الاربعاء ٣ ابريل ٢٠١٣ -
١٣:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: ماجد سمير
"راحت تجيب طابع بوسطة" كان الرد الوحيد الذي يقوله "عطية" لكل من يسأله عن زوجتة أمينة وأين ذهبت رد تكرر في أكثر من مشهد في فيلم "الراجل دا هايجنني" بطولة الثنائي الكوميدي الذي لن يتكرر فؤاد المهندس وشويكار، ظل الرجل يجيب على السؤال سنوات طويلة نفس الإجابة دون تغير وبقناعة شديد لا يشوبها اي شك .
لم يياس عطية الرجل الطيب المسالم ولو ليلة واحدة من عودة أمينة كان يحضر لها كل يوم "البطاطا" المشوية فهو يعرف كم كانت تحبها ، كله أمل أن يجدها عادت للمنزل وفي كل مرة يبيت ليلته دونها وطفلته الجميلة التي خرجت مع أمها منذ سنوات طويلة بحجة شراء طابع البوسطة.
تذكرت الفيلم بكل تفاصيله بعد خبر سرقة كوبري المشاة الرابط بين سوق التوابل ومنطقة خان الخليلي تعجبت بشدة فحتى السينما بكل خيالها لم تفكر في أكثر من سرقة "وابور الزلط" في نفس الفيلم، والحادث الذي لايصدق، كان سبب ترك أمينة للمنزل لفقدها الأمل في إصلاح حال عطية واصطحابها لإبنتهما الوحيدة لأنها كانت ترى زوجها لن يكون الأب الصالح للتربية فمن يسرق منه "وابور الزلط" بكل ضخامته لايصلح لأن يكون رب أسرة، وعلى مدار السنوات ظل سيناريو الفيلم الذي كتبه السيناريست عبد الفتاح السيد وأخرجة عيسى كرامة عام 1967 مثال لخيال السينما غير الواقعي إلى شهد الشارع المصري حادث سرقة الونش الخاص بحفر مترو الأنفاق من ميدان رمسيس في ثمانينات القرن الماضي وتذكر الجميع الفيلم، متسآئلين إذا كان الفيلم سمح بسرقة "وابور الزلط" فالتعبير الدارج "المخرج عايز كدا" يحل المعضلة ، لكن كيف تمكن اللص أو العصابة الهروب بالونش من ميدان بحجم ميدان رمسيس في وسط القاهرة.
وعاشت مصر في سنة انتاج الفيلم وسرقة "وابور الزلط" نكسة عسكرية وسياسية واقتصادية أصابتها بدوار ، وغابت أمنية بين دورب الحياة باحثة عن طابع بوسطة وعن هوية في وقت تاهت فيه كل الجذور، وجاء الانفتاح الاقتصادي بثقافته الخاصة وطغيانها على المجتمع وتاجرت أمينة في كل شىء وأصبح لها بوتيكات ونست أن خروجها كان بسبب البحث عن طابع بوسطة، وفي حادث المنصة دق جرس جديد ينبىء بطغيان عصر وفكر جديد قديم يهاجر بالوطن عبر التاريخ وجاء عصر جديد برئيس جديد غنى له الكثيرين "اخترناه وبايعناه" وصقفقت أمينة مع المصفقين وهللت مع المهللين وزادت أصوات المعارضة صخبا وصرخت أصوات تقول كفاية ...لا للتمديد لا للتوريث لا لحكم العسكر، وتذكرت أمينة أنها خرجت من أجل شراء طابع بوسطة وصرخت ارحل ..ارحل
في الفيلم ظهر المنتج الذي قام بدروه الراحل محمود المليجي ، وبعد أن كان – المليجي في الفيلم - لايهتم "بعطية" وكثيرا مايهينه ويرفضه، قرر أن يتستغل علاقته القديمة بأمينة لانه يرى أن طابع البوسطة من حقه، وهو الوحيد الذي يجب أن يرث انتفاضة أمينة علها تجد طابع البوسطة خاصة بعد التنحي وتولي العسكر وغزوة الصناديق والانتخابات ..كل الخطوات تسير طبقا للخطة..في الفيلم فشل المليجي في سرقة أمينة من عطية أما في الواقع مازال المنتج هو البطل وهو المالك الوحيد لطابع البوسطة.