الأقباط متحدون - كَيفَّ يَكُون هَذَا؟
أخر تحديث ١٢:٥٧ | الخميس ٤ ابريل ٢٠١٣ | ٢٦برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

كَيفَّ يَكُون هَذَا؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
بقلم: ليديا يؤانس
المَشهَد يُصور مِرسال يَحمِلْ رِسالتِينِ مُفرِحِتيِن لِشَخصين مُختَلَفىِّ الجِنس والسِنْ والمَكَانة الإجتماعية وأيضاً مَكَان الإقامة. الرسالتين مِنْ شَخص ذو سُلطان وصَولَجان. الِرِسالتِين وإن كَانَتا كُل مِنهُما تَحمِل في طياتِها الإعلامْ والإلزامْ بالتنفيذ إلا أن الرَاسِل (صَاحِب السُلطان) أراد أن يَعرِفْ رَد فِعل كُلْ مِنْ الشَخصين.  المِرسال كان لَديهِ أمر بأن يذهب لِكُلْ شَخص على حِدة وفي مَكان إقامتهِ وأيضاً يَكون هُناك فَارِقْ زَمَنىِ حَوالى سِتة أَشهُر بين كِلا الرسالتين. 
زَمن الأَحداث يَرجِع إلى أيام هِيرودُس مَلِك اليهودية. ويُدعى هِيرودُس الكَبير وكان مَلِكاً على اليهودية في فترة مِيلاد يسوع المسيح. 
 
الرسالة الأولى كانت لِرَجُل مُتَقَدِم في السن إسمهُ زكريا وكان كَاهِناً لِلرب في مدينة يهوذا ومُتَزوج مِنْ إمرأة فَاضِلة مُتقَدِمة في السِنْ من أبناء هَرون إسمها اليصابات ولكنها كانت عَاقراً. زكريا وزوجته كَانَا بارينْ أمام الله.
الرسالة الثانية كانت لِفتاة عَذراء صَغيرة فَقيرة تَعيش في مَدينة فقيرة وضيعة تُسمى الناصِرة مِنْ منطقة الجليل. إسم الفتاة مريم وكانت مَخطوبة لِرَجُل بارْ يُدعى يوسف النجار من بيت داود.   
الراسِل هو السيد الرب الإله والمُرسَلْ هو الملاك جبرائيل الذى قام بتوصيل رسائل كلامية وليست كِتابية لِزكريا الكاهن والعذراء مريم. 
هَذا المَشهد مِنْ إنجيل مُعلِمنا (لوقا 1: 5-45)
 
ظَهَرَ الملاك لِزكريا وهو يخدم بالهيكل أمام مَذبح البُخور فأضطرب ووقعَ عليهِ خَوف.
ظَهَرَ الملاك لِمريم وَقاَل لَهَا "سلام لك أيُتها المُنعم عليها الرب مَعك مُباركة أنتِ في النساء" فأضطَرَبت وَفَكَرت ماعسى أن تكون هذة التحية.
قَاَل الملاك "لا تَخَفْ يازكريا" لأن طِلبتك قد سُمِعتْ.     
قَاَل الملاك "لا تَخافى يامريم" لأنكِ وَجَدتِ نِعمة عند الرب.
الملاك يُبَلِغْ الرِسالة الأولى: إمرأتك اليصابات سَتَلِد لَكَ إبناً وتُسَميه يوحنا. ويَكون لَكَ فرح وإبتهاج وكثيرون سَيَفرَحون بِولادته لأنهُ يَكون عَظيماً أمام الرب. خَمراً ومُسكراً لا يشرب. ومِنْ بَطن أُمهِ يمتلئ مِنْ الروح القدس. ويَرُدُ كَثيرين إلى الرب ويَتقدم أمامه بروح إيليا وقوته. 
الملاك يُبلغ الرسالة الثانية: هَا أَنتِ سَتحبلين وَتَلِدين إبناً وتُسمينهُ يسوع. هذا يكون عظيماً وإبن العلىّ يُدعى ويُعطيه الرب كُرسى داود أبيه. ويَملُُك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لِمُلكِهِ نهاية.
 
رد زكريا على رسالة الرب: "كيف أعلم" لأني أنا شَيخ وإمرأتي مُتقدمة في أيامها.
رد مريم على رسالة الرب:  "كيف يكون هذا" وأنا لَستُ أعرف رَجُلاً.
الملاك يُبلغ زكريا عِقاب الرب لهُ: ها أنتَ تَكون صَامِتاً ولا تَقدِرْ أن تَتَكَلمْ إلى اليوم الذى يَكونُ فيهِ هذا لأنكَ لم تُصَدِقْ كَلامي الذى سيتم في وقته. صَمَتَ الكاهن وصَمَتَ الملاك! 
الملاك يَرُدُ على إستِفسار مريم: الروح القُدس يَحِلُ عَليكِ وقُُوة العَلىّ تُظَلِلكْ فلِذلك أيضاً القُدوس المَولود مِنكِ يُدعى إبن الله. وإستكمل قائلاً: هوذا اليصابات نَسِيبتك هي أيضاً حُبلى بإبن في شيخوختِها وهذا هو الشهر السادس لِلمدعوة عَاقِراً لأنه ليس شئ غير ممكن لدى الله.  ردت عليه قائلة "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك." حينئذٍ تَركها الملاك.   
 
أحِبائي هُناك فرق بين إنسان وإنسان عند المواجهة مَعَ حَدَثْ قد يكون أكبر مِنْ تَوقعاته أو إمكانياته.  ولكن الأهم مِنْ هَذَا وَذَاكْ هُوّ رد فِعل الشَخص ليس إستناداً على إمكانياتهِ البشريةِ ولكن إستناداً على إيمانهِ في الإمكانيات الإلهية.  قد تكون عِندك مُشكِلة إِستِحالة في الإنجاب ؛ مرض خبيث ميئوس الشفاء مِنهُ ؛ أزمات مَالية تَعقَدت ولا تستطيع حلها بإمكانياتك البشرية ؛ مشاكل عائلية دمرت أفراد الأسرة ؛ أو يكون الرب إختارك من أجل رسالة لمجدِ إسمه.  ولكن الرب الذى يُحبك يَتَدَخَل في الوقت المُناسب وبطريقة لا يُمكِن تَوقعها لعمل اللازم مِنْ أجلك ومِنْ أجل مَلَكوته.  كيف سَيكون رد فِعلك؟  
 
ظهور الملاك لِزكريا جَعَلهُ يَضطرِبْ ويخافْ أما ظُهوره لِمريم جَعَلها تَضطرب وتُفَكِرْ وهذا هو الفرق بين إنسان وإنسان. عندما تُفكِرْ في أنهُ يُوجد إله قادر على كُلْ شَئ ؛ عِندَما تُفَكِرْ في أن الله أفكارهُ غير أفكارك وطُرِقهُ غير طُرقَكْ.  وعِندما تَثِقْ بأنهُ ليس شئ غير مُمكِنْ لدى الله حِينئِذٍ سَيَكُونُ رَدْ فِعلك "كَيف يَكُون هَذَا" كما قالت مريم وليسَ "كيف أعلم" كما قال زكريا.
 
زكريا الرَجُل البَار المُعَلِمْ لِكلمة الله شَكَ وَرَد بِعدم إيمان قائلاً "كيف أعلم" وكَثيِرين أيضاً بِالرغمِ مِنْ إيمانِهِم وقداستهم مُمكِن يُشُكوا في أن الله قادر على تغيير الأحداث بِصورةٍ غير مُتوقعة. 
 
شخص أُصيب بِمرضٍ خبيث والأطباء قالوا لهُ حالتك مَيئوسُ مِنها وسوف تَموت في خِلال شهر. كُلْ الكلمات المُشجِعة والصَلَوات والرجاء في عمل الله لمْ يُعطيه السلام الداخلى لأنهُ شك ورفض الإيمان بأنه قد تَحدُث مُعجزة شِفاء لِحالتهِ وقال "كيف أعلم؟" أن هُناك شِفاء والأطِباء والتقارير الطِبية قالوا كَلِمتهم.
مريم الفتاة الصغيرة المحدودة الإمكانيات آمنت ولم تَشُك في كلمة الله ولكنها سَألت "كيف يكون هذا؟" أى أنها تؤمن بما قيل لها ولكِنها تُريد تَوضيح كيف سَيكون هَذَا وخُصوصاً أن المرأة لاتحمل بدون علاقة جسدية وهي ليست تَعرِفْ رَجُلاً.  ونحن أيضاً يحق لنا أن نَقول "كيف يكون هذا؟" ليس لِلشَك في إمكانيات الله ولكن لكى نَقول نعم يارب المشكلة بِتفكِيرنا البشرى والتفسيرات العِلمية تَقول مُستحيل ؛ غير مُمكن ؛ ومِنْ الصعب حَل المُشكلة ولكن هل يَستحيل عليك شئ.
 
مُنذُ سنوات قليلة الرب وَضعَ على قلبي دراسة اللاهوت.  إلتحقتُ بإحدى الجامعات الكندية وبدأتُ في إعداد رسالة الماجستير والتى كانت تَستَلزِم دِراسة حوالى 30 مادة.  أول فَصل دِراسى أى أول سِيمِستر "Semester"  دَرَستُ مادة واحدة وكُنتُ أعمل في وظيفة بِمُرَتب بسيط لأنها ليست في مجال تَخَصُصي.  بِِنهاية السِيمِستر الأول إنتهت الوظيفة ولم يعد لي عمل ولا دخل.  مصاريف الدراسة ضخمة جداً وأيضاً مصاريف المعيشة عالية جداً. ماذا أفعل؟  قال لي أحد الأصدقاء رُبما الله لا يُريدك أن تَدرسى.  وكان رَدِي لهُ ورُبما يُريدني أن أتَفرغ لِلدراسة.  ركزت على الدراسة وكُلي ثِقة بِأن الذى بَدأ سَيُكَمِلْ.  الدراسة صعبة جداً وطبعاً بالإنجليزية وأيضاً لا توجد مصاريف لِلدراسة ولا المعيشة. كيف يكون هذا؟
 
أستمريت في الدراسة وكان أهم شئ عِندي أن أُُنهى الدِراسة بأسرَع وقت مُمكِنْ لِعدم وجود دَخل مادى لإنهُ بإطالة المُدة سَتزداد المصاريف.  بَدأت آخذ عدد أكبر مِنْ المَواد في السِيمِستر الواحِد ولكن هُناك قانون في الجامعة ألا تزيد عدد المواد عن أربعة في السِيمِستر الواحد الذى مُدته ثلاث شهور.
 
في يومٍ ذَهبتُ لِلدكتور المُشرِف على رسالتي وطَلبتُ مِنهُ المُوافقة على أن أدرس سِتة كُورسات (مواد) في السِيمِستر. الدكتور نَظَرَ إلي بإنزعاج وقال: كيف يكون هذا؟ أتُريدين أن تأخذى الماجستير في سنتين!  إذا كان المسيح بعظمتهِ تَلمَذَ تلاميذهُ في ثلاث سنوات ؛ أنتى تُريدين أن تأخُذى الرِسالة في سنتين!  كيف يكون هذا؟  نظرتُ لِلدكتور بِعيونِ مَلآنه بِالدموع وقُلتُ لهُ: أنت لا تَعرِفْ ظُروفي وما السبب الذى يدفعني لإنهاء الدراسة بهذة السرعة.  قال لي: لا أستطيع المُوافقة على طلبك.  نَظَرتُ إليه وبِكُلْ الثِقة في وعود الرب لي وقُلتُ لهُ: مُمكِن يادكتور تِسألهُ (أى الله) وتُصلي من أجلي! 
الدكتور وافق مُضطراً وكتب على الطلب "It is overloaded courses "  أى (مواد أكثر من اللازم) وقال لي:  أنا لَستُ مَسئولاً. فقلتُ له: الرب هُوّ المسئول! وأنهيت الدِراسة في سنتين ونصف في ظروف صعبة جداُ. كيف يكون هذا؟
 
أقولُ لَكُمْ..  لَستُ أنا بل هُوّ الرب لإن الغير مُستطاع عند الناس مُستطاع عند الله.
أحبائي لو عِندكم صبر وإيمان وثِقة في الله فإنهُ يستجيب لِصلواتكم ويُحقق وعودة في حياتكم بِطريقته وفي الوقت الذى يراهّ. 
أخيراً أحبائي أقول لكم: دَعّوا الأمر في يدْ مَنْ بِيدهِ الأمر.  

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter