الأقباط متحدون - الشعارات الدينية واستغلالها في الممارسة السياسية
أخر تحديث ٠٤:٤٧ | الخميس ٤ ابريل ٢٠١٣ | ٢٦برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الشعارات الدينية واستغلالها في الممارسة السياسية


بقلم: د.عادل عامر 
أن استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية به شبهات مخالفة لنصوص موجودة في الدستور الحالي، حتى لا يستغل الدين في تحقيق أطماع سياسية. أثار القرار الأخير لمجلس "الشورى"،  الغرفة الثانية للبرلمان، حول إلغاء حظر استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية جدلاً في مصر. ".وكانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى قد ألغت، الأحد، فقرة "استخدام الشعارات الدينية من المادة 61 من القانون، والاكتفاء بحظر الدعاية الانتخابية القائمة على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، والنص على معاقبة من يخالف ذلك بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 10 آلاف جنيه
 
للان الزجَّ بالشعارات الدينية في تنافس حزبي غير مقبول. للان الإسلام جامع مشترك ولا يمكن السماح بتحويله لأداة لحصد أصوات انتخابية. كذلك الحملة المتوارثة تحت عنوان "استغلال الدين لأغراض سياسية" حملة تستغلّ السياسة لأغراض إقصائية، لا أكثر ولا أقلّ، ومن يمارس الإقصاء لأي طرف آخر، جدير بالإدانة والرفض.. وهذا ما يقول به السياسيين نظريا، والمفروض أن يطبّقوه على أنفسهم في التعامل مع الآخر، وليس على الآخر وهم يتعاملون مع أنفسهم فقط.
 
أشعر أننا نعيش عصر الإفلاس السياسي". لئن كانت مصر التي يفترض أنها رأس الحربة في الوطن العربي نحو التغيير تتعثر بهذا الشكل في مسيرتها نحو الديمقراطية، فبم يمكن أن نطالب باقي دول المنطقة؟ على الحركات الدينية المحافظة أن تنأى عن السياسة طالما أنها رسمت لنفسها طريق المعتقدات، فلن يسمح لها أحد بالوصول إلى سدة السلطة إلا إذا كان لخراب بلداننا تمامًا واتخاذ ذلك ذريعة لاحتلال مباشر إن خلط الدين بالدولة متذرعين بحجج تاريخية لا يتماشى مع القرن الحادي والعشرين، فكفانا دمارا وخرابا باسم الدين وتشويها لديننا بعد تسييسه. 
 
أنَّ الشعب علم هوية كل حزب وماذا يريد، وماذا يتبنى من سياسات، أخشى أن يظن الشعب أنه لو اختارك فسوف تنسى أن توظفه وتطعمه وتُؤويه وتقيم له منظومة العدل والأمن، لا تلم إلا نفسك إن لم تقتنع أن الأمة الآن بحاجة إلى برامج حقيقية وكفاءات صادقة لتنفيذ البرامج. أننا نعيش عصر الإفلاس السياسي، الذي يدعي فيه كل واحد منا أنَّه الأقدر والأصلح والأكفأ، فإذا جاء وقت الجد والعمل وإظهار ما تستطيع أن تقدمه بصدق لأهل هذا البلد العظيم وشعبه الطيب، فوجئنا بمن ينادي بالعودة للشعارات". يبدو أن حركات الإسلام السياسي في مصر وتونس تسير علي الطريق نفسه في التلون بإشكال مختلفة حسب متطلبات كل مرحلة.
 
كما حدث في السودان، فبعد أن بشر حزب "الحرية والعدالة" في مصر الذي تكون كجناح سياسي لحركة "الأخوان المسلمين" بمباركة أمريكية ببرنامج " مشروع النهضة" وبعد تجربة أكثر من 3 شهور لوصول مرسي لمنصب رئيس الجمهورية ، يصرح خيرت الشاطر القيادي بحركة الأخوان المسلمين بأنه "لايوجد برنامج واضح ومحدد للنهضة". وبعد أن اعترض "الأخوان المسلمون" في مجلس الشعب السابق علي قرض من صندوق النقد الدولي بفوائد ربوية، يعودون الآن ليقبلوا بقرض الصندوق الأخير بفوائده والذي يقدر ب 4,8 مليار دولار، ويجيزون القروض الربوية بمنهج "الضرورات تبيح المحظورات"، وتواجههم مشاكل العطالة وتوفير احتياجات الجماهير الأساسية في التعليم والصحة والخدمات ويعجزون عن حلها. كما دار جدل في الكونغرس الأمريكي احتجاجا علي دعم الرئيس اوباما حملة مرسي الانتخابية بمبلغ 50 مليون دولار. وبالتالي يسيرون في طريق التنمية الرأسمالية نفسه الذي كان سائرا فيه نظام مبارك والذي قاد إلي الأزمة التي فجرت الثورة المصرية.
 
 الشيء المؤسف في تاريخ البشرية إن كثيراً من حلقاته تكاد تتشابه ولكن الشعوب والمجتمعات لا تتعلم من غيرها، كأن هناك جينات خبيثة تجبرها على دفع الثمن الباهظ الذي دفعته شعوب ومجتمعات أخرى حتى تصل إلى نفس النتيجة. سوف نصل إلى فصل الدين عن السياسة في هذه المنطقة من العالم. لأن ذلك الفصل هو الوحيد الذي سوف يوفر حياة عادية للناس من دون إراقة دماء وإقصاء. لكن السؤال كم من الزمن نهدر وكم من الجهد سوف نستنزف حتى نصل إلى نتيجة معروفة سلفاً؟ 
 
  "كان شعار شباب ألمانيا بعد دمار بلادهم في الحرب العالمية الثانية: (العمل أو الموت)، وهكذا تكون ريادة الأمم".أنه لابد من عرض قانون الانتخابات البرلمانية ومباشرة الحقوق السياسية على المحكمة الدستورية العليا لكي تبدي رأيها بطريقة مسبقة ما إذا كان هذا القانون موافق للدستور أم لا. أن عرض قانون الانتخابات البرلمانية على المحكمة الدستورية العليا سينتج عنه اعتراض المحكمة على استخدام المسائل الدينية في الدعاية الانتخابية، أن أغلبية أعضاء مجلس الشورى مصرون على تدمير سواعد الحياة السياسية في مصر وعلى إشعال الحرائق في الشارع السياسي المصري. إقحام الدين، الذي يسمو بقيمه وتعاليمه، والذي أتى لكي يُنظِّم الحياة البشرية على وجه هذه البسيطة، والذي يَحثُ على مكارم الأخلاق، إقحامه في لعبة "السياسة" هو من أخطر الأمور لانعكاسها سلبًا على الدين. فأُسس الدين ثابتة لا تتغير وأتى للمحافظة على الضرورات الخمس (العقل والدين والعرض والنفس والمال) في حين السياسة متغيرة وتحكمها مصالح الأنظمة والحكومات والدول ونشبهها بالضبط مثل النظام الاقتصادي الذي يخضع للعرض والطلب. هذا هو الفارق بين دين يجب أن يحترم وسياسة يجب أن نتعامل معها بحذر كونها تخدم مصالح الدول وتوجهاتها، وليس كالدين الذي يخدم كافة البشر ومصالحهم. ما نريد قوله إن بعض الدول وتحديدًا إيران كلما أتى موسم للحج نجد بعض حجاج إيران بإيعاز من الملالي والآيات في طهران يحاولون إفساد هذا الموسم وهذه الشعيرة على حجاج بيت الله العتيق وهو الركن الخامس من أركان الإسلام "حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا"..
 
 نقول يحاولون إفساده على المسلمين القادمين من كل فج عميق. حجاج يأتون من جميع أصقاع الأرض يتركون الولد والأهل والغالي والنفيس بل والبعض منهم يدفع تحويشة عمره من أجل أداء مناسك الحج بكل يسر وأمن وطمأنينة ثم يأتي من يأتي لإفسادها عليهم بشعارات سياسية زائفة فارغة وبغوغائية دخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية. دفعت الإسلاميين إلى الظهور السياسي العلني وأتاحت أمامهم الفرصة لإعلان برامجهم، والكشف عن هويتهم والبدء في ممارسة دورهم السياسي وفق الأنظمة المشرعة للعملية السياسية، دون خوف ولا تهديد، وأعتقد جازماً أن ممارستهم السياسية، والاحتكاك الإيجابي والسلبي مع نظرائهم من الأحزاب والتيارات الليبرالية والعلمانية وغيرها ستصقل تجربتهم وسترشد خطاباتهم تجاه الآخرين وترشد خطابات الآخرين تجاههم، وتجمعهم للعمل المشترك الذي تتسع مساحاته للنهوض بمصر واستعادة دورها الريادي في العالم العربي والعالم أجمع".
 
الصبر على الهوى أشق من الصبر في المعركة وأعظم أجراً، فالشجاع يدخل المعركة يمضغ في شدقيه لذة الظفر، فإذا حمي الوطيس نشطت نفسه وزغردت، والمؤمن وهو يصارع هواه يتجرَّع مرارة الحرمان فإذا صمّم على الصبر ولَّت نفسه وأعولت، والشجاع يحارب أعداءه رياءً وسمعة وعصبية واحتساباً، ولكن المؤمن لا يحارب أهواءه إلا طاعة واحتساباً.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter