الأقباط متحدون - ربط التصويت بالمؤهل العلمي
أخر تحديث ٠٠:٤٥ | الخميس ٤ ابريل ٢٠١٣ | ٢٦برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ربط التصويت بالمؤهل العلمي

بقلم إسماعيل حسني
لا شك أن النظام الديمقراطي رغم عيوبه الكثيرة يعتبر أفضل نظام عرفته البشرية للقضاء على الاستبداد، وتحقيق أوسع مشاركة شعبية في إدارة شئون البلاد، وتوفير أعلى درجة من الاستقرار والسلم المجتمعيين.
إلا أن الديمقراطية شأنها شان غيرها من النظريات السياسية والاجتماعية ليست قالبا جامدا أو مقدسا يرتبط بآليات أو طقوس محددة لابد من إتباعها حرفيا وإلا بطل مفعولها وانعدمت آثارها، بل هي نظام يقوم على أسس واضحة هي حكم الأغلبية، وفصل السلطات، والتمثيل النيابي، وتداول السلطة، ثم يترك آليات تحقيق هذه الأسس لتختلف باختلاف ظروف كل مجتمع على حدة.
 
وإذا كان التطبيق الديمقراطي كما حدده صمويل هنتجتون يعني اختيار أقوي صناع القرار الجماعي من خلال تنافس المرشحون علي أصوات الناخبين في انتخابات عادلة ونزيهة ودورية يحق لكل بالغ من أبناء الشعب أن يشارك فيها بصوته، فإن العملية الانتخابية إذا تمت في غياب الشروط التي حددها التعريف وهي العدالة والنزاهة والدورية تتحول إلى ديمقراطية شكلية، أو غزوة صناديق كما يراها أرباب تيار الإسلام السياسي.
 
إن عدالة العملية الانتخابية تقتضي أولا سلامة القاعدة الانتخابية، أي أن تتكون هذه القاعدة من ناخبين تتوفر لديهم مؤهلات ممارسة الحق الانتخابي، وعلى رأس هذه المؤهلات القدرة على القراءة والكتابة، التي تؤكد سلامة القدرات العقلية للناخب، وقدرته على التمييز والاختيار.
 
إن المشاركة في العملية الانتخابية كما هي حق لكل مواطن، فإنها أيضا واجب ومسئولية لا يجب أن يضطلع بهما من هو ليس مؤهلا لتحمل أعبائهما. فالمواطن الأمي لن يكون بمقدوره المفاضلة بين المرشحين على أسس عقلانية، ناهيك عن عدم استطاعته قراءة أسماءهم في استمارة الانتخابات والتصويت بشكل مستقل، فيكون هدفا لعمليات الغش والتدليس وشراء الأصوات، كما رأينا في جميع الانتخابات التشريعية والرئاسية التي شهدناها طيلة العقود السابقة.
 
وما نطالب به ليس بدعة في الديمقراطية، وليس فاشية كما يصفه بعض المشوشين، فلقد طالب به العديد من قادة الليبرالية وفلاسفتها منذ بداية التطبيق الديمقراطي في منتصف القرن التاسع عشر، وعلى رأسهم الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل، الذي طالب بضرورة ربط الحق في التصويت بالمؤهل العلمي، أو ألا يتساوى غير المتعلمين مع المتعلمين في عدد الأصوات، فيكون للأمي صوت مقابل صوتين أو ثلاثة للمتعلم. ولقد كاد الأمر أن يستقيم على هذا النحو لولا أن أنه تقاطع مع دعاوي عنصرية تطالب بحرمان النساء والسود وبعض الأقليات من التصويت، وإذ كانت الأمية أكثر انتشارا بين هذه الفئات، تعذر إقرار ربط الحق في التصويت بالمؤهل العلمي حتى لا يتخذ ذريعة لحرمان بعض الفئات من التصويت على أسس عنصرية.
 
ولما كانت الأمية في مصر تنتشر بين جميع الفئات الاجتماعية والطوائف الدينية فلن يكون لتطبيق هذا المبدأ أية أبعاد عنصرية، وسيتم تطبيقه على المسلم والمسيحي والرجل والمرأة والقاهري والسيناوي والنوبي على حد سواء، ومن ثم فلا يوجد مانع من إقراره بشكل فوري.
وإذا كان القانون المصري يقضي بحرمان المدانين في بعض الجرائم من مباشرة حقوقهم السياسية، فلماذا لا يتم إدراج جريمة التسرب من التعليم المنصوص عليها في القانون ضمن هذه الجرائم ؟ وإذا كنا لا نجادل في حرمان المواطن المريض أو ذو العاهة من أداء واجبه في الدفاع عن الوطن (التجنيد) أفلا تعتبر الأمية عاهة تستوجب حرمان المواطن من التصويت؟
 
إن الأنظمة المستبدة والفاشية تحرص على إبقاء الكثير من الفئات الاجتماعية خارج مظلة التعليم لأنها تعرف كيف تؤثر في هذه الفئات بالخطاب الديني المشعوذ لتسخيرها في تحقيق أهدافها السياسية.
إن ربط الحق في التصويت بالمؤهل العلمي بأية صورة يتفق عليها سوف يكون حافزا قويا للقضاء على الأمية في بلادنا، حيث يمكن للدولة إعلان مشروعا قوميا لمحو الأمية في عشر سنوات تساهم فيه جميع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي سيكون من مصلحتها محو أمية أنصارها من أجل تقوية كتلتها التصويتية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter