوانيين
رابعا: حملة اعتقالات يقوم بها وزير الداخلية
خامسا: هوجة حنابلة تقوم بها مليشيات الإخوان وجماعات الإسلام السياسي تشمل الاعتداء على المتظاهرين، وقتل وسحل النشطاء السياسيين، ومحاصرة الصحف والأحزاب ووسائل الإعلام لإرهاب الإعلاميين والسياسيين ومنعهم من مخاطبة الجماهير والتواصل معها.
 
إننا نتوقع أن تشهد شوارعنا في الفترة القادمة تكرارا لمشاهد مؤلمة عرفتها البشرية على أيدي الجماعات والأنظمة الفاشية على غرار هوجات الحنابلة في زمن المتوكل ومحمد بن عبد الوهاب، حيث كان الحنابلة ينتشرون في الأسواق، ويعتدون على علماء المذاهب الأخرى وأنصارهم، ويحاصرون بيوتهم، ويحرقون كتبهم، ويقتلونهم، و"ليلة تحطيم الزجاج" حيث قام الشباب النازي فى جميع أنحاء ألمانيا بتحطيم زجاج نوافذ بيوت اليهود وواجهات محلاتهم التجارية ونهب ممتلكاتهم وإحراق معابدهم، وما قام به الشباب الفاشي في إيطاليا من مذابح في الشوارع للمعارضين الشيوعيين والديموقراطيين والعمال المضربين.
 
وإذا كنا قد توقعنا هذا السيناريو وحذرنا منه كما توقعه كل قارئ للتاريخ وكل دارس لأفكار وتكتيكات التيارات والأنظمة الفاشية، فإننا كنا نتصور الإخوان أكثر ذكاءا من أن يبدأوا تنفيذ هذا السيناريو في الشهور الأولى لتوليهم مقاليد حكم البلاد، واعتقدنا أن حنكتهم السياسية سوف ترشدهم إلى تأجيل سياسة الأخونة الفجة حتى يتحقق قدرا من الإستقرار والتوازن في المجتمع.
 
ولكن يبدو إن الصفعة القوية التي تلقتها مليشيات الجماعة وحلفائها في جمعة رد الكرامة قد أفقدتها توازنها وباتت تخشى من ثورة شعبية عارمة تؤدي إلى تحرك الجيش لنزع السلطة منها ومن رئيسها، فقررت أن تلعب بالورقة الأخيرة، وهي ورقة القمع البوليسي التي هي في حقيقتها شهادة وفاة ليس لنظام الجماعة فحسب وإنما لأحلام تيار الإسلام السياسي بجميع فصائله في الوصول إلى السلطة في أي دولة من دول العالمين العربي والإسلامي.
 
لقد أضاعت الجماعة ورئيسها بالطمع والجشع والتعجل فرصة ذهبية يندر أن يجود الزمان بمثلها، ولم يعد أمامها للخروج من مأزقها بأقل الخسائر إلا أن تتراجع وتقبل بمشاركة حقيقية لكافة القوى الوطنية في إدارة شئون البلاد، وهو ما يعجز القائمون على أمورها من التكفيريين القطبيين عن استيعابه.
هل يعي الإخوان أن الشعوب إذا خرجت فإنها لا تعود حتى تنتصر، أم أن كل الطغاة لا يعون هذا الدرس إلا بعد فوات الأوان؟
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter