السبت ٣٠ مارس ٢٠١٣ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
ماجد سمير
انطلق صوت جرس عال أيقظني من النوم بعد عدد ساعات نوم قليلة قفزت من على السرير ونظرت من النافذة المواجة وجدت زحام شديد وعدد كبير من الناس يتحدثون في نفس الوقت فتصدر عنهم أصوات مزعجة جدا وكلمات غير مفهومة كأنهم آتون من كوكب زحل يتحدثون بلغة عجيبة لا علاقة لها باهل الارض ولغاتهم المتعددة.
ارتيدت ثيابي مسرعا بعد أن استخدمت أساليب الدراي كلين المتعارف عليها عالميا ومحليا، نظرا لإنقطاع الصديقة الحبيبة الكهرباء، التي يعلن غيابها عن توقف الحياة تماما في عمارتنا المكونة من احدى عشر طابقا نظرا لتوقف كلا من موتور المياه والمصعد ، نزلت على السلم عشرة أدوار، لدرجة اني خلال رحلة الهبوط الاضطراري من شقتي إلى الدور الارضي نسيت تماما السبب الأساسي لنزولي.
استمر صوت الجرس بمصاحبة الفرقة الماسية لكوكب زحل، ورغم الزحام شديد تمكنت من الوصول لاستكشاف الحدث الغريب ، يقف شخص ممسكا الجرس مستمر في قرعه بشكل متصل وهو يقول بدأت الكلمات تتضح أكثر: ألا أونا الا دوى الا تريس .
سحبت كرسي جسلت أتأمل الموقف الغريب اقترب مني صبي المقهي وضع أمامي ترابيزة صغيرة وقال : تشرب ايه يا أستاذ ...أجيب لك العناب بتاع كل مرة ، هززت رأسي مواقفا دون أن أفتح فمي، توقف حامل الجرس عن القرع للحظات لشرب ماء وقف خلالها أمامه عد كبير من الناس كلهم من الرجال فقط يرتدون ملابس داخلية ومنقسمون لفريقين الفريق الأول على اليمين باللون الأبيض والفريق الثاني على اليسار بألوان مختلفة.
كرر حامل الجرس عملية القرع مرة أخرى "ألآ أونا ألا ودوي ألا تريس" فتح المزاد معانا وبدأ يصف المنتج وعاد بلغة أهل كوكب زحل غير المفهومة ، وقرع الجرس من جديد فبدا الفريقين في التسابق للفوز بالمزاد بشكل شديد الحماس، أحضر الجرسون العناب ووضعه على الترابيزة أمامي وقال : أصل أحنا أجرنا الحتة دي للمزاد ..أهي سبوبة يا استاذ علشان العجلة تمشي شوية.
ابتعلت العناب تقريبا على مرة واحدة لدرجة أن الثلج كاد أن يقف في حلقي ويستبب في اختناقي، حماس الفريقين يزيد مع كل سعر إلى أن تمكن الفريق الملون من الفوز بالصفقة بعد ان حدد السعر المناسب لأصحاب المزاد. لمحني المعلم صاحب المقهى وسحب كرسي آخر وجلس بجواري وبعد حديث لم أسمع منه كلمة طلب لي مشروب آخر أحضره الصبي مع الشيشة الخاصة بالمعلم اعتدل في جلسته وسحب نفس طويل وقال وهو يخرج الدخان من أنفه وفمه : المزاد رسي على شركة الملابس الداخلية الملونة خلاص ياباشا بقيت رسمي ثورة كيلوتات.
نهضت من مكاني فجأة بعد سماعي من الملعم التشيبه الذي نقله الفنان باسم يوسف برنامج البرنامج، استأذنت منه واعتذرت عن المشروب الجديد، مشيت في الشارع بلا هدف عقلي يعمل بسرعة غير عادية اختزال الثورة في عملية البيرع في المزاد جاء في مضمونة، فعلا الثورة تم بيعها من اللحظة التي ترك فيها الثوار الميدان بعد تنحي مبارك للمجلس العسكري ، وبدء فصول المسرحية الهزلية بالمجلس العسكري فاستفتاء 19 مارس 2011 فالانتخابات البرلمانية فالرئاسية ثم الدستور والاستفتاء عليه، سمح الثوار للثورة أن يخطفها الاخوان وقنديلهم الذي طلب من الناس ارتداء ملابس داخلية قطن والجلوس في حجرة واحدة وأخيرا مظاهرة 6 ابريل أمام منزل وزير الداخلية حاملين ملابس داخلية ملونة، أفقت على عودة الأصوات مرة أخرى الفريق الملون الفائز في مسيرة صاخبة ويغنون اغنية شعبية قديمة " خدانها ....خدناها ...خدناها في الحاضر والماضي ....
والثائر بيتخانق و مش فاضي، تابعتهم حتى اختفوا على نظري وان استمرت اصواتهم في الوصول لمسامعي، الفريق الخاسر يقف من بعيد وعلى وجه الحصرة باكيا منكس الرأس ....وصلت أول الشارع بينما يسأل أحد المارين بجواري صاحب كشك السجائر الكائن على التقاطع مع الشارع الرئيسي هى ايه حكاية القرد والقراداتي اللي قالها الرئيس في خطابه دي ؟!